"قرب يا بيه تعالي يا هانم.. ولا استغلال المحلات كيلو اللحمة ب 30 جنيه، المعلم "كندوز" بيضحي.." من منا لم يسمع هذه العبارات التي يروج بها باعة اللحوم المجهولة رخيصة الثمن تحت شعار مكافحة جشع التجار التي باتت تغزو جميع شوارع العاصمة المصرية القاهرة والتي يحاولون من خلالها اجتذاب المشترين وإزالة الخوف من صدورهم عن مصدر هذه اللحوم. حيث تنتشر سرادقات بيع اللحوم بأسعار تقل عن نصف سعرها الذي تباع به في محلات الجزارة العادية، فما بالنا في معارض بيع اللحوم التي يصل فيها كيلو اللحمة إلى 100 جنيها، على أساس أن الجاموسة كانت بتأكل جاتوه. حاول أحد أصحاب هذه الشوادر التي تبيع لحوم "بير السلم" ركوب الموجة مركزا في دعايته على أنها لحوم ثورة 25 يناير التي تعلي شعارات مكافحة الغلاء والجشع والفساد، وحين سألناه عن نوع هذه اللحمة قال لنا صومالي. جزار آخر أكد لنا أنها لحمة جيبوتي، فيما قال ثالث إنها لحوم سودانية، حتى أصابتنا الحيرة ولم نصل إلى جواب موحد عن مصدر هذه اللحمة التي يقبل عليها الغلابة بدون أن يعرفوا من أين جاءت ولا كيف ذُبحت. فمع استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم البلدية التي قفزت لأكثر من 60 جنيها ظهرت هذه الشوادر التي تأتي خطورتها من عدة جوانب لعل أولها عدم خضوعها لإشراف وزارة التموين والتجارة، وثانيها عدم تجهيز أماكن نظيفة لبيع اللحوم بل أنها توجد في بؤر تلوث خطيرة، كما لا توجد ثلاجات مجهزة لحفظ هذه اللحوم. إذا كان عاجب تقول دعاء السيد، من سكان حي فيصل بالجيزة، لا نعرف مصدر هذه اللحوم خصوصا أن شكلها غير مطمئن حيث إن عظامها طويلة بشكل لم نره من قبل، وعندما سألنا الجزار عن أصلها أي إذا كانت بقري أو جاموسي أو جملي، أجابنا بسخرية : "دي لحمة حصنة "خيول" ميتة عاجبكم ولا لأ؟ احمدوا ربنا هو في حاجة ب30 جنيه"، والغريب أن شكل الهيكل العظمي للذبيحة وهو يقوم بتشفيتها لا يستبعد معه أن تكون فعلا كما قال. ويضيف صابر حسين، موظف ع المعاش،: "أصحاب العيال اللي زي حالاتنا بيدوروا على أي حاجة رخيصة يسدوا بيها جوع أولادهم، فليس مهما بالنسبة لنا دي لحمة إيه، وإنما مشكلتنا في كمية الشغت والدهون والعظم التي تزيد على نصف الميزان، وحين نعترض على قلة اللحمة الحمراء يكون جزاؤنا التوبيخ من جانب الجزار الذي لا ينسى أن يذكرنا بالمثل الشعبي الذي يقول اللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط. وحين اقتربنا من الشادر وسألنا الجزار الموجود به عن مصدر هذه اللحوم وعما إذا كانت منافذ البيع هذه تخضع للرقابة أم لا، اكتفى "المعلم" بالإشارة إلى اليافطة المعلقة على السرادق والتي كتب عليها: "الشركة الدولية للتجارة، تحت "رعاية" السيد اللواء محافظ الجيزة ومديرية التموين والطب البيطري". وحين أعدنا عليه السؤال حول مصدر اللحوم قال إنها لحم بقري أما بخصوص عدم وجود أختام حمراء تفيد بالذبح في المجازر الرسمية بعد الكشف على الذبيحة فقد ظهرت عليه علامات "الزمجرة" قائلا: انت جاي تلبسني تهمة، اتوكل على الله ع الصبح. وبصفة عامة فإن هناك بعض المخاوف من تسلل بعض التجار الجشعين المتلاعبين بالأسواق خلال أزمة اشتعال أسعار اللحوم البلدية وبيع لحوم غير مطابقة للمواصفات الصحية أو غير خاضعة للرقابة البيطرية أو حتى غير صالحة للاستهلاك الآدمي، خصوصا أن انتشار منافذ عشوائية لبيع اللحوم على هذا النحو من عدم مراعاة شروط النظافة أو الالتزام بمواصفات بيع قانونية يفتح الباب أمام تسلل تلك المخاوف وغيرها. وقال مسئول بمحافظة الجيزة إن اللحوم التي يتم بيعها داخل تلك المنافذ هي لحوم بلدية، حيث يتم استيراد الحيوانات من الخارج ويتم السماح بدخولها للبلاد تحت الإشراف البيطري ثم تربيتها داخل مراعي داخل الأراضي المصرية لمدة لا تقل عن شهرين، بعدها يتم إخضاعها للكشف الطبي البيطري قبل الذبح وبعده داخل مجازر العين السخنة وختمها بختم خاص بلون بنفسجي سداسي ثم يتم توزيعها علي المنافذ بشاحنات مجهزة بوسائل التبريد وبيعها مباشرة للمواطنين.