قبل سنوات دافعت عن نفسى أمام المحكمة في قضية اتهامى بالسرقة.. وقتها فُوجِئتُ بإعلان من المحكمة بموعد القضية التى تبين أنها مبنية على اتهام لى بسرقة تيار كهربائى، ولأن الاتهام غير صحيح ويخص شخصاً آخر غيرى تشابه اسمه مع اسمى، فقد اطمأننت بعض الشيء، وأمام القاضي وقفت لأدفع ببراءتى مستنداً الى أن الاتهام لا يخصنى في حقيقة الأمر، وقدمت للقاضى ايصالاً بسداد قيمة التيار الكهربائى المسروق والذى تم تقديره بحوالي ألف جنيه. وقلت للقاضى إن سدادى قيمة التيار المسروق في مكان لا يخصنى ليس اعترافاً منى بالسرقة، بل هو إجراء احترازى تجنباً لحكم قد يصدر ضدى.. وبهذا المنطق أدعو إلى المشاركة في استفتاء السبت القادم، ليس اعترافاً بالاستفتاء المرفوض ولا اعترافاً بمشروع الدستور «المعيوب»، بل درءاً لخطر التدليس الذى يمارسه محترفون يدفعون العامة ليصوتوا بنعم باسم الشريعة ونصرة الدين.. أدعو إلى المشاركة والتصويت بالرفض ونقول بأعلى صوت «لا» لدستور لم يلقَ توافقاً على مشروعه عند اعداده وصياغته. والتوافق على الدساتير أمر ضرورى قبل طرحها أمام الشعوب للاستفتاء، لذلك لم نسمع أن شعباً قد رفض دستوره عند طرحه للتصويت عليه، هذا لأن مشروع الدستور يكون قد تمت مناقشته مسبقاً، ونال توافق فئات الشعب وتياراته المختلفة.. والاحتكام للصندوق مرحلة تالية لتوافق كل القوى على بنود الدستور عند إعداده. وأنا «شخصياً» ضد مقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور، لأن المقاطعة في مصر دائماً لا تأتى بنتائج جيدة، فالذين قاطعوا انتخابات مجلس الشورى احتجاجاً على سيطرة الاخوان والسلفيين على مجلس الشعب، قد سمحوا بأن يأتي مجلس الشورى كمجلس الشعب، يسيطر عليه تماماً شيوخ السلفيين والاخوان.. والذين قاطعوا الانتخابات الرئاسية عِنْدَاً في المرشح أحمد شفيق قد سمحوا وسهلوا ومكَّنوا لمحمد مرسى أن يكون رئيساً للبلاد على غير ما يريد أغلبية الشعب الذى عبر عن ندمه بعد فوات الأوان.. والمقاطعة في السابق قد أتت بمصائب للبلاد، وقد تأتى بمصيبة كبرى على مصر اسمها الدستور.. والمشاركة يوم السبت القادم، وتبصير المواطنين بالألغام المزروعة في مواد عديدة بالدستور، ودفعهم ليقولوا «لا»، ستأتى حتماً بنتيجة جيدة، وسيُلغى مشروع الدستور.. وعلينا أن نستغل حالة الضعف التي أمست عليها جماعة الاخوان وأنصارُها وأعوانُها وشركاؤُها ومؤيدُوها.. وعلينا أن نستغل حالة الرفض الشعبى والغضب من ممارسات وتصرفات وأقوال رموز الإسلام السياسى.. وعلينا أن نستغل حالة التخبط والاهتزاز وعدم الاتزان التي يمر بها النظام.. لنستغل الفرصة ونسلك كل الطرق المشروعة في معركة الدستور رغم قصر المدة المتبقية.. لندفع كل طوائف الشعب ليقولوا «لا» للدستور، ومائة «لا» لمن وضعوه، وألف «لا» لمن ساندوه، ومليون «لا» لمن يُصِرُ على تمريره وفرضِهِ علينا دون رِضَانا..