بعد زلزال اليابان المدمر والمد الجذري الذي أطاح بكل ما أمامه من الشواطئ المباشرة لليابان بما فيها المفاعلات النووية الأربعة في فوكوشيما فإنني أدعو مصر إلي إلغاء بناء المفاعل النووي في الضبعة. ولا أقول لا للضبعة بسبب ما جري في اليابان فقط وإنما لا للضبعة اليوم أكثر من أي وقت مضي من قبل بعد ثورة 25 يناير - 11 فبراير 2011. فثورة 25 يناير والرحيل يوم 11 فبراير هما أصحاب الفضل في كشف خبايا الثروات والصفقات والهبات التي سلبت من الشعب المصري وهي ليست بالملايين ولكنها بالمليارات وما خفي كان أعظم. وبعد كشف المستور فظني أن مشروع بناء المفاعل النووي في الضبعة مرر ليس لأسباب خاصة برفاهية الشعب المصري، قليل منه مرتبط بحل مشاكل كبيرة مستقبلية سيعيشها المصريون، ولكن كثيراً منها علي حد ظني مرر مشروع مفاعل الضبعة لتحقيق مكاسب مادية لا حصر لها لمجموعة المنتفعين من الحكم السابق. وبكل المقاييس فلا يمكن لدولة لديها طاقة شمسية هائلة أن تلجأ إلي المفاعلات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، فمن بين التحديات التي تواجهها ثورة 25 يناير - 11 فبراير هي عملية الترشيد السليم لموارد مصر المائية والشمسية وغيرها. وإذا احتكمت لأحد فاحتكم لواحد من أهلها، المثل الصحيح هو شاهد من أهلها، وهنا أحتكم لعالم من علماء مصر الكبار في الخارج د. هاني محمود النقراشي الذي أكد بما لا يسمح مجالاً للشك إن الطاقة المتجددة أفضل لمصر لأنه يمكننا ليس فقط استخدام الكهرباء المولدة منها ولكن يمكننا أيضاً تصديرها وإن توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة سيضمن لمصر مكون تصنيع عال يبدأ من 40 بالمائة و حتي 60 بالمائة وربما أكثر، بينما الطاقة النووية لا يمكن زيادة حصة التصنيع المحلي لها لأكثر من 20 بالمائة، ولا يمكن تصديرها. فكيف يكون الحال لدولة ما ليس ما لديها مما لدي اليابان من علماء وفنيين ومال وصيانة وحتي اليابان لم تتمكن من مواجهة تدمير الطبيعة وحاولوا وحاولوا ولكنهم فشلوا ووصل التلوث النووي إلي مياه المحيط الهادئ. وتحدث البعض عن بناء المحطة النووية في الضبعة بمواصفات هندسية يمكن أن تقاوم زلزال بدرجة 8 درجات بمقياس ريختر، ولكن ماذا لو ضرب زلزال البحر المتوسط بتسع درجات بمقياس ريختر وأعقبه تسونامي علي غرار تسونامي اليابان؟ هذه مخاطرة شديدة الخطورة ويجب حسم هذه القضية في أقرب وقت لأننا في مصر لدينا علماء علي مستوي عال جداً -هم عالميون- ولكن هل لدينا الصيانة اللائقة؟ وهل لدينا المال؟ بعد كل المال الذي نهب وسلب؟ في ألمانيا وقرب إحدي المحطات النووية طرح سؤال علي الساكنين في محيطها في مكان يشبه الجنة، فقالوا إنه بعد حادث اليابان فهم يفكرون في ترك منازلهم والابتعاد عن محيط المفاعل النووي إلي مسافة آمنة، ولكن هم يملكون المال لتغيير المسكن ولكن بالله العظيم عليكم هل يستطيع إنسان مصري بسيط أن يجد في الأصل المسكن ليكون أمامه خيار الرفاهية لتغيير مسكن بسبب الأخطار المحيطة بالمفاعلات النووية؟ لم أفهم كثيراً من قبل المواقف المعارضة للمناهضين لبناء المفاعلات النووية لجلب الطاقة للاستخدامات السلمية، كنت أتفهم مخاوفهم ولكنها بدت بعيدة التحقيق في ذاك الوقت، ولكن بعد اليابان ولثورة المصرية أصبحت في خندق واحد معهم وأقول بالصوت العالي لا للضبعة والضبعة باطل.