"العدل" يعقد اجتماعًا تنظيميًا لبحث استعداداته النهائية لانتخابات النواب    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بخريجي برنامج إعداد القيادات    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    بحضور المتحدث الرسمي للخارجية.. مناقشة "السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية" بجامعة بنى سويف    الذهب يواصل التراجع من ذروته القياسية وسط موجة بيع لجني الأرباح    أسعار الفراخ اليوم وقعت.. التسعيرة الجديدة هتفرحك    ارتفاع الصادرات غير البترولية لمصر إلى 36.64 مليار دولار خلال 9 أشهر    اعتماد المخطط التفصيلي لمنطقة الفيلات «V26» بمشروع مدينتي بالقاهرة الجديدة    وزير المالية: نتطلع للتمثيل العادل للدول الأفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    وزير الخارجية الأسبق: قمة بروكسل تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية    محكمة العدل الدولية تصدر اليوم حكما تاريخيا بشأن غزة    الكنيست يناقش اليوم مشروع قانون فرض السيادة على الضفة الغربية    عاجل- وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى إسرائيل غدًا في زيارة تستغرق 48 ساعة    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الاتحاد السكندري في دوري نايل    موعد مباراة ريال مدريد ويوفينتوس في دوري الأبطال والقنوات الناقلة    حسن موسى يكشف سبب استبعاد بعض الأعضاء من التصويت ويوضح مستجدات ملعب الزمالك    «الصحة» و«مكافحة الإدمان» يفتتحان قسمًا جديدًا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    وفاة وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالشرقية    طريقة التقديم لحج الجمعيات الأهلية.. اعرف التفاصيل    ضبط 98314 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    حبس الطالب المتهم بقتل زميله بمفك فى الرأس فى الدقهلية 4 أيام    القبض على سائق قتل طليقته أمام نجلها في السادات بالمنوفية    خبير أثري: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني يؤكد عبقرية الإنسان المصري    رئيس الوزراء: ندعم الدور المحوري لوزارة الثقافة    مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة صمام أمان لوحدة الأمة وحائط صد ضد التطرف    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    وزير الصحة يبحث مع نظيره السوداني مجالات دعم مكافحة الأوبئة والطوارئ    تعليم المنوفية تكشف حقيقة غلق مدرسة الشهيد بيومي بالباجور بسبب حالات الجدري المائي "خاص"    27 ألف مريض تلقوا الخدمات الطبية بمستشفيات جامعة بني سويف في أسبوعين    القائم بأعمال عميد طب طنطا يترأس الجلسة الأولى لمجلس الكلية بتشكيله الجديد    «التأمين الشامل» تعلن توسّع شبكة مقدمي الخدمة الصحية في جميع المحافظات    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا اليوم الاربعاء 22أكتوبر 2025    المتحف المصرى الكبير.. تحفة معمارية تبث الروح العصرية فى الحضارة الفرعونية    الأوكرانيون يستعدون لشتاء آخر من انقطاع الكهرباء مع تغيير روسيا لتكتيكاتها    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    فياريال ضد مان سيتى.. هالاند يقترب من معادلة رقمه القياسى    اليوم.. النطق بالحكم في استئناف البلوجر كروان مشاكل على حبسه عامين    إتاحة خدمة التقديم لحج الجمعيات الأهلية إلكترونيا    السلام من أرض السلام    أجيال قادرة على حماية الوطن    طبول الحرب تدق مجددًا| كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا باتجاه البحر الشرقي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته ال17 ل زياد الرحباني    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    جيهان الشماشرجي تكشف علاقتها بيوسف شاهين ودور سعاد نصر في تعرفها عليه    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عطاء الله مهاجرانى يكتب :الشريعة ورابعة العدوية
نشر في الوفد يوم 24 - 12 - 2012

عندما كنت أطالع الأخبار وجدت خبرا عن تجمع عدد كبير من مؤيدي الشريعة أمام مسجد رابعة العدوية، وهو ما أثار تساؤلي عن العلاقة بين الشريعة ورابعة العدوية. كانت رابعة متصوفة شهيرة وامرأة أوتيت الحكمة.
عندما نقرأ أقوالها وأشعارها يطالعنا شخص يستطيع النظر إلى أي ظاهرة من منظور مختلف. يقول ابن الرومي إن العارف بالله يستطيع أن يرى الظواهر الخفية. ويقول رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم): «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله». وأورد هنا على سبيل المثال قولين من أقوال رابعة العدوية:
رُوي أن سفيان الثوري قال بحضرتها: «واحزناه». قالت: «لا تكذب وقل واقلة حزناه».
وقال ابن الجوزي: «كانت رابعة فطنة، ومن كلامها الدال على قوة فهمها قولها: (أستغفر الله من قلة صدقي في قولي.. أستغفر الله)».
لقد كانت رابعة قطبا من أقطاب الصوفية. إن الشريعة هي علم الظاهر. كيف لنا أن نفسر التناقض الكبير بين الشريعة والتصوف؟ من الواضح أن احتشاد السلفيين والإخوان المسلمين أمام مسجد رابعة العدوية في القاهرة كان أمرا غير مقصود، لكنني أريد أن استغله كفرصة للحديث عن الشريعة والصوفية.
إن جوهر الأديان الإبراهيمية هو الإيمان، لكن بعد عصور النبوة وظهور اليهودية والمسيحية والإسلام تحول جوهر كل ديانة من تلك الديانات الثلاث من الإيمان إلى الفقه. وبدأ الأحبار والقسيسون ورجال الدين يضطلعون بدور حيوي في مجتمعاتنا. وباتوا يرددون على مسامعنا أن تفسيرهم للكتاب المقدس هو الحقيقة المطلقة ولا يمكن لأحد أن يعارضهم. على سبيل المثال في الديانة المسيحية تذكرنا ملابس البابا ونمط حياته والقلاع بالإمبراطور الروماني، وليس المسيح عليه السلام. إن المسيح كان رمزا للإيمان وطيبة القلب، لكن الكنيسة كمؤسسة غيرت هذه الصورة وهذا النمط، خاصة عندما قبضت على مقاليد السلطة. ويوضح هذا كيف أصبحت السلطة بعد زمن المسيح هي جوهر الدين، وباتت مهمة الفقه الأساسية هي تبرير أفعال السلطة.
لدينا دولة دينية فريدة هذه الأيام تقوم على أساس الفقه الشيعي في إيران، إنها تسمى ولاية الفقيه التي تستند إلى فرضية أنه نموذج الحكم الشيعي. ويبدو أننا إزاء نموذج مختلف في مصر يمكن أن نطلق عليه النموذج السني. وصف طارق الحميد الطريقين في أحد مقالاته، حيث ذكر أننا نواجه المرشدين في قم وفي الأزهر. العامل المشترك بين هذين الاتجاهين هو مفهوم الإسلام السياسي. السؤال الأساسي المطروح حاليا هو: كيف يمكن للإسلام السياسي حل الأزمة التي تشهدها إيران وتلك التي تشهدها مصر؟ بمعنى آخر، هل الإسلام السياسي هو الحل؟ نحن نتذكر كيف رفع «الإخوان المسلمون» شعار «الإسلام هو الحل» على مدى العقود الثمانية الماضية. ومع ذلك لم يركزوا خلال الربيع العربي في مصر على هذا الشعار التاريخي فحسب، بل أيضا وعدوا بعدم ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لأي فرد من أفرادها للرئاسة.
لقد كانت لدينا تجربة مماثلة خلال الثورة الإسلامية في إيران. عندما كان آية الله العظمى الخميني في باريس وعد بأنه سيعود إلى قم بعد الإطاحة بالشاه، مؤكدا أنه ليس سوى رجل دين عادي، لكن رويدا رويدا بدأت المساحة المخصصة للآخر تنكمش في إيران. حتى آية الله العظمى منتظري ظل رهن الإقامة الجبرية لأكثر من خمسة أعوام بعد انتقاده للقيادة الإيرانية. وأكدت حفيدة آية الله الخميني، نعيمة إشراقي، مؤخرا غياب الحرية والعدالة في إيران خلال مقابلة أجرتها مع صحيفة «ديلي تلغراف». وأوضحت أنه يوجد مناخ أمني في إيران لا يوجد في أي مكان آخر. وقالت: «لست قلقة فقط من أن تدق قوات الأمن باب داري يومًا ما، بل أيضا أنه من الممكن جدًا أن يحدث ذلك، وحينها لن أكون مختلفة كثيرًا عن العديد من المفكرين الأحرار البارزين الآخرين في بلدنا ممن انتهى بهم الحال في السجن».
إن هذا لهو دليل آخر حديث يوضح طريقة الحكم التي يتبعها نظام الحكم الديني الذي يزعم أنه قادر على إقامة الجنة على الأرض. استنادا إلى التجربة التاريخية، ليس فقط في التاريخ الإسلامي، بل أيضا في تاريخ المسيحية واليهودية، فإنه عندما يختلط الدين بالسياسة تختفي الحرية والعدالة والسعادة في النهاية. ويوضح لنا تاريخ الفكر والأفكار أن لمصر تجربة ثرية في ما يتعلق بالعلاقة بين الشريعة والسياسية. من ذا الذي يستطيع أن ينسى تعاليم الإمام الشهير محمد عبده لتلاميذه؟ ويروي رشيد رضا في كتابه «حياة سيدنا» القصة حيث يذكر أن محمد عبده قال: «لعن الله السياسة وساس ويسوس وسائس ومسوس، وكل ما اشتق من السياسة، فإنها ما دخلت شيئا إلا أفسدته». ومن الواضح أنني في الوقت الذي لا أتفق فيه مع هذه النصيحة المبالغ فيها، أعتقد أن جزءا منها صحيح وواقعي. إن أسوأ وهم هو الاعتقاد الغريب بأن الحاكم لا بد أن يكون مرهوبا. ويقول الشيخ محمد عبد المقصود: «من أهان مرسي أهانه الله».
يُقال في إيران إن كلمات المرشد الأعلى هي كلمات الله، وإنها في منزلة الوحي من الله. إن كلماته وأوامره فوق القانون بما في ذلك الدستور. هذه هي التجربة الإيرانية. لذا أعتقد أنه شتان ما بين رابعة العدوية ومرسي؛ وبين الشريعة والصوفية. ربما يكون الأمر كما قال الشيخ يوسف القرضاوي: «أنا شخصيا أدعو إلى (تسليف الصوفية) و(تصويف السلفية)، فالمتصوف يأخذ من انضباط السلفية في عدم الأخذ بالأحاديث الموضوعة وعدم الأخذ بالشركيات والقبوريات، ونريد من السلفي أن يأخذ من الصوفية الرقة والروحانية وخشوع القلب ونعمل من هذا المزيج المسلم المطلوب».
أعتقد أن الأمر الأهم هو الاستقامة والأمانة في التعامل مع الناس وعدم التلاعب بمعتقداتهم. إنه تحد كبير بالنسبة للسياسيين المنتمين إلى التيار الديني. عندما كنت صغيرا درسنا أن «كل شيء جاوز حده انعكس إلى ضده».
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.