استطاعت أن تكسر قيود المجتمع وتمتهن مهنة لا شأن للنساء بها، دخلت هذا العالم المكتوب تحت جدرانه "للرجال فقط" ولم تلتفت للقيل والقال، قادتها الصدفة البحتة أن تحقق صيتا ونجاحا متفوقة على أقرانها اللاتي اخترن المنزل مأوي لهن انتظارا للعمل بالشهادة الجامعية، إنها إسلام حسن الشهيرة ب"لوما"، أصغر جزّارة في مصر. فتحت "لوما" قلبها "للوفد" وسردت مشقتها مع الجزارة المعروف عنها أنها مهنة ذكورية، فعلى مرّ التاريخ تظهر الأفلام خاصة أفلام الأبيض والأسود "الجزّار" والذي يطلق عليه "المَعلم" بفتح الميم في هيئة رجل شرير صاحب سكين يخشاه أهل الحارة جميعا، ولكن لوما كسرت هذه النظرة تجاه الجزّار واستطاعت أن ترسم ملامح جديدة للجزارة في مصر. "أنا خريجة سياحة وفنادق عندي 27 سنة ومعنديش حد في العائلة بيشتغل في مهنة الجزارة، بحب اعتمد على نفسي جدا وميهمنيش اشتغل ايه ومؤمنة أن مفيش اختلاف بين الراجل والمرأة، كنت بشتغل من أيام ما كنت في الثانوية العامة اشتغلت في أكتر من مكان من صيدلية لمحل حلويات لمحل موبيليا وسنتر ملابس، ولما دخلت الجامعة كملت شغل عشان اصرف على نفسي، لأن بابا موظف ومش عاوزاه يشيل مسئوليتي اكتر من كده".. هكذا بدأت إسلام حسن الشهيرة ب"لوما" حديثها، مختصرة فترة معينة من حياتها الشاقة لتستكمل بعدها مسيرة الشقاء والنجاح سويًا. واستكملت لوما "الحكاية بدأت من 7 سنين، واحدة صاحبتي قالتلي في شغل في محل جزارة، وأنا بطبعي مباكلش لحمة ومبحبش ريحتها ومكنش فيه شغل غير كده فوافقت لعدم وجود بديل، وروحت للراجل صاحب المحل وقولتلوا عاوزة اشتغل كاشير ومجيش جنب اللحمة خالص فوافق، وبعد فترة ابتدى يحببني في شغلى وعرفني أنواع اللحمة ودخلت المهنة بشكل تدريجي". "صاحب المحل علمني في البداية إزاي امسك السكينة لأن في البداية الموضوع مخيف، وعلمني إزاي ادبح لأن في طريقة معينة للدبح وإزاي ادبح على الشريعة الإسلامية وإني معذبش الأضحية لحظة الدبح، كنت في البداية مرعوبة لكن صاحب المحل شجعني هو وزمايلي لحد ما تعلمت وبقيت أصغر جزارة في مصر، وبعدها اتعلمت تقطيع الذبيحة بشكل صحيح".. بهذه الكلمات اختصرت "لوما" حكاياتها مع الجزارة، مخترقة عالم الرجال الخفي لتضفي عليه طابع أنثوي رقيق. وأكدت أن أهلها لم يعارضوها على خوض التجربة مع مهنة الجزارة، لافتة إلى أنه تم عرض الكثير من المهن عليها لكنها رفضت حبا في مهنة الجزارة، بالرغم من الانتقادات التي وجهت لها في البداية. واختتمت بأنها كانت تحلم بأن تصبح مضيفة طيران في بادئ الأمر، ولكن لم يسوقها القدر لتحقيق هذ الحلم لتستبدله بحلم أفضل – على حد قولها.