التصويت على الدستور أحد الكوارث التى نعانيها ونحذر منها ولن أتعجب، فقد تعجبنا كثيرا «ويا ليتهم يعلمون» انه حق يراد به الباطل فكم من جرائم ترتكب الآن باسم الدستور والاستفتاء عليه فالحرية فى يد جاهل كالسكين فى يد مجنون فها أنا وأزعم أن الكثيرين من الذين حصلوا على فرصة من التعليم والاطلاع وقسط من المعرفة والثقافة لا نزال نحتار الى حد ما مما قرأناه من مواد الدستور أكثر من مرة محاولين أن نصل الى درجة من الفهم الدقيق والتمعن والتأمل لكى نصل الى الحد الذى يمكننا من أن نقول آراءنا حتى على المستوى الشخصى فما بالك يا من تريد من شعب يعانى من نسبة أمية 40٪ غير الأميين من المتعلمين وما أكثرهم أن يصوتوا على مواد دستورية اختلف فيها واعترض عليها أقطاب الثقافة الدستورية والقانونية بانسحابهم المعلن فكيف لدستور مصرى لا يمثل الكنيسة المصرية ولا يمثل القوى الشعبية وأحزابا متعددة، وكيف لشعب ان يصوت على دستور لا يمثل إلا واضعيه وهم يمثلون أقلية وتيارا أو فصيلا واحدا أو حتى اثنين أو ثلاثة فأين باقى الشعب يا نصير الشعب؟ كيف تريد أن تنسب لشعب مولودا غير شرعي وأكثر المواد التى أثارت قلق الكثيرين هى المادة 219 والتى تعتبر تفسيرا للمادة الثانية التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، وكانت هذه المادة من المواد التي تحظى بإجماع القوى السياسية المصرية كما وافقت عليها الكنيسة القبطية فى العهد السابق والتى تولد لها نص آخر مفسر لها فى مسودة الدستور الجديد يمثله منطوق المادة 219 والتى تنص على «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة». وكما نرى أنها تفتح الباب لتفسيرات واسعة ومتعددة أمام مذاهب وطرق مختلفة وأحكام متنوعة لكل مفسر حسب رؤيته بما في ذلك الأكثر تشدداً ولا تحظى بالاجماع لمبادئ الشريعة كما أنه كان ينبغى الالتزام بحكم سارٍ للمحكمة الدستورية العليا يفسر مبادئ الشريعة على انها تشمل «أحكام الشريعة قطعية الثبوت قطعية الدلالة» أي تلك التي تجمع عليها كل المذاهب الإسلامية ولا تترك هكذا غير محددة أو مقننة أو حتى واضحة بهذه الصورة التى تجعلنا نرتاب ولا نستطيع أن نقتنع مهما حاولوا ان يغيبوا عقولنا والمادة الثانية من الإعلان الدستورى التى تنص على: «الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية، منذ توليه السلطة منذ 30 يونيو 2012 وحتى كتابة الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن» لماذا وكيف يعطى للرئيس صلاحيات فرعون تجعله متحكما فى كل شىء وتحصنه من أى نقد أو اعتراض كما اقرت المسودة النهائية للدستور تلك المواد التي تتيح حل النقابات بحكم قضائي ووقف ومصادرة وتعطيل الصحف بحكم قضائى ومثلما نصت عليه المسودة النهائية على مادة تؤكد انه «لا يجوز اسقاط عضوية اي عضو في مجلس الشعب إلا بموافقة ثلثي أعضائه» وهو ما يفتح الباب امام عودة ما كان يعرف في عهد مبارك «المجلس سيد قراره» ويجعلنا نتساءل: متى يكون الشعب سيد قراره؟