خرج علينا الدكتور محمد بديع المرشد العام ل( جماعة الإخوان المسلمين ) , يوم السبت الماضى( 8 ديسمبر ) , فى مؤتمر صحفى جرى بث وقائعه على الهواء مباشرة بواسطة التلفزيون المصرى , وقناة 25 الناطقة بأسم الجماعة وحزبها الحرية والعدالة , وبعدها بساعة أو يزيد أطل علينا نائبه المهندس خيرت الشاطر , الذى نادراً ما يظهر فى وسائل الإعلام المصرى والعربى , إذ أن الرجل مهتم بمخاطبة الغرب والتواصل معه عبر الصحف الأمريكية والبريطانية , وهذا طبيعى ما دام أنه يهدف لتوصيل رسائل إلى الامريكان والأروبيين , وكسب رضاهم , إذ ان هذا الرضا الأمريكى على الأخص هو مايهم (الجماعة) , حتى ولو كان ثمنه تعهدات إخوانية بما يضمن أمن أسرائيل , وتقديم القرابين إثباتاً للحب والعشق الحرام والغرام بإسرائيل و على طريقة الخطاب إياه بإعتماد السفير المصرى بإسرائيل و وما حواه من عبارات مشينة للرئيس والإخوان , إذ جاءت كاشفة عن عمق الصداقة بينها أو تسول الود الإسرائيلى . المرشد أيضا كان قد أعتلى منبر الأزهر الشريف يوم الجمعة الماضى , بمناسبة تشييع أبناء الجماعة , إلى الجنة , وألقى خطبة طويلة لا أذكر منها شيئاً , وإن كنت قد فهمت منها , ومن مؤتمره الصحفى فى اليوم التالى ,أننا بصدد عملية أخونة ل(الشهداء) , ضحايا غزوة الإتحادية التى وقعت يوم الأربعاء الماضى ( 5 ديسمبر ) ..الغزوة التى قامت بها مليشيات الجماعة لتحرير محيط قصر الإتحادية الرئاسى , من هؤلاء الثوار المتمردين على حكم المرشد وعامله الرئيس الدكتور محمد مرسى , بإعتبار أن المرشد هو (رئيس الرئيس) , والذين يحملون أسلحة خطيرة ومحرمة فى قوانين الجماعة , وهى مجرد مجموعة من الهتافات البريئة المعبرة عن آرائهم والتى هى نفسها آراء قطاع عريض من الشعب المصرى , وهى الغزوة التى أنتهت بإنتصار ساحق للميليشات الإخوانية , وأسر العشرات من الثوار ( الكُفار) والعياذ بالله , وإحتجازهم فى غرف بالقصر الرئاسى أو أمامه , والقيام ب(تعذيب ) الأسرى العلمانيين من الثوار , مع أن الإسلام ينهانا عن إساءة معاملة الأسير ,ويضمن له حقوقا كثيرة , لكنه (الإسلام الإخوانى) الذى يحلل بعض ما حرم الله والعكس . على كل حال فقد كشفت لنا موقعة الإتحادية أننا صرنا أسرى للحكم الأخوانى , وأن لدينا قوات شرطة إخوانية موازية , لها صلاحية فض المظاهرات والإعتصامات ,ب (القنابل المسيلة للدموع ), وقد كنا نظن قبل الموقعة أن مثل هذه القنابل هى بحوزة قوات الشرطة النظامية فقط ,و بالسنج والخرطوش وربما بالسيوف فى قادم الأيام , وأن هذه الشرطة الإخوانية ,لها سلطة القبض على المواطنين المعارضين , وإعتقالهم و بل وتعذيبهم , كما أمن الدولة , وشرطة حبيب العادلى سابقا ,وإنتزاع الإعترافات منهم وتسجيلها بالفيديو .. وأكثر من ذلك تقديم المتهمين إلى جهات التحقيق , بعد تلفيق التهم لهم , ودس الممنوعات لهم من أسلحة خمور , ولاحقاً الدولارات , ثمنا لتآمرهم على (الجماعة) لصالح قوى أجنبية , بواسطة عمرو موسى , والدكتور السيد البدوى زعيم حزب الوفد , والدكتور محمد البرادعى , وحمدين صباحى , وباقى قادة جبهة الإنقاذ ( !!!!!) .. للإنصاف , فإن الإخوان يستحقون الشكر والتقدير على أنهم اعتبروا هؤلاء الشباب وجبهة الإنقاذ , مجرد متآمرين , وليسوا خارجين على الملة , ويجب على قادة الجبهة أن يحفظوا هذا الفضل للإخوان , إذ أن معارضة الرئيس أو الحاكم الإخوانى , والخروج عليه هو بالضرورة والقطع خروج على الملة , بما يوجب قتلهم , كما فى شريعة الحجاج بن يوسف الثقفى بالدولة الأموية فى القرن الأول الهجرى ( السابع الميلادى) والذى قتل عشرات الآلاف فى ولايته , وربما لهذا السبب كان قرار الجماعة بقتل الثوار يوم غزوة الإتحادية . عودة للمرشد ونائبه .. فقد بشرونا بأن الإستفتاء فى موعده , يوم السبت المقبل , وتسائل كليهما فى دهشة وإستغراب , لماذا يرفض الآخرين الإستفتاء و الإحتكام للصناديق فى مشروع الدستور أو مسودته .. والواقع أنه سؤال وجيه , لكنه ينطوى على مغالطة شديدة وتلاعب بعقول البسطاء من الناس .. ذلك أن الدستور بالأساس هو : (القانون الأعلى الذي يحدد الأسس لنظام الحكم , ملكي أم جمهوري و الحكومة ,رئاسية أم برلمانية , وينظم السلطات العامة فيها , وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة) .. الدستور إذن ليس مشروعاً لتأصيل مبدأ السمع والطاعة العميان للجماعة الإخوانية , وفرضه على باقى أفراد الشعب من غير الإخوان والسلفيين , وإنما دوره الأساسي هو أن يضمن حقوق الضعفاء , والأقليات قبل الأقوياء والأغلبيات ,وهذا المعنى لمهمة الدستور , هو الذى عبر عنه رجب طيب أردوغان أثناء زيارته لمصر بعد قيام ثورة يناير , عندما قال بأن :( الدولة تقف على مسافة واحدة من كل المواطنين ) ,أيا كانت ديانتهم ..ومن هنا فإنه لا يتم طرح المسودة للإستفتاء , والإحتكام للصناديق قبل التوافق عليها , والقبول العام بها , لأنه فى حال غياب التوافق كما هو حالنا الآن , والإصرار على تمرير الدستور , إنما يعنى وضع البلاد على أعتاب حرب أهلية و وهو ما لانتمناه لبلادنا .. بل ويجب أن يتراجع عنه المرشد ونائبه ومرسيهم فوراً , حرصاً على مصر من مخاطر التقسيم والفتن والحرب الأهلية , وإلا فإن عليهم أن يتحملوا هذا الإثم الكبير فى رقابهم . ( كاتب وصحفى)