لأنه حزب الوطنية المصرية، ولأنه بيت الأمة الحقيقي الذي يلجأ إليه كل المواطنين الأحرار،ولأنه منبع الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، لا نستغرب أبداً الدور الرائد الذي يلعبه حزب الوفد علي مدار تاريخه العريق منذ انشائه علي يد الزعيم خالد الذكر سعد زغلول ورفاقه عندما تم تشكيل الوفد المصري وكيلاً عن الأمة المصرية للتفاوض مع المستعمر البريطاني ، ولقاء المندوب السامي السير ونجت للمطالبة بإلغاء الحماية البريطانية وانهاء الأحكام العرفية والغاء الرقابة علي الصحف والسماح بالسفر إلي باريس لحضور مؤتمر الصلح وعرض المطالب الوطنية، ورفضت سلطات الاحتلال مطالب الوفد وقبضت علي سعد زغلول واسماعيل صدقي ومحمد محمود وحمد الباسل في 8 مارس 1919 ونفتهم إلي جزيرة مالطة وكان ذلك بداية اندلاع الثورة المصرية. هكذا كانت بداية حزب الوفد حمل القضايا الوطنية علي كاهله وجاهد سعد زغلول جهاداً مريراً مع رفاقه من أجل جلاء المستعمر حتي اعترفت بريطانيا بمصر دولة مستقلة ذات سيادة وأنهت حمايتها وألغت الاحكام العرفية.. وفي أغسطس 1927 خسرت مصر زعيماً وطنياً مخلصاً بوفاة سعد وخلفه في زعامة الجماعة الوطنية مصطفي النحاس الذي ناضل نضالاً عظيماً ووقع اتفاقية 1936 التي كان من اهم نتائجها انتهاء احتلال مصر عسكرياً وانضمام مصر إلي عصبة الأمم باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة، وإلغاء الامتيازات الاجنبية وفقاً لمؤتمر منترو عام 1937 وتقوية الجيش المصري واعادته إلي السودان وحرية مصر في عقد المعاهدات السياسية.. وفي اكتوبر 1951 اعلن النحاس الغاء معاهدة 1936 واطلق الحرية للشعب للنضال المسلح ضد القوات البريطانية في القناة. ولا ينسي أحد الدور البطولي الذي لعبه فؤاد سراج الدين وزير الداخلية، الذي أمد الفدائيين بالسلاح لمهاجمة المعسكرات البريطانية وعمدت حكومة الوفد إلي زيادة عدد جنود الشرطة لمساعدة الفدائيين، وعندما اكتشف الانجليز الأمر حاصروا مبني محافظة الاسماعيلية لنزع سلاح الجنود الذين رفضوا التسليم بأوامر من فؤاد باشا سراج الدين، ووقع اشتباك عنيف راح ضحيته كثيرون من شهداء الشرطة في 25 يناير 1952، والذي اتخذته الشرطة فيما بعد عيداً لها.. وبذلك يكون رجال الوفد الوطنيون هم من مهدوا لثورة 1952 التي صعد فيها ضباط الجيش إلي سدة الحكم والذي تركوه لرئيس مدني منتخب في 30 يونيو 2012. وبعد سنوات طويلة من القهر الذي تعرض له زعماء وقيادات ورجال الوفد بسبب مواقفهم الوطنية الرائعة، أعاد الرئيس الراحل أنور السادات الاحزاب وقام الزعيم الراحل فؤاد سراج الدين ببعث الوفد من جديد ليواصل مشواره الوطني الرائد.. وتعرض قادة الحزب لكل أنواع المضايقات والتنكيل، علي يد الأنظمة السابقة، إضافة إلي العاملين بصحيفة الوفد لسان الحزب فقد واجهوا المشاق والمتاعب والتعدي عليهم بكل الأساليب لإثنائهم عن مواقفهم الوطنية، ولا ننسي في هذا الصدد ما تعرض له أستاذنا الراحل الكريم مصطفي شردي والذي مازلت علي قناعة كاملة بأنه لقي ربه بعد حقنة داخل المستشفي، ومازلت أجزم أن وفاته كانت غير طبيعية.. وكذلك ما فعله النظام مع الراحل الكريم جمال بدوي الذي فوجئ ببلطجية النظام يعتدون عليه وهو في طريقه إلي منزله بمصر الجديدة.. وكذلك ما حدث للراحل الكريم سعيد عبد الخالق الذي تم تلفيق قضية له واتهامه ظلماً وزوراً بالرشوة!! وبعد رحيل الزعيم سراج الدين، تولي رئاسة الوفد رؤساء وطنيون لا يبغون سوي اعلاء الوطنية وتعرضوا لضغوط وايذاءات كثيرة ومتاعب لا حصر لها، مثال الدكتور نعمان جمعة ومحمود أباظة والمستشار مصطفي الطويل، وكان هدف النظام الأول والأخير هو ضرب حزب الوفد والنيل منه، وتضييع هويته الوطنية ومحاولة اضعاف الحزب بكل الوسائل والطرق والتضييق علي صحافته بكل الوسائل غير المشروعة.. ولما طبق الوفد أول تجربة ديمقراطية شهدت بها الدنيا كلها في انتخابات الرئاسة علي الحزب والتي فاز فيها الدكتور السيد البدوي شحاتة، ازعجت هذه التجربة النظام، وبدأ النظام السابق يتفنن في كيل الاتهامات إلي الوفد.. وجاهد الوفد كثيراً من أجل الحرية والديمقراطية وكشف مساوئ النظام السابق وكان بمثابة الوقود الذي اشعل ثورة يناير 2011.. وكان حزب الوفد الوحيد والأول الذي اطلق كلمة ثورة في ليلة 25 يناير عندما خرجت جماهير مصر كلها غاضبة من النظام.. وتحمل قادة الوفد عواقب ذلك، ونجحت الثورة وحاول اختطافها من حاول، وعقد الوفد اول اجتماعات له بالاشتراك مع كل الاحزاب المصرية والقوي الوطنية وتم تأسيس التحالف الديمقراطي الذي ضم جماعة الاخوان من بينه، بهدف العبور بالبلاد إلي بر الأمان. ويوم فاز الرئيس محمد مرسي مرشح جماعة الاخوان بمنصب الرئاسة، احترم الوفد شرعية الصندوق الانتخابي ورغبة الجماهير في ذلك، ولما أخطأ الرئيس بإصداره الاعلان الدستوري الباطل، كان علي الوفد وقادته أن يرفضوا هذا الاعلان.. ولأن الوفد هو حزب الوطنية فتح أبوابه لكل القوي الوطنية والسياسية والحركات الثورية ليعبروا عن آرائهم ورفضهم لهذا الاعلان - كما فتح الوفد - أبوابه قبل ذلك لحزب الحرية والعدالة.. ولذلك أتعجب من أنصار الجماعة الذين يرمون الوفد الآن بافتراءات أنه وكر للتآمر.. وكأن الوطنية في الزمن المقلوب باتت تآمراً!! وكانت أكبر المسيرات الرافضة للاعلان الدستوري من حزب الوفد بقيادة البدوي وقادة الحزب، فهذا دورهم الوطني وهذه مبادئ الحزب التي لا يحيد أحد عنها.. ولذلك لا نستغرب أن تقع صغائر الأمور ضد رئيس الوفد من متآمرين حقيقيين أرادوا أن يفسدوا علي الحزب دوره الوطني الرائد، وكان قادة الوفد أوعي بكثير ممن حاولوا أن يفسدوا هذا الدور العظيم.. لقد أراد هؤلاء أن يضيعوا موقفاً وطنياً في غمرة الاحداث، وتصورا خطأ أن صغائر هذه الأمور من الممكن أن تشغل بال قادة الحزب ورئيسه، علي حساب القضية الأهم وهي اسقاط الاعلان الدستوري.. فهيهات لهم ولغيرهم أن ينالوا من وطنية الحزب ورجاله.. فكل رجال الوفد من سعد وحتي البدوي تعرضوا للإيذاء ولم تؤثر فيهم كل هذه الصغائر من الأمور ولا شغلوا أنفسهم بأية مهاترات تبعدهم عن وطنيتهم ودورهم الذي خلقوا له.. الوفد من سعد وحتي البدوي.. تاريخ حافل بالوطنية..