أحمد بدير مثل كل المواطنين المهمومين بجرح الوطن الأخير المسمي الإعلان الدستوري، الذي يعتبر اعتداء صارخا علي الحرية وإرادة الشعب وإعادة مرة أخري لنظام استبداد، وهو الذي عاش أوجاع الوطن بمشاركته في فيلم «ساعة ونصف» الذي كان بمثابة الرصد لمأساة الفساد المستمر حتي الآن. في حوار مع «الوفد» تحدث أحمد بدير عن فيلمه الجديد «ساعة ونصف» وعن حال السينما في الفترة الحالية وعن الأحداث السياسية التي تمر بها مصر. * في البداية ما رأيك في الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس خلال الأيام الماضية؟ - هذا الإعلان كارثة لأن مصر قامت بها ثورة لمحاربة الحكم الديكتاتوري، وهذا الإعلان يمثل عودة لهذا الحكم من جديد، فهل يعقل أن يكون رئيس الجمهورية الحاكم الناهي في البلد وحده فقط، فهل سنعود مجددا الي عصر العبيد، هذا السؤال لابد من طرحه علي الرئيس نفسه، وللأسف الرئيس يعتبر شعبه هو الإخوان المسلمون مؤيدوه وحلفائه فقط، خاصة أن الشعب تكونت لديه هذه الصورة بعد خطابه وسط التيارات الدينية من مؤيديه فقط، ولكن لابد أن يعلم أن الشعب يريد رئيسا لكل المصريين وليس مؤيديه فقط. * وما تقييمك لحالة الانقسام الذي يعاني منه الشعب من مؤيدين ومعارضين للرئيس؟ - هذه الحالة تسبب فيها الرئيس، ولكن أعتقد أنه لا يوجد مؤيدون للرئيس غير جماعته فقط، ولذلك أعتقد أن الرئيس دخل في منعطف خطأ مع الشعب والقضاة وغيرهم من طوائف المجتمع، ولذلك عليه التراجع عن قراراته التي اعترض عليها الشعب بالكامل وأعتقد أن هذا ليس خزيا عليه، لأن الاعتراف بالحق فضيلة وإذا كان مترددا فعليه بصلاة الاستخارة حتي يعود الي الطريق الصواب ويحمي مصر من الدمار والانهيار. * وماذا عن فيلم «ساعة ونصف» بعد مشاهدة الجمهور؟ - فيلم «ساعة ونصف» هو نموذج اجتماعي حي يوضح معاناة الشعب المصري، خاصة الطبقة المهمشة الذين يعدون أمواتا وليس أحياء نتيجة الواقع المظلم الذي يعيشونه وما يعانون من جهل وفقر وإهمال وأعتقد أن المسئول عن هذا المجتمع هو الدولة التي ساعدت علي نشأته نتيجة تهميشها لمصالح الشعب وثقافته بدون وعي أن هؤلاء مواطنون ولابد أن يحصلوا علي حقهم في الحياة بالإضافة الي أن ظروفهم ساعدت علي تكوين شخصية الإجرام بداخلهم حتي أصبحوا يمثلون خطورة كبيرة علي أنفسهم وعلي المجتمع المصري ولكن لا يسألون عن أفعالهم لأن هذه الأفعال نتيجة تهميش الدولة ووضعهم تحت خط الجهل والفقر. وكان لابد علينا كفنانين أن نلقي الضوء علي هذا المجتمع ولذلك كانت فكرة الفيلم بالنسبة لي ضرورية للغاية لأنها تناقش قضية اجتماعية فعلية لابد من حلها وأعتقد أن هذا كان سبب نجاح الفيلم وإعجاب الجمهور به، لأنه بعد الثورة وانحدار الحالة الاقتصادية، شعر الجميع بصعوبة هذه الحياة وآلامها، وأشعر بسعادة كبيرة بردود فعل الجمهور تجاه الفيلم ولوصول الرسالة الي مكانها الصحيح. * تنبأ الفيلم بحادثة تصادم قطار أسيوط بحافلة المدارس؟ - بالفعل عرض الصورة كاملة لهذا الحادث بالرغم أننا لم نقصد تناول مشاكل السكة الحديد ولكن القطار كان الحياة التي نعيشها ويتناول قضية كل فرد موجود فيه ولكن الإهمال الموجود في سكك حديد مصر قصدنا به إهمال الدولة للمجتمع، ولكن ما عرضه الفيلم واقع ملموس، لأن قضية السكة الحديد ليست بجديدة علي المجتمع المصري، فمنذ عهد بعيد ويوجد العديد من الحوادث المؤسفة بها ومن يحاسب في النهاية هو عامل السكة الحديد الذي عرض الفيلم طبيعة حياته وما بها من فقر وقلة حيلة نظرا للراتب الضعيف الذي يتقاضاه، وبالتالي لابد أن يغفل عن عمله وهذا بالطبع يقع علي عاتق الحكومة التي دائما تنشغل بصراعات جانبية وتترك شعبها، ولكن لابد أن يتغير ذلك في المرحلة الحالية لأن الثورة لم تأت من فراغ ولابد أن تطبق مطالبها، وعلي الرئيس محمد مرسي أن يعلم أن هذه الحادثة في عهده وهو المسئول أمام الله والشعب عنها وليس وزير النقل، لأن ما قام به الرئيس بعد الحادثة يوضح أنه لا يوجد شيء تغير ولذلك عليه القصاص العادل ومحاسبة كل من تسبب في هذه الحادثة. * ولماذا لم يظهر تأثير الثورة علي السينما حتي الآن؟ - لأن المنتجين خائفون من العمل وكل منهم يريد عدم المجازفة في هذا التوقيت الحرج ولذلك أصبحت الساحة خالية أمام السينمائيين التجاريين الذين يهتمون بجمع الأموال فقط ولا يهتمون بالقيمة الثقافية للسينما ولذلك لم يظهر تأثير الثورة علي السينما طوال فترة غياب السينمائيين.