أعلم أنه بسبب هذا المقال فإني ربما أتحول من مجرد معارض لبعض قرارات وسياسات الرئيس مرسي إلى فلّ من الفلول أو يصفني البعض بأني زنديق وكاره للإسلام وربما أرتقي إلى درجة الكفر.. ولكنّي لا أبالي ولا أخشى إلا الله.. عليه توكلت وهو رب العرش العظيم... منذ سنوات.. وقف مطربون ومطربات أمام حسني مبارك الرئيس السابق أو المخلوع ، "اختر من الصفتين ما تشاء"، وهم يتغنون بأوبريت "اخترناه"، تعددت وسائل المدح بين "يوم ما عبر وقلوبنا معاه"، و"صافي القلب يا كفر مصيلحه"، و"قاعدين على المصطبة وياه"... سقط مبارك لأنه لم يكن يسمع سوى من ينافقوه، فهو صاحب الضربة الجوية، وكان يوم ميلاده "ميلادا لمصر"، وفي يوم مولده كان التليفزيون المصري يتحفنا بفيلم "الناصر صلاح الدين"، الذي يبدو أنه اختفى للأبد مع سقوط مبارك.... قامت الثورة.. وجاء مرسي.. وإليكم نفس السيناريو مع اختلافات فرضها التحول من هيمنة الحزب الوطني الديمقراطي إلى حزب الحرية والعدالة الإخواني... الرئيس مرسي يخطب في أهله وعشيرته في التحرير.. كان هذا قبل توليه الرئاسة رسميا بيوم واحد فقط.. ويومها فتح "الجاكت" وقال إنه لا يخشى الموت.. وأكد أن دماء شهداء الثورة في رقبته... بعد ال100 يوم الأولى من الرئاسة.. دخل مرسي إلى ستاد القاهرة في عربة مكشوفة وسط حشد من أنصار جماعته وذلك في يوم الاحتفال بذكرى انتصار السادس من أكتوبر.. ويومها حضر قتلة السادات "قائد الحرب والسلام".. ووقف مرسي مخاطبا من تحركوا واحتشدوا بأمر بديع لمدة تزيد على الساعتين، ربما تأثر بوجوده على أرض الاستاد فجعل الخطبة تكون مثل زمن مباراة كرة القدم بالوقت الإضافي... استعرض مرسي مع جمهوره "النجاح الساحق الماحق" في خطة ال100 يوم، وهي خطة إخوانية مرساوية لا تختلف كثيرا عن مشروع النهضة الفنكوشية، وعلى رأي عادل إمام في مسرحية "شاهد ماشفش حاجة": تعيش الحكومة.. الأسعار رخيصة والرغيف كبير..، قال مرسي المرور نجح بنسبة 70% والخطة نجحت في كل عناصرها.. تصفيق وتهليل وتكبير من الجمع البديع.... يجتمع الحشد البديع مرة أخرى أمام قصر الاتحادية ويخرج إليهم مرسي ويخطب فيهم لمدة 90 دقيقة على الأقل.. تهليل وتكبير وهتافات مدوية.. والرئيس يتكلم ويتكلم ويعزّ عليه أن يترك الميكروفون ويرحل عن أهله وعشيرته.. ثم ينتفض ويهاجم بعض معارضيه قائلا: انا شايفكم وعارف بتعملوا إيه.. واوعوا تكونوا فاكرين إني مش عارفكم ولا عارف بتعملوا إيه، وانا مستعد أكشف من عليكم الغطاء........... سيادة الرئيس.. فارق كبير بين رجل الدولة الذي يتحدث بالحقائق والأرقام من وحي الواقع، ورجل "المصطبة" الذي يتكلم طويلا ويعد كثيرا بما لا يملك ويغنّي على الحضور الواقف أمامه.. سيادة الرئيس.. توعدت المتآمرين عليك.. وقلت إنك تعرفهم جيدا.. لو تملك دليلا على تآمرهم ضد الوطن فعاملهم بالقانون ونحن معك.. ولو كان هذا مجرد كلام في الهواء فأهدي إليك شعارا مألوفا بالنسبة لك مع تغيير طفيف: "الصمت هو الحل"... سيادة الرئيس.. بعد ساعات من انتخابك، وفقا لما أعلنته اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، كتبت إليك مخلصا، وقلت لك إنك رئيس للمصريين جميعا ولست ممثلا لجماعة الإخوان في القصر الرئاسي.. ولكن حتى هذه اللحظة فإن رأيي الشخصي فيك أنك رئيس لجماعتك وممثل لمرشدك الأعلى في القصر الرئاسي.. سيادة الرئيس.. أعرف من ديني ما يكفيني.. وأرى أن الإعلان الدستوري الذي أصدرته يرفعك إلى درجة لا تنبغي لبشر.. والغريب في الأمر أن شيوخا وعلماء إلا قليلا يؤيدوك في قرارك ولو فعلها غيرك لاختلف الموقف جملة وتفصيلا.. سيادة الرئيس.. النداء مرة أخرى: اخلع جلباب جماعتك.. وخاطب شعبك وليس عشيرتك.. واعتبر ممن سبقك.. المصطبة لا تدوم لأحد...... اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد...........