يقال إن اينشتاين سأل مرة صديقا: ماذا تقول في انفاسك هل هي حارة أم باردة؟.. فرد الصديق قائلا: إنها حارة.. فقال اينشتاين ولكنك تنفخ في الحساء حتي يبرد.. ففكر الصديق لحظة وقال معك حق، فإن النفس بارد.. وقال اينشتاين ولكنك تنفخ في يديك لتدفئهما.. وفكر الصديق قليلا وقد تملكته الحيرة فقال له اينشتاين: «ان النفس بارد بالنسبة للحساء وحار بالنسبة الي اليدين.. فالمسألة ليست في النفس ولكن في نسبته الي الاشياء». وحقيقة الأمر أن ما قاله اينشتاين بخصوص الحار والبارد يتوافق مع سياسة الدكتور مرسي ولكن مع اختلاف الرؤي والمفهوم. مفهوم اينشتاين كان علميا منضبطا.. اما مفهوم الدكتور مرسي فقائم علي مصلحة حزبه وجماعته ومشروعها بغض النظر عن اي شيء آخر فها هو يفعل ما يريد وكأنه محصن إلهيا يتعامل مع القوي السياسية والاجتماعية علي انها غير موجودة .. فسلوكه منذ اعتلائه العرش يدل علي انه ينوي الثأر.. ليس فقط الثأر من النظام القديم او النظم القديمة «ولنتذكر مقولته وما ادراك ما الستينيات». وانما ايضا الثأر ممن يخالفون جماعته وحزبه ومشروعه.. وان كل ما عدا الاخوان هم اصحاب مطالب استعراضية لا تتفق مع الصالح العام تحت حجة - مثله مثل كل النظم السابقة – ان كل ما يمارسه هو دفاع عن استقرار البلاد. فكيف يؤسس لاستقرار البلاد، وهو يدشن عصرا ونظاما سياسيا ليس فقط ينحو الي الاستبداد ولكنه الاستبداد بعينه، متجاوزا مفاهيم الدولة العصرية الحديثة.. الذي تروج جماعته لكون هذه المفاهيم لا تصلح لبلدنا فهذه بدعة ابتدعها مروجو الافكار الليبرالية والعلمانية. نحن نؤمن بأن لكل دولة تجربتها التاريخية الفريدة إلا أن التوجه نحو الحريات وقيم الدولة المدنية الحديثة لا تتنافي إطلاقا مع هذه الفرادة التاريخية والخصوصيات الثقافية والاجتماعية وتمايزات اللون والطول والعرض، فاحترام القوانين ومؤسساتها وسيادتها والحماية من سوء استعمال واحتكار السلطة والحقيقة وتقليص صلاحيات معتلي العرش ودستور يلبي حاجات الامة ويتوافق عليه افراد المجتمع المستنير من خلال نخبه السياسية والثقافية والفكرية وليس مجرد استفتاء شكلي يفقد الدستور هيبته وقوامه الاخلاقي والسياسي كمعيار لتقدم الأمة، اقول كل ذلك هي مبادئ لا غني عنها في عصر الدولة الديمقراطية المفتوحة لكل مواطنيها دون تميز جنسي او ديني او طائفي او عرقي او فكري. ونحن نقول للدكتور مرسي وجماعته وحزبه: إن الديمقراطية لابد لها من حام ومحصن ولا يوجد إلا القانون.. فلا تحمي الديمقراطية ولا تتفاعل ولا تتطور من دون قانون يحميها.. والقانون ليس مجرد مواد اجرائية فحسب وليس دستوراً يسلق في ساعات وليس إعلانات دستورية تصدرها سلطة تصورت انها فوق القانون. بل هو فلسفة يبني عليها سياق المجتمع وتوجهاته ككل.. وللحديث بقية. e-mail: