الشيخ المحلاوى «إمام مناضل» وقف أمام حاكم جائر وقال كلمته.. التى كلفته حريته وأمنه وحرمته من منبره ولقاء عشاقه.. كل ذلك يعلمه القاصى والدانى فى مصر.. لهذا لا يستطيع أى منصف أن يتجاهل كفاح الرجل ونضاله.. لهذا شعرنا بالأسى والأسف على ما حدث للرجل من حصار وما لحقه من إهانة.. لكن احترامنا وتقديرنا للشيخ لا يمنعنا على الإطلاق من أن نقف أمام الشيخ ونقول له «لقد أخطأت يا مولانا». فمنابر المساجد لم تخلق قط للتناحر والتقاتل والدعاية لفصيل سياسى على حساب آخر.. منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لم يصنع ليكون منصة لإطلاق الصواريخ.. وإهانة البشر.. فلك الحق يا مولانا فى أن تؤمن بما تشاء من رؤى وأفكار.. لكن عندما تصعد على المنبر المقدس.. فكلماتك محسوبة.. ولفتاتك مرصودة.. فالقلوب تفتح أبوابها لكلماتك.. والأسماع تتلهف لحروفك فلا تلوثها يا شيخنا بالسياسة وتناحرها وتنابذها. فالدين يا شيخنا يجمع البشر ولا يفرق بينهم، ولا علاقة بين قول نعم أو قول لا.. ورضاء الله أو عصيانه.. فمن يقول «لا» لا يهدف إلا لمصلحة بلده وأمته، ومن يقول «نعم» فهو يرى فيها خلاص الأمة واستقرارها، فلماذا أقحمت الدين فى هذه المسألة وغيرها؟! لقد سعدت عندما قرأت على لسانك فى مؤتمرك الصحفى: إنك قلت «أشكر الأخوة الليبراليين» فقلت فى نفسى ونعم ما قال الشيخ.. هكذا يكون الإسلام وسماحته ونبع حنانه، لكنك أكملت جملتك قائلاً أشكرهم لأنهم وحدوا الإسلاميين على قلب رجل واحد!! فانطفأ نور الفرحة فى قلبي، وشعرت وكأن شيخنا قد رشق خنجراً فى صدرى، لأن النصف الآخر من جملتك جعلته سيفاً يمزق وحدة الأمة، وجعل من الإسلام فى نظر البعض دين الكراهية والبغضاء ووقوداً للأحقاد والكراهية - حاشا لله أن يكون ديننا الحنيف بهذه الصورة.. لكنك يا سيدى لا تتكلم باسم نفسك، ولكنك تحمل راية الإسلام فوق رأسك، وفى قلبك.. فهل يليق بمثلك أن يفعل هذا، وماذا سيكون سلوك باقى الأئمة مجهولى النسب والهوية يا مولانا وشيخنا، هل أخبرك عن حالتى فى صلاة الجمعة الماضية، وأنا أؤديها بأحد مساجد المعادي، وقبل أن أهم بالسجود فى الركعة الثانية فإذا بإمام المسجد يرفع يديه للسماء ويبتهل بالدعاء.. اللهم أهلك الليبراليين وأذنابهم العلمانيين.. اللهم فرق شملهم.. اللهم يتم أطفالهم.. اللهم خلص البلاد والعباد منهم»!! بالله عليك يا مولانا ماذا تفعل لو كنت مكاني.. وأنت تسمع سبك بنفسك.. من إمام جاهل أحمق لا يفهم الفارق بين الليبرالية وأوراق الملوخية.. ماذا تفعل يا سيدى فى شخص استغل ثقة الناس فى خطباء المنابر ليلوث أسماعنا ويفسد صلاتنا بجهله وضلاله. فتذكر يا سيدى الفاضل أنه إذا كان لليبراليين شيخ وإمام فلن يكون هذا الرجل إلا محمد رسول الله خير خلقه، الذى وضع أعظم دستور بشرعية من الكون بمجرد أن وطأت قدمه المدينة.. دستوراً يضمن حق المسلم والمسيحى واليهودى وكذلك الوثنى فى أن يعبد وثنه وما يراه.. فهل هناك ليبرالية واحترام لحق الاختيار والاعتقاد أكثر من هذا الرجل العظيم، فالليبرالية يا أسيادنا لا تعنى أبداً إباحة الشذوذ والدعوة لعبادة العجل والأوثان كما يفهم العوام وتضحكون على عقولهم وإدراكهم.. فالإسلام نفسه يضع أعظم قاعدة لليبرالية فى العالم عندما يقول أنت حر.. فيما لا يضر.. وأيضاً من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. هل هناك احترام للعقل البشرى والإرادة الإنسانية أكثر من هذا. يا شيخنا.. عد إلى صوابك.. احترم تاريخك.. فانت لدينا صاحب مقام وقيمة.. لا يختلف عليها ليبرالى أو علمانى أو أى مدرك لأقدار الرجال.