غدا الأنتخابات الامريكية الامريكية؛ والمقرر لها دوما الثلاثاء الاول من شهر نوفمبر ؛ وبالطبع الأنتخابات الامريكية بدأت هذا العام مبكرة عن طريق المشاركين بالبريد الألكترونى ؛بسسب وباء كورونا ؛ وحتى أعلان النتيجة لا أحد يستطيع أن يجزم من سيفوز ؛ فهل يفعلها ترامب كما حدث فى 2016 ؛وخاصة أن من سيحسم الانتخابات الحالية هو ترامب نفسه ؛أو من يحبونه ؛أو رافضيه الذين يصوتون لمنافسه جو بايدين عقابا له ؛ هذا ما يؤكده أحدث اصدرات الكاتبة حنان أبو الضياء كتاب (ملائكة وشياطين دومالد ترامب ). الكتاب صادر عن مركز أنسان للدراسات والنشر والتوزيع. الكتاب يرى أن دونالد ترامب كاسر الأعراف والتقاليد السياسية الأمريكية المتأصلة منذ ما يزيد على قرنين من الزمن.التوليفة الأنسانية العجيبة القادرة على تحويل الاصدقاء الى أعداء ؛وفى نفس الوقت يملك مقومات تجعله دوما قادرا على الوصول الى مايريده؛ يعرف قوانين اللعب ؛فى آى وقت يصول ويجول فى الساحة؛ ومتى يبقى فى الساحة مهادنا؛ منتظرا لحظة الهجوم والفتك بالخصم . فى عالمه هناك ملائكته المحيطين به ؛وهم ملائكة من نوع ترامبى خاص ؛ لا يعطون بركتهم لسواه ؛أما شياطينه فهم كثر؛ معظمهم صناعة يديه ؛ والسؤال الان هل ترامب 2020 هو ترامب 2016 القادرعلى أثارت السخرية والضحكات؛ المشاكس، والرجل القادر على توليد التملق والسخرية، المتخذ كل قرارات حياته دون استشارة أحد، و كما يقول عن نفسه : "أنا أفهم الحياة وكيف تدور، أنا أسطورة تماثل أسطورة لون رانجر. ترامب الذى أصبح الرئيس رقم 45 للولايات المتحدةالامريكية؛ على الرغم من اعتباره غير مثقف وأحمق من النخبة؛ فهل يعيد الكرة من جديد ويعاد أنتخابه ؛ومن سينتصر فى معركته القادمة شياطينه ؛أم ملائكته؟. والسؤال الذى يطرحه الكتاب بقوة هل مازال ترامب يجد من يصدقه عندما قال في كتابه الأخير "أمريكا المريضة" : "أنا رجل لطيف حقا، صدقوني. أشعر بالفخر لكوني رجل لطيف، لكني أتوق ومصمم على أن تكون بلدنا دولة عظيمة مرة أخرى". وتكمل المؤلفة حنان أبو الضياء تساؤلتها حول الانتخابات بسؤال هل يعاود ترامب تميزه كما كان يحدث فى برنامجه تلفزيون «الواقع» الشهيرThe Apprentice؛ ويعرض نفسه باعتباره رجلا لائقا لقيادة أمريكا فى المرحلة القادمة، أم أن عبارته الشهيرة "أنت مطرود " ستقال له ويخرج من البيت الابيض. لقد صنع ترامب من نفسه شخصية مثيرة للجدل، فهل سينجح فى جعل نفسه "المبشر بإنجيل أمريكا للنجاح"، الذى يحصل على نتائج فورية ؛ ولما لا وهو من عاشقى الظهور الى حد الأدمان الذى أصبح مثل المخدر في دمائه. أن ترامب لم يتغير من سنوات عدة ؛ فهو كما كان يركز ليصبح اسمه على المنتجات والمباني وعلى القصص، مندهشا ممن يرون ذلك غريبا ؛بقوله :هل يوجد ما هو أهم للرجل من شخصيته العامة؟. أنه المعروف بميله إلى البذخ والسعي إلى الشهرة والمقترن بتكبره وبشخصيته المتقلبة؛ ولعل أهم ما يميزه عن الآخرين هو ميله إلى التعبير عما يجول في ذهنه بدون تردد أو خوف، والذى تخلى عن رفضه مصافحة اي أحد بسبب اعتباره أن هذه الممارسة بربرية تساعد على نقل الجراثيم؛ ولكنه مع ذلك لا يتردد عن توجيه انتقادات لاذعة للآخرين مستغلا مهارته في معرفة أمور كثيرة. كما لا يكل ترامب عن الترويج لنفسه إدراكا منه لقوة الاسم التجاري. أنه الحاصل على اثنين من جائزة إيمي. وهو من قام الممثل الأميركي جوني ديب بأداء شخصيته في فيلم ساخر مدته 50 دقيقة، بُث عبر الانترنت بعد فوز ترامب بالانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامبشر.والفيلم أحيط بسرية تامة، ومقتبس عن كتاب «فن الصفقة» دونالد ترامب وظهر جوني ديب بالماكياج الكثيف إلى جانب تسريحة الشعر الشهيرة.ويبدأ الفيلم بقول ترامب (ديب) انه عندما كان في العاشرة من العمر رأى صورة غيرت حياته، تُظهر طفلاً يقف أمام تاج محل في الهند.ويؤكد أنه «منذ تلك اللحظة، قطعت على نفسي وعداً بأن يكون لي تاج محل خاص بي يوماً ما»، مضيفاً أنه «بعد ثلاثين عاماً على ذلك، سنحت لي الفرصة. وكان المكان أرقى لأنه كازينو يقع في مكان أجمل بكثير من الهند... في نيوجيرسي». وأخيرا تحول الفيلم الى واقع وأصبح ترامب رئيس أمريكا. فهل يستطيع "دونالد ترامب" تخطى كل العقبات الموضوعة أمامه والتى حولها معظم من عمل معه سابقا الى كتب حققت لهم الملايين ، ودقت مسمارا فى نعش خروجه من البيت الابيض؛و التغلب على ذلك بخبرته السابقة فى علم التنمية البشرية وخاصة أنه من المهتمين بهذا النوع من العلم؛ بل أنه ألف معظم كتبه التى حظت بنسبة مبيعات كبيرة فى هذا الاتجاه ككتاب فن التعامل (1987)وهو الكتاب الذى قدم به نفسه ومنه أنطلق الى عالم التليفزيون ؛ وكتاب "فن الصفقة" أكثر كتب الأعمال مبيعاً على الإطلاق عبر موقع أمازون؛ وهل سيستلهم تجربته فى كتابه لن استسلم ابدا: كيف واجهت أكبر التحديات في النجاح (2008) ؛حيث كتب هذا الكتاب وهو يتعرض لواحدة من أسوأ ازماته المالية. وفى الحقيقة رغم كل ما يقال عن عجرفة وحب الظهور التي تطغى على شخصية دونالد ترامب فإنه رجل يعمل ساعات طويلة وبعزيمة وإصرار وعدم يأس عن بلوغ الهدف، وهذه هي أهم مقومات تحقيق الحلم وهناك وجه آخر لهذا النجاح يتعلق بالحروب وكيفية خوضها واختيار زمنها وضمان الفوز بها. ومع ذلك تتميز الانتخابات الأمريكية الحالية بمفاجأة من العيار الثقيل، فهناك دونالد ترامب رئيساً و منافسه الديمقراطي جون بادين الذى يراه البعض الأوفر حظاً. فضلاً عن كون ترامب شخصية جدلية بامتياز، أجبرت الكثير من الشخصيات البارزة في حزبه على التخلي عنه نظراً إلى الكثير من مواقفه وتصريحاته غير المألوفة . وربما يصبح ترامب نموذجا جديدا لهنري كيسنجر الاستاذا بجامعة هارفارد في عقد الستينيات؛الذى كان يعلم طلابه كيف أن التاريخ تحركه عوامل موضوعية، مؤسسية جماعية بصرف النظر عن شخصيات القادة وهويات الزعماء الذين كان يرى كيسنجر أن أدوارهم كأفراد محدودة في إطار حركة التاريخ. لكن هنري كيسنجر ما لبث أن غير نظرته هذه حين دخل ميدان العمل السياسي- الدبلوماسي في إطار العلاقات الدولية التي كان مسئولا عنها خلال فترة توليه منصب وزير خارجية الولاياتالمتحدة في عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون؛ يومها أطلق كيسنجر عبارته الشهيرة: بعد أن تعاملت مع أفراد وزعامات سلمت بأهمية العنصر الشخصي العامل الذاتي في حركة التاريخ. والمعنى أن شخصية الرئيس هى الحاكم فى النهاية؛ وهذا بالطبع ينطبق بقوة على رئيس الدولة الأمريكية الذى يأتي إلى المكتب البيضاوي الشهير ممثلا أو مجسدا لحزمة من العناصر والعوامل التي تضم تكوينه الشخصي والخصائص الكاريزمية التي تتسم بها شخصيته. ويؤكد كتاب " ملائكة وشياطين دونالد ترامب " أن الانتخابات ربما ستشكل علامة فارقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ففى السنوات الأخيرة، يعرّف 25 بالمئة من الأمريكيين أنفسهم بأنهم جمهوريون، مقابل 31 بالمئة لمصلحة الحزب الديمقراطي، و42 بالمئة من المستقلين، وهو ما يظهر انخفاضاً في عدد الجمهوريين، ، وهو الأدنى في السنوات الخمس والعشرين الماضية على الأقل؛ والأستطلاعات الأخيرة اشارت الى أن هناك العديد من الجمهوريين لن يعطوا أصواتهم لترامب ؛وبالتالى فالامل معقود على المستقليين . يبدو أن التاريخ سيجعل من ترامب وأيامه مثالا يستدل به ؛وأذا كنا دوما نقول "عند جهينة الخبر اليقين"؛ فلعلنا فى الايام القادمة سنقول :" عند زرافة ترامب وأصحابها.. الخبر اليقين".زرافة ترامب هو "جيمس كومي" الرئيس السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي ؛أما قائمة أصحابه فطويلة للغاية؛ وتتضمن العديد ممن أقتربوا أو عملوا عن قرب مع دونالد ترامب ،ثم أنقلبوا عليه؛ ولم يقف الامر عند ذلك ؛ولكن تحولوا الى نصال فى ظهره ؛كاشفة لما يحدث فى البيت الأبيض ؛ ونشروا ذلك على الملأ من خلال مجموعة من الكتب ؛نالوا بها الشهرة والمال. ولعل من أبرز هؤلاء الأمريكي "مايكل وولف" صاحب (نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض) الذى جعل تفاصيل السنة الأولى من حكم الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على المشاع وخاصة أن مانشره أخذه من أتهامات وجهها المساعد السابق للرئيس دونالد ترامب ستيف بانون، من أن ترامب غير قادر على العمل في منصبه لافتقاده الخبرة، وأنه جبان، ولايملك القدرة على الاستقرار؛الى جانب أن ابن الرئيس دونالد ترامب جونيور أقام اتصلات مع أشخاص على علاقة بالكرملين.وبالطبع البحث عن تفاصيل وأسرار رئاسة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب ستكون أكثر واقعية وأثارة، أذا استندت على مئات المقابلات والتحقيقات مع أعضاء إدارة ترامب؛ وهذا مافعله الصحفي الأمريكي الشهير ؛فهل سيفعلها بوب ودورد ثانية ويكون سببا فى القضاء على ترامب؛ وخاصة أنه مفجر فضيحة ووترجيت التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون من منصبه وتدميرسمعته؛ ولما لا وهو واحد من الصحفيين الأكثر ثقة في أمريكا دون الحاجة لإستعمال أسلوب الإثارة الصحفية. والطريف أن بوب ودورد بنى كتابه على شيء أخبره إياه ترامب في مقابلة عام 2016: «"القوة الحقيقية هي، أنا حتى لا أريد استخدام الكلمة، الخوف"». الى جانب مئات الساعات من المقابلات مع مصادر مباشرة ومذكرات لاجتماعات متزامنة وملفات ومستندات ويوميات شخصية. ويظهر كتاب " ملائكة وشياطين دونالد ترامب " للكاتبة حنان أبو الضياء هذا الهراء الذى يحكم خطوط التماس بين الدين والسياسة، والاستخدام المشوه لجملة تمكين إرادة الله، التى كانت شعارًا فى العديد من الحملات الاستعمارية، باتخاذ الدين ستارًا لها، لذلك لن تصاب باندهاش من التستر وراء تلك الشعارات فى الانتخابات الأمريكية المقبلة. وتسأل المؤلفة نفسها؛ ماذا كان سيغرد دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى، إذا أحضر له أحد مستشاريه مقولة إيمانويل كانت: "إنى أسمع من كل مكان صوتًا ينادى لا تفكر.. رجل الدين يقول لا تفكر بل آمن.. ورجل الاقتصاد يقول لا تفكر بل إدفع، ورجل السياسة يقول لا تفكر بل نفذ". ربما يظن الرئيس الأمريكى بثقافته المحدودة أنه المقصود بتلك المقولة، رغم أن كانت مولود فى القرن 18، لأنها تصف حقيقة ما حدث طوال حياة ترامب السياسية وإلى الآن. للأسف، الدين يؤدى دورًا سياسيًا حاسمًا، خصوصًا من الذين يدعونه ويستغلونه، ويحدث هذا من أزمنة مضت، فهناك دومًا من يتكلمون بأنهم حماة دين الله، ولكن للأسف إن مجتمعاتنا الحالية أكثر تعقيدًا بمئات المرات من تلك المجتمعات القديمة، ومن هنا يصبح استعمال الدين فى مجال السياسة أمرًا خطيرًا، يؤدى إلى التطرف والتعصب والعنف. كلنا شاهدنا المسلسل الأمريكى عندما رأينا ترامب رافعًا الإنجيل أمام كنيسة القديس يوحنا فى واشنطن، على بعد شارع من البيت الأبيض، رغم أن الجميع يعلم أنه لا يعرف جملة واحدة فى الإنجيل الذى يحمله. ولقد أثبتت اليام أن كلام مغنى الراب الأمريكى، كانى ويست، بأنه يعتقد أن الله طلب منه الترشح للرئاسة، وتخليه عن دعمه للرئيس الحالى دونالد ترامب، ما هو إلا تغيير فقط فى خطة دعمه لترامب، فالجميع يعلم أن الإنجيليين السود بنسبة كبيرة سيتخلون عن ترامب، وربما يتجهون لتأييد المرشح الديمقراطى، وبالتالى وجود كانى ويست بمثابة تفتيت لأصوات بايدن. الجميع يعلم أن تأثير المسيحيين المحافظين على السياسة الأمريكية ليس مستجدًا، بل تعاظم بشكل تدريجى خلال السنوات الخمسين الأخيرة، منذ أن وضع القسيس جيرى فالويل البذرة الأولى لتأثير اليمين المسيحى المتدين فى السياسة الأمريكية، من خلال إنشاء مؤسسة باسم "الأكثرية الأخلاقية" هدفها إرساء القيم المسيحية بواسطة السبل القضائية والسياسية فى أواخر السبعينيات. هؤلاء الإنجيليين دعموا ترامب فى انتخابات 2016، معتقدين أنه يبنى جيشًا قويًا، ويعيد بناء الأمة الأمريكية، وأنه يدعم مكانة الكنائس لأنه يذكر الله، ويستخدم عبارة "بارك الله فيكم بين الحين والآخر". ولتعرف أهمية ذلك فى الانتخابات عليك أن تعلم توزيع الأديان حسب مراكز الدراسات في الولاياتالمتحدةالأمريكية تعطي نحو 71 % للمسيحيين، بحيث يشكل الإنجيليون الكتلة الأكبر بين المسيحيين ؛ والبروتستانت نسبة تصل إلى 25 %، ويشكل الكاثوليك 20 %، وتتوزع النسبة الباقية على المذاهب والطوائف الأقل عدداً داخل المسيحية البروتستانتية والكاثوليكية. علينا جميعًا أن نعلم أن أمريكا تتغير من الداخل بشكل عميق لا يدركه من يتفاعل مع عموميات المشهد، وهى تزداد انغلاقًا وفقًا لمفهوم العولمة، ولديه كم هائل من المتطرفين دينيًا الذين يرون أن الدين عند الله هو المسيحية لا غير، بل ويقسمون العالم إلى دار مسيحية ودار كفر، كما يفعل المتأسلمين تمامًا. وبات من السهل على الحزب الجمهورى منذ التسعينيات ومطلع الألفية، أن يحفز الناخبين من خلال رسائل وحملات موجّهة ومحددة، بناء على منظومة قيم المسحيين المحافظين. والطريف أن هناك العديد من الكتب صدرت لتصوير ترامب على أنه حامى المسيحية، وإرادة الله فى الأرض، بصورة تعزف على وتر كسب وإرضاء أصحاب الاتجاهات الدينية المتعصبة من الإنجيليين الأمريكان، بكتابة سيرة روحية لرجل لم يبد أى اهتمام بالدين فى أى مرحلة من حياته، ولكن بقدرة قادر أصبح ترامب متدينًا على يد المؤلفين أصحاب الكتب المثيرة للدهشة. ورغم أن الدستور الأمريكي لا يعطي الدين أهمية تذكر وينص على أنه «لا يجوز للكونجرس إصدار قانون يحترم إنشاء الدين، أو يحظر ممارسة ذلك»، لكن ممارسة الرئيس وفريقه ترسل رسالة مغايرة تماما. ترامب وعى جيدا أن الملائكة الحارسة له هم 25 مليون مسيحي إنجيلي غير مسجلين في القوائم الانتخابية؛ لذلك أستغل الرئيس ترامب تلك الفرصة ؛ بأن تحدث إلى القساوسة حول كيفية استفادة المجتمعات التي يمثلونها من سياساته. وبالتالى لم يكن غريبا أن ترامب خاطب فى انتخابات 2016 تجمعاً انتخابياً في ولاية كارولاينا الشمالية بقوله: «ما فعلناه من أجلهم (الإنجيليين) والدين مهم للغاية.. كما تعلمون، الجانب الآخر (يقصد بقية الطوائف البروتستانتية)، لا أعتقد أنهم متدينون، إنهم ليسوا مؤمنين ومتمسكين بالدين، ويمكنني أن أخبركم بذلك». والسؤال ألا يعد هذا فاضلا بين الطوائف الدينية، بأن يمتدح قوة العقيدة عند الإنجيليين ؛ بينما يرى الطوائف الأخرى مفرطة في تعاليم المسيحية.. والملفت للنظر أن الرئيس ترامب لم يفصح أبدا عن انتمائه الديني، ولا يتحدث كثيرًا عن عبادته، ويعتمد على أن لديه العديد من أعضاء مجلس الوزراء الإنجيليين المعروفين الذين يرعون دراسة الكتاب المقدس في البيت الأبيض، والتي يُقال إنها الأولى منذ مائة عام، ومنهم نائب الرئيس مايك بينس ووزير التعليم بيتسي ديفوس. بالطبع الرئيس وفريقه يستغلون كل الوسائل الممكنة لإعادة انتخابه لفترة ثانية؛ ومن هنا تكون أهمية الإنجيليين، أو السلفيين المسيحيين في أمريكا. ومع أن ترامب لم يكن ممارس ورع للديانة المسيحية، بل ومسيرة حياته متناقضة مع تعاليمهم: ثلاث زيجات، اتهامات بالتحرّش، فضيحة ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز؛ لكنه تمكّن من تجاوز تلك العقبات، من خلال بناء تحالفات سياسية راسخة مع قياداتهم، عبر تبني مطالبهم وأولوياتهم الانتخابية. وحصد أصوات 81 بالمئة من الناخبين الإنجيليين البيض، كما تفوّق على منافسته هيلاري كلينتون بأصوات الكاثوليك البيض فى انتخابات 2016. والأنجليون يعتبرون ترامب مرسلاً من الله، يعطونه بركتهم، وذلك موقف صعب أن يتخذه بابا روما مثلاً، لأنّه يمثّل كلّ الكاثوليك في العالم، ولا يمكنه أن يقدّم دعماً سياسياً بهذا الحجم. الإنجيليون يرون أنّ الله يعطي ترامب البركة، لينفذ مشيئته، بغض النظر إن كان شخصاً خاطئاً، يرتكب أفعالاً منافية للدين المسيحي؛ وأن ترامب محقّق ما يتطلعون إليه، حتى وإن لم يكن مؤمناً مثلهم. فأمام عظمة عطايا الله، خطايا ترامب غير مهمّة، لأنه سيكون أداةً في مشروع الله.