فى الماضى كنا نطلق على مستشفى الأمراض العقلية اسم المورستان.. وكان هذا الاسم يدخل الرعب فى قلوب الصغار.. والأسى فى نفوس الكبار على أناس أبرياء ابتلاهم الله فى أعز ما يملكون.. العقل البشرى.. وكنا ونحن صغار نرسم فى أذهاننا صورة لمجتمع المورستان.. فكنا نراه مجتمعاً بلا عقل.. بلا قانون.. بلا أى إدراك.. يتقاتلون.. يتصارعون.. يقتل بعضهم بعضاً بلا سبب.. إزعاج وضجيج.. باختصار مجتمع البقاء فيه للأقوى.. هذا ما كنا نتخيله بعقولنا الصغيرة من دولة المورستان. والآن انظر معى بإمعان إلى حال دولتنا منذ جاءها «مورسى» وجماعته ستجد أنها بالفعل تحولت إلى دولة مورستان بكل ما تعنيه الكلمة من معان. فقد أصبحنا مجتمعاً بلا قانون.. تحكمه شريعة الغاب.. كل فرد أو جماعة يفعلون ما يحلو لهم.. دون خوف من عقاب أو حساب.. قطع الطريق أصبح موضة.. حصار المؤسسات.. بات واجباً شرعياً.. الكل يطارد الكل.. الجميع يخون الجميع.. السب والقذف أصبح دستور البلاد التوافقى.. لا احترام لكبير.. لا رحمة على صغير.. غابة يأكل فيها القوى الضعيف. الأوباش.. أصبحت لهم الكلمة العليا فى البلاد يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامى ويروعون الإعلاميين الشرفاء، ويعتدون على الأبرياء.. لا مانع يحاصرون المحكمة الدستورية العليا.. وهى أعلى محكمة فى البلاد.. ويهينون مستشاريها، بل وصل بهم الحد للبصق على سيارة رئيس المحكمة، وإهانته بالسب والشتم.. دون أن يردعهم قانون أو عقاب يحرقون مقار الأحزاب.. ويعتدون بوحشية على رموز المجتمع.. باختصار أصبحت البلطجة شعار الدولة.. وأصبح العنف أبرز سمات دولة مورستان.. حتى دب الرعب فى قلوب الناس.. فأصبحوا يخشون على أنفسهم وأولادهم من الخروج نهاراً أو ليلاً بعد انتشار جرائم الخطف والاغتصاب وترويع الآمنين بالسلاح الآلى. باختصار هذا حال دولة مورستان بعد أن تولى زمامها فى يوم أسود محمد مرسى وجماعته.. فهل ترون فرقاً كبيراً بينما صورة المورستان التى كنا نتخيلها ونحن صغار.. ودولة مورستان التى نعيش فيها الآن؟ القاسم المشترك بين الدولتين هو غياب العقل.. وافتقاد الحكمة.. ونقص الإدراك. أما الاختلاف الذى أراه الآن فهو غياب الضمير.. وسيادة روح شريرة على الفئة الحاكمة حتى تحولت من جماعة دموية إلى عصابة دموية، تتعطش للدم البشرى.. وتصاب بالسعار بمجرد تذوقه تماماً كأسماك القرش.. قتلوا أولادنا أمام الاتحادية بلا رحمة ولا شفقة.. قتلوا الحسينى.. الصحفى الشاب الذى حاول أن يفضح جرائمهم.. تكالبوا عليه وهو يصارع الموت لانتزاع كاميرته التى تحمل دليل إدانتهم.. فأصبح المسكين يصارع وحشين فى آن واحد الموت.. وعصابة سرقة الحياة.. وفى النهاية استسلم الحسينى للموت.. لعله يجد فيه الرحمة من وحوش بنى البشر. والآن وبعد أن ترسخت أقدام الطغاة، وبعد أن صنعوا لأنفسهم عرشاً وقلعة.. فهل يعنى ذلك أن نستسلم.. وأن نقف مكتوفى الأيدى أمام الاغتصاب الجماعى الذى تتعرض له مصر كل يوم على أيدى هؤلاء. لا والله.. فمصر التى هزمت أعتى الطغاة، وأشرسهم ودفنتهم فى أرضها، لن تعجز أبداً عن دحر عصابة الحكم ووضعهم فى أقفاص المحاكمة.. لقد تخيل الديكتاتور المخلوع أنه ونظامه أسد جسور، فإذا بالشعب المصرى يحوله إلى قطة جرباء ويضعه داخل قفص المحاكمة هو وعصابته.. فهل تتعظ الجماعة التى تحكم.. لا أظن أبداً.. لأن الطغاة لا يقرأون التاريخ.. ولا يفهمون دروسه وعظاته.. وهذا ما يسهل لشعوبهم.. القضاء عليهم وسحلهم.. إذن هى نعمة من الله ألا يقرأ الطغاة التاريخ ولا يفهمون معناه.. فانتظروا منا الكثير.. فمصر قد تضعف.. ولكنها أبداً لا تموت.