غرفة تنسيقية "شباب الأحزاب" تنعقد لمتابعة جولة الإعادة للمرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب 2025    فتح اللجان الانتخابية بمحافظة السويس في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب    أسعار اللحوم اليوم الاربعاء 17-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    الشرطة الأسترالية: توجيه 15 تهمة قتل عمد إلى المشتبه به في مذبحة شاطئ بوندي بسيدني    المحلل العسكري جاستن برونك: رهان أمريكا على الطائرات المسيرة لمواجهة الصين خاسر    فليك يعدد مزايا فوز برشلونة على جوادالاخارا في كأس الملك    طقس الإسكندرية اليوم: انخفاض في درجات الحرارة.. والعظمى 21    إصابة 14 شخصا نتيجة انقلاب ميكروباص بسبب الأمطار في شمال سيناء    إحباط مخطط لهجوم فى نيو أورليانز واعتقال جندى سابق بالمارينز    أمريكا: زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا    مصرع شخص وإصابة 3 فى حادث تصادم بالإسكندرية.. صور    تعرف علي سعر صرف الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025    ببلاغات من العمال| الكشف عن تلاعب صاحب مصنع في أوزان أنابيب البوتاجاز    تفاصيل عملية التصويت في 55 دائرة بإعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    مواعيد قطارات المتجهة من أسوان إلى القاهرة اليوم 17 ديسمبر 2025    صدمة.. ضحايا غرق مركب الهجرة المصريين "أطفال".. نجا منهم 2 من أصل 27    القضاء الفرنسي يطالب بغرامة تاريخية على لافارج بتهمة تمويل الإرهاب بسوريا    واشنطن: لن نسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية    صحة أسيوط تنفذ 40 ألف زيارة وسحب 21 ألف عينة مياه لتوفير بيئة آمنة    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    البريد المصري يستضيف ورشة عمل "نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات"    واشنطن تهدد الاتحاد الأوروبي بالرد على قيود الشركات الأمريكية    محمد رمضان: أمتلك أدلة تثبت أحقيتي بلقب «نمبر وان»    محمد علي السيد يكتب: عن العشاق.. سألوني؟!    إنطلاق المهرجان الشبابي الرياضي للتوعية بالأنشطة المالية غير المصرفية    "رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي": نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية بالإسكان الأخضر بمواصفات صديقة للبيئة    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    ماريسكا: تشيلسي يسير في الطريق الصحيح    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    عمر كمال وأحمد بيكام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    بعد أيام من زواجها.. أب يطلق النار على ابنته في أسيوط    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    تليفزيون اليوم السابع يستعرض قائمة الأفلام العربية المرشحة لجوائز الأوسكار ال 98    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    قبل كأس الأمم الإفريقية بالمغرب.. وزير الرياضة يؤازر المنتخب الوطني لكرة القدم ويحفز اللاعبين    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد شومان يكتب :قراءة في نتائج الاستفتاء على دستور مصر
نشر في الوفد يوم 19 - 12 - 2012

انتهت المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور، والتي شملت القاهرة وتسع محافظات أخرى، وشكلت النتائج مفاجأة للقوى المدنية (المعارضة) والقوى الإسلاموية (الموالاة)، حيث لم يحقق أي منهما الانتصار المطلوب أو الحسم المستحق، «نعم» التي دعت إليها قوى الموالاة حصدت قرابة 57 في المئة من الأصوات، أي أنها حققت انتصاراً باهتاً، فيما تحسن أداء المعارضة لكنها لم تحرز الفوز المطلوب، بسبب عمليات تزوير ممنهج قامت به قوى الموالاة وفق خطاب المعارضة.
التشكيك في حياد الانتخابات ونزاهتها أضيف إلى دوائر الاستقطاب والصراع بين المعارضة والموالاة، ويتحكم هذا الاستقطاب في المواقف السياسية والمعالجات الإعلامية بل والتفسيرات القانونية والدينية لكل ما يدور في مصر، وهنا أرصد سبع ملاحظات حول نتائج الاستفتاء –لن تتغير كثيراً في المرحلة الثانية– وآثارها المتوقعة علي مستقبل الحياة السياسية المصرية:
أولاً: عمَّق الاستفتاء الصراع والانقسام السياسي والثقافي، لأن الدعوة لنعم كانت تقودها القوى الإسلاموية، التي هيمنت على كتابة الدستور، ويعتمد الإسلاميون على كتلة صلبة من المنتمين لهم والمتعاطفين والذين يؤيدون مشروع الإسلام السياسي، ويلتزمون بالتصويت باعتباره واجباً دينياً، وهذه الكتلة تقدر بحوالى 10 ملايين ناخب، هي مجموع ما حصل عليه الرئيس مرسي والمرشحان الإسلامويان أبو الفتوح ومحمد سليم العوا. بينما كانت القوى المدنية تدعو لرفض الدستور اعتماداً على قوة الفكرة والحضور المكثف في وسائل الإعلام، بينما استمرت «الجبهة الوطنية للإنقاذ» مجرد تجمع تنظيمي هش من الأحزاب والحركات الشبابية التي ينقصها التنظيم والموارد والأهم وحدة القيادة والتوجيه.
ثانياً: لن يحقق إقرار الدستور بنسبة 50 في المئة زائد واحد التوافق أو الاستقرار، فالفارق البسيط بين «نعم» و «لا» لا يضمن القبول الاجتماعي المطلوب لضمان حياة الدستور واستقرار المجتمع، كما يشجع المعارضة والقضاة والمسيحيين على الاستمرار في رفض مواد الدستور التي لا تحقق مصالحهم أو تستجيب لرؤيتهم للفصل بين السلطات واستقلال القضاء وعلاقة الدين بالدولة واحترام الحريات العامة والمساواة والعدالة الاجتماعية. لكن المفارقة أن مظاهر عدم الاستقرار جاءت بعد يوم واحد من الاستفتاء، إذ تعرض مقر حزب الوفد والتيار الشعبي لهجوم نسب إلى إحدى الجماعات السلفية، بينما أعاد «الإخوان» حصار المحكمة الدستورية، ما دفع نادي قضاة مجلس الدولة لإعلان انسحابه من الإشراف على الاستفتاء، وبادرت المعارضة للتظاهر أمس رفضاً لنتائج الاستفتاء بسبب التزوير والمطالبة بإسقاط الدستور. هكذا تعرض الاستقرار لضربات متوالية قبل أن تبدأ المرحلة الثانية من الاستفتاء، ما يطرح شكوكاً متزايدة حول احتمالات الاستقرار في المستقبل القريب.
ثالثاً: رغم الاستقطاب الذي تعمق وتراجع فرص الاستقرار، إلا أن نتائج الانتخابات تؤشر لاقتراب نهاية هيمنة «الإخوان» والسلفيين على العملية السياسية، وإمكانية وجود معارضة مدنية قوية وقادرة على إحداث توازن سياسي واجتماعي مطلوب قد يضمن في المستقبل نوعاً من الاستقرار. حيث تعكس نتائج الاستفتاء تراجعاً واضحاً في جماهيرية «الإخوان» والسلفيين وقدرتهم على الحشد والتعبئة، مقارنة بما تحقق في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (نعم 77 في المئة)، أو انتخابات مجلس الشعب التي حصل فيها «الإخوان» والسلفيون على قرابة ثلثي أصوات الناخبين، ويمكن تفسير هذا التراجع نتيجة انحسار الانبهار الجماهيري بالحل الإسلامي وممثليه الذين وصلوا إلى السلطة ولم ينجحوا في حل مشكلات السياسة والاقتصاد وغلاء الأسعار، بل تورطوا في ممارسات سياسية خاطئة كشفت أمام الناخبين قلة خبرتهم وربما كفاءتهم في إدارة الدولة. من هنا يمكن القول بأن التصويت ب «لا» في الاستفتاء يعتبر من زاوية ما تصويتاً عقابياً ضد «الإخوان» والسلفيين.
رابعاً: بغض النظر عن اتهامات التزوير فإن نتائج الاستفتاء تلقي الضوء على احتمالات التصويت في الانتخابات البرلمانية التي ستجري بعد شهرين من إقرار الدستور، فمن المرجح أن تتراجع نسبه التأييد للإخوان والسلفيين، نتيجة زيادة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والضغوط الخارجية، من هنا يقدر أن يحصل الإسلاميون على قرابة 40 في المئة من الأصوات، وهناك مؤشرات عديدة ترجح هذا التقدير، فقد حصل «الإخوان» والسلفيون على قرابة 17 مليون صوت في انتخابات مجلس الشعب، بينما حصل مرسي في الانتخابات الرئاسية على 13 مليون صوت فقط ، لكن ليس من المؤكد أن تراجع أصوات الإسلاميين سيذهب للقوى الثورية المدنية، فقد يذهب لمرشحي العائلات والفلول، من هنا ضرورة أن تنجح القوى المدنية في تطوير مواقفها وبناء تحالفات متماسكة ودخول الانتخابات في قوائم موحدة أو مرشحين متفق عليهم في الدوائر الفردية، ويعني ذلك اكتساب مهارات التفاوض وتقديم تنازلات والتوصل لحلول وسط ووضع حد لانتهازية بعض القوى والرموز السياسية المحسوبة ضمن جبهة الإنقاذ التي أعلنتها القوى المدنية.
خامساً: رغم المخالفات والتجاوزات في عملية الاستفتاء إلا أنها عكست الحالة الثورية والتحولات الكبرى في الثقافة السياسية للمصريين، فلأول مرة تأتي «نعم» بأغلبية بسيطة، بينما تتقدم ثقافة الرفض وتحدي السلطة، ويبرز دور المواطن في مراقبة الانتخابات وكشف التجاوزات، والتصدي لبعض خطباء المساجد عندما دعوا المصلين ل «نعم»، كما تعاظم حضور المرأة وتأثيرها خصوصاً في المدن. وتتعارض النتائج المعلنة –شبه الرسمية- مع تاريخ الاستفتاءات المصرية حيث كانت نسب «نعم» تدور دائماً حول التسعين في المئة. لكن هذا التحول النوعي ما يزال إلى حد كبير محصوراً في المدن الكبرى وعواصم المحافظات، حيث اتجهت الأغلبية في المدن إلى الرفض نتيجة ارتفاع مستويات الدخل والتعليم والتعرض لوسائل الإعلام القديمة والجديدة، بينما ذهبت أغلبية الأصوات في الريف إلى التأييد، ما قد يعني زيادة الحضور والتأثير الرمزي والسياسي للإخوان والسلفيين في الريف.
سادساً: رغم الازدحام أمام لجان التصويت فإن قرابة 30 في المئة فقط من المسجلين أدلوا بأصواتهم، بخفض حوالى 20 في المئة عن الاستفتاء على التعديلات الدستورية في آذار (مارس) 2011. ويعتبر هذا التراجع سلبياً بالنسبة إلى صدقية العملية الانتخابية وثقة المصريين في مسار التحول الديموقراطي، والذي ارتبط بتعقيدات قانونية ومعارك كلامية وأحداث عنف ربما تدفع بقطاعات واسعة إلى عدم المشاركة. من جانب آخر فإن تراجع المشاركة يعني عدم فاعلية حملات الحشد والتعبئة التي قامت بها قوى الموالاة والمعارضة في تحريك الأغلبية الصامتة.
سابعاً، وأخيراً: برز دور الإعلام (الخاص والحكومي) في معركة كتابة الدستور والاستفتاء، حيث تابع كل التفاصيل وقدم تغطيات واسعة اتسمت بالاستقطاب والتسييس، أي أنها عمقت الانقسام والصراع السياسي، لأن العديد من القنوات والكثير من الإعلاميين تورطوا في اتخاذ مواقف مع أو ضد أحد المعسكرين (الموالاة والمعارضة)، ومن ثم ابتعد كثير من التغطيات الإعلامية عن المهنية ومراعاة مواثيق الشرف الإعلامي، وهو ما عرضها لانتقادات واتهامات كان أكثرها من الرئيس مرسي وقيادات «الإخوان» والسلفيين، الذين يحمّلون الإعلام المسؤولية بغير دليل والمسؤولية عن أخطائهم السياسية! ما خلق مناخاً معادياً ضد الإعلام بين جماهير «الإخوان» والسلفيين، أفرز للأسف أشكالاً من التهديد والوعيد، بل والعنف المادي على يد جماعة حازم أبو إسماعيل الذي حاصر مدينة الإنتاج الإعلامي التي تبث منها القنوات الخاصة، وهو إرهاب وترويع غير مسبوق للإعلاميين وانتهاك لحرية الإعلام. والحقيقة أن هجوم الإسلاميين على الإعلام تزامن مع حملتهم ضد القضاة وحصار «الإخوان» للمحكمة الدستورية، ما يعكس ضيقاً بالمؤسستين الرقابيتين في الدولة، ورغبة في القضاء على استقلالهما وتطويع المؤسستين وتوظيفهما في إطار مشروع «أخونة» الدولة والمجتمع.
الملاحظات السابقة تشكل قراءة أولية لنتائج الجولة الأولى من الاستفتاء، والتي تعقبها السبت المقبل جولة ثانية في 17 محافظة، من المحتمل أن ترتفع فيها قليلاً نسبة المؤيدين نظراً لغلبة الطابع الريفي، ما يعني أن النتائج النهائية لن تحدث تغييراً كبيراً يرضي حسابات المعارضة والموالاة، وستظل مصر على الأرجح منقسمة حول الدستور، منذ اليوم الأول لتشكيل الجمعية التي كتبته.. وحتى الاستفتاء عليه وإعلان النتائج. والخوف أن يفجر إقرار الدستور بأغلبية بسيطة مسلسل الرفض والغضب، والتظاهرات السلمية، التي قد تفجر أحداث عنف، تقود مصر إلى الفوضى أو عودة الجيش. لكن يتبقى احتمال ثالث ظهرت بعض ملامحه في نتائج الاستفتاء، وهو نجاح «جبهة الإنقاذ الوطني» في الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة أو على الأقل تقليص تفوق الإسلاميين الانتخابي الكاسح، وبالتالي إقناعهم أولا بضرورة التخلي عن أوهام أسلمة مصر، وثانياً، الحوار الجاد والتفاوض من أجل حلول وسط لمواجهة مشكلات مصر وحل إشكاليات الهوية ودور الدين في الدولة والحريات. ويعتمد هذا السيناريو على وحدة القوى المدنية وتطوير أدائها الانتخابي، إضافة إلى ابتعاد «الإخوان» عن السلفيين أو نجاحهم في «أخونتهم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.