بعث الله الأنبياء وبدأوا بنشر الأخلاق بين الناس، ثمّ بعث النبيّ محمد صلّى الله علي وسلّم؛ ليتمّ ما بدأه الأنبياء من قبله، فلا يصحّ دينٌ بلا خُلق، ولا يصحّ خُلقٌ بلا دين، ويعرّف الخلق بأنّه: هيئةٌ راسخةٌ في النفس، تصدر عنها الأفعال بسهولةٍ ويسرٍ، من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويّةٍ، وقد تكون هذه الأفعال محمودةً وقد تكون مذمومةً، وتكمن أهميّة الأخلاق في أنّ النبيّ جعل الغاية من بعثته أن يتمّمها، فقال: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ). فعلى الرغم من أنّ الاخلاق ليست أهمّ شيءٍ بُعث به النبيّون؛ فالعقيدة والعبادات أهمّ، ولكنّ هذا ممّا يدلّ على أهميتها في الإسلام، فالأخلاق يدركها الناس من خلال تعاملهم مع بعضهم البعض، ولقد عظّم الإسلام الأخلاق، فجعل التحلّي بها عبادةً يُؤجر المرء عليها، وجعلها رسول الله أساس التفاضل بين العباد يوم القيامة، فأقرب الناس مجلساً من رسول الله أحاسنهم أخلاقاً، ولا شيء أثقل في الميزان يوم القيامة من حُسن الخُلق، وقرن رسول الله حُسن الخلق مع التقوى، كأكثر سببين يدخلان العبد الجنّة، فقد رُوي عن رسول الله أنّه: (سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أكثرُ ما يُدخلُ الناسَ الجنةَ؟ قال: تقوَى اللهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ). والأمّة التي تفقد أخلاقها فقد فقدت كيانها، فمؤشر استمرار الأمم وبقاؤها هو الأخلاق، وتساعد الأخلاق بشكلٍ كبيرٍ على إنهاء العداوة والمشاكل بين الناس، ولا يحقّق الإنسان الستر المعنوي الذي أمر الله تعالى به إلّا بالأخلاق، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).