دلف السيد الرئيس محمد مرسى إلى حجره نومه فى القصر الجمهورى وجالت عيناه فى الاثاث الوثير .. القى بجسده المنهك على السرير الفخيم ببدلته الكاملة ودون ان يخلع حذاءه وان ظلت قدماه متدلية من جانب السرير .. ظل يحدق فى السقف والخواطر تتداعى فى ذهنه « هنا كان ينام الديكتاتور مبارك .. انى اكاد اشعر بأنفاسه واسمع ضحكته المجلجلة آلاف الليالى قضاها يدبر المكائد ويتفنن فى سرقة البلد وربما كان يأتون له سرا بالشقراوات الفاتنات الى هذا المخدع كما كان يتردد « هز رأسه مستعيذا بالله طاردا الافكار السوداء .. اغمض عينيه وراح يتمتم» امانة ثقيلة وشعب ثائر ومرشد ينتظر ومشير عنيد واعداء تتربص ووطن منهك .. هذا ما يشغلنى وسينغص على حياتى . لكن يا مرسى ثق ان الله معك فمن كان يصدق اننى سأنام الليلة فى سرير مبارك وسأكون رئيسا للجمهورية لو قلت هذا الكلام قبل اندلاع ثورة 25 يناير لشقيقى سعيد لقال مرعوبا « فوق يا مرسى احنا ناس غلابة ووطى صوتك احسن الحيطان فى قرية «العدوة» ليها ودان ولكن كيف كنت سأقول له هذا الكلام وانا نفسى لم يخطر ببالى ذلك .. حقا كان لنا فى الصحابة والتابعين اسوة حسنة ومنهم من تولى إمارة بلاد وجلس مكان ملوك وقياصرة بعد ان من الله على المسلمين بالفتوحات العظيمة ولكن من يتقبل ان تتكرر المعجزات فى عصر الفيس بوك وتويتر وصواريخ تنطلق الى الفضاء وغواصات تهتك ستر جوف البحر .. آمنت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا .. اللهم انت الوهاب تهب الملك لمن تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء وبيدك الخير كله عاجله واجله وانت على كل شىء قدير.. والانسان لو فكر وتدبر فى حكمة الله ما ظلم وما عربد وما نام فى فراش كهذا وهناك فقير يفترش الارض ويلتحف بالسماء .. كيف هان عليك شعبك يا مبارك .. كيف كنت تبات متخماً من الشبع وبالقرب من قصرك اناس يأكلون من صناديق القمامة .. اللهم اعنى على بلائك واتمم نصرك الذى وعدت فالطريق مازال طويلاً وإن كان حلم الخلافه قارب على ان يطل على العالم فيملؤه نورا وعدلا بعد ان امتلأت الارض جورا وظلما « .. صكت مسامعه ضحكة صاخبةوصوت يقول بسخرية -من علامات النهاية انك هنا يا مرسى انتبه مرسى الى الشبح الواقف امامه فانتفض واقفا وهتف: -اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. مين انت ؟ -انا مبارك يا مرسى عاد مرسى يصرخ «الحرس فين .. ازاى دخلت اوضه نومى» اطلق مبارك ضحكته الشهيرة وقال -اطمأن انا هنا مجرد روح انا مت بجد المرة دى وقلت ازور مكان قضيت فيه نصف عمرى -يا شيخ طلعت روحى .. انا قلت رجعوك من تانى وانا رحت فى داهية -لأ .. هما باعونى خلاص .. انا كمان ضيعت نفسى من يوم جمال ابنى وامه فكروا فى موضوع التوريث ده اخذ مرسى نفسا عميقا وشد من قامته وقال بلهجة صارمة - وعايز ايه يا سى حسنى ابتسم مبارك ساخرا وقال - عايزك تبقى ريس بصحيح .. انسى الشعب .. خيوط اللعبة فى ايد امريكا واسرائيل -اعوذ بالله انت ايه شيطان؟ .. وبعدين متخافش عليا .. اخوك عفريت سياسة -اسمع الكلام وبعدين خطابك للشعب تعبان ملة.. فى ريس يقول توكتوك واهلى وعشيرتى الله يرحم ايامى .. مين اللى كتبلك الخطاب ده يا مرسى؟ -ايامك كانت سودة .. سواقين التوكتوك اللى مش عاجبينك معظمهم شباب جامعى وكانوا مش لاقيين شغل فى عهدك ودورهم كان مهم فى الثورة يا غبى -تجاهل مبارك اهانته وقال بلهجة الناصح الامين - اسمع يا مرسى ابعت لرجال الاعمال هما دول اللى هيحموا ضهرك .. اوعدهم بمناصب وخصص ليهم ارض.. الاخوان فعلا خطفوا منى الكرسى وتآمروا عليا بس انا مبسوط انكم ركبتوا الثورة من الشباب ومحدش عارف يمكن ابنى جمال يحكم فى يوم من الايام اهوا برضه شاب وطموح ومواطن مصرى هتف مرسى غاضبا -انت بتحلم وبعدين انا اسمى سيادة الرئيس مرسى تخلى مبارك عن سخريته لاول مرة وقال بانكسار -سياده الرئيس ممكن اطلب منك طلب انسانى كمواطن مصرى خدم البلد وطب ساكت بحسرته بسبب شعب البلد برضه -قول يا مبارك وقصر فى الكلام عايز ايه -نفسى محدش يهينى ولا يهين الهانم واولادنا علاء وجمال ونفسى التاريخ يكتب عنى الرئيس السابق وبلاش حكاية المخلوع دى ونفسى كمان تقول للمرشد على لسانى «جود لك بديع» وقل لطنطاوى حسنى بيقولك متشكرين والسلام امانة لعمر سليمان واحمد شفيق وكل الحبايب دمعت عينى مبارك ولكنه تماسك واستطرد قائلا: -انا ممكن اكون رئيس بدرجة موظف زى ما كانوا بيقولوا عليا بس ربنا خلقنى كده .. امكانياتى كده يا عالم .. ارحموا عزيز قوم زل -بدا التأثر على وجه مرسى والتقط منديلا ورقيا من على منضدة قريبة منه وقدمه لمبارك قائلا -مع انك اعتقلت الاسلاميين وبهدلتنا ومنعتنا من اطلاق لحانا أسوة برسولنا الكريم وبيقولوا انك مكنتش بتصلى كمان لكن انت الآن بين يدى الله وهو من سيفصل بيننا وبينك با لحق والعدل -نهنه مبارك فاقترب منه مرسى وقدم اليه المنديل فالتقطه الاول وهو يقول -طلب اخير سيدى الرئيس مرسى -قال مرسى بلهجة لينة -اطلب يا حسنى -نفسى ابوسك واحضنك يمكن مشفكش تانى واحنا فى النهاية إخوة فى الانسانية. -اقترب منه مرسى ولكن مبارك باغته بان اطبق بذراعيه على رقبته فصرخ مرسى من هول المفاجأة واحتقنت عيناه وظل يشيح بيديه فى الهواء وكان مبارك كثور قوى رغم قوة بنيان مرسى والذى شعر ان قواه تخور فصرخ لينتبه على صوت أذان الفجر ويعتدل من فراشه ويشعر للوهلة الأولى انه فى مكان غريب وسرعان ما استعاد تركيزه انه مازال فى منزله بعد ان رفض المبيت فى القصر الجمهورى فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وانتوى أن يذهب ويتوضأ ليصلى لعل الله يصرف عنه الأرواح الشريرة نشر بالعدد 603 بتاريخ 12/7/2012