«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الروح إلى ميادين القاهرة
الخطة 2030 تستهدف تحويل العاصمة إلى مزار سياحى
نشر في الوفد يوم 19 - 08 - 2020

المدن هى بوابة الحضارة، ومقياس تمدن الشعوب، ولهذا بدأت الحكومة تنفيذ خطة لتطوير كل ميادين العاصمة.. الخطة تحمل عنوان «القاهرة 2030» وتستهدف تحويل العاصمة إلى مقصد سياحى عالمى، وتطوير ميادين القاهرة لإعادتها لرونقها، بعد أن شابها العديد من التشوهات بسبب إشغالات وتعديات الباعة الجائلين وأصحاب المحلات مما أثر سلبًا على جمالها التاريخى.
وحسب ما أعلنه مصطفى مدبولى رئيس الوزراء فى اجتماع الحكومة أواخر يوليو الماضى، فإن عملية التطوير تهدف إلى استعادة هوية منطقة وسط القاهرة باعتبارها واحدة من أهم مراكز المدن فى الشرق الأوسط، وجزءًا هامًا من الذاكرة المصرية، فضلًا عن رفع الكفاءة الوظيفية للفراغات (ميادين وشوارع) عبر استخدام عناصر مميزة لمراعاة الطابع المعمارى والسياق التاريخى لمنطقة وسط القاهرة.
وتتضمن أعمال التطوير، الأرضيات، وأعمدة الإضاءة، والمقاعد، واللافتات الإرشادية والإعلانية، وسلال القمامة، كما تشمل الأشجار والنباتات المناسبة. إلى جانب احترام حركة المشاة وذوى الاحتياجات الخاصة وتوفير مسارات آمنة لهم.
وأكد رئيس الوزراء أن خطة التطوير تمثل نقلة نوعية بمنطقة وسط القاهرة عبر تحسين صورتها البصرية وتعظيم شخصيتها المعمارية مع الحفاظ على واجهات مبانيها المميزة بها وإزالة كافة التشوهات التى لحقت بها وتنظيم لافتات المحال التجارية بأسلوب يتناسب مع الطابع العام للمنطقة، فضلًا عن إظهار المبانى المميزة بمنطقة وسط القاهرة ليلًا عبر إضاءة واجهاتها بأسلوب يظهر عناصرها المميزة وطابعها المعمارى المتفرد، ويضفى على المنطقة ليلًا بعدًا جماليًا جذابًا. كما يتم تطوير واجهات المبانى والمحال التجارية مثل ملاك العقارات، وملاك ومستأجرى المحال والمطاعم بمنطقة وسط القاهرة..
فى هذا الملف نرصد عمليات التطوير التى تشهدها ميادين العاصمة، وهى الخطة التى تتعاون فى تنفيذها وزارات السياحة والآثار والسكان، والجهاز القومى للتنسيق الحضارى، إضافة إلى محافظتى القاهرة والجيزة.
ارقام في معلومة
1919 م شهد ميدان التحرير ثورة ضد الاحتلال الإنجليزى.
1881م انطلقت الثورة العربية ضد الخديوى توفيق من ميدان التحرير.
1952م كانت ثورة ضد الملك فاروق والاحتلال البريطانى على مصر وتم تغيير اسم ميدان الإسماعيلية نسبة للخديوى إسماعيل إلى ميدان التحرير.
60 مليون جنيه تكلفة تطوير السيدة عائشة استهدفت تطوير ثلاثة محاور أساسية شملت تطوير الميدان والكوبرى وإخلاء المنطقة العشوائية وإعادة القيمة التاريخية للمكان.
1850 م لقبت العتبة بهذا الاسم فى ذلك العام بسبب قصر طاهر باشا وكان للقصر عتبة زرقاء فحصلت على اسم العتبة الزرقاء.
5.5 مليون جنيه ميزانية تطوير ميدان الجيزة.
«التحرير» يرتدى ثوب الحضارة الفرعونية
فى القرن التاسع عشر كان ميدان التحرير مجرد أرض فضاء مليئة بالمستنقعات تملؤها مياه النيل كلما فاض النهر، وهذا ما أرق الخديوى إسماعيل الذى لطالما أراد أن يحول القاهرة إلى باريس، فتم عمل تخطيط لمدينة القاهرة وأوكلت هذه المهمة للمهندس المعمارى «بارى دى شامب» والذى وضع تصميما للميدان ليكون نسخة طبق الأصل من ميدان شارل ديجول فى باريس.
وتمر السنوات ليشهد هذا الميدان العديد من التحولات السياسية فى مصر، حيث انطلقت منه الثورة العرابية ضد الخديوى توفيق عام 1881، وثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزى على مصر، وثورة 1952 ضد الملك فاروق والاحتلال البريطانى على مصر، وبعد هذه الثورة تم تغير اسم الميدان من ميدان الإسماعيلية نسبة للخديوى إسماعيل إلى ميدان التحرير وظل حتى الآن بذات الاسم.
وشهد الميدان العديد من محاولات التطوير فى أوائل ومنتصف القرن العشرين لتطوير الميدان،كان أولها فى مطلع القرن الماضى، وحينها أثارت الصحافة قضية موقع ثكنات قصر النيل مؤكدة أنه لم يعد مناسبًا أن يكون رمز الاحتلال الإنجليزى قريبا من رمز الحضارة المصرية القديمة وهو المتحف المصري.
ووقتها تقدم رجل المال والثرى المصرى موسى قطاوى باشا بتخطيط لمنطقة قصر النيل متضمنا هدم ثكنات قصر النيل، واستبدالها بمجموعات سكنية فاخرة تحيط بالمتحف المصرى وقد وضع فى تخطيطه أن الشارع الجديد شارع الخديوى إسماعيل سيؤدى إلى مدخل المتحف وعلى جانبيه ساحات متعددة بها تماثيل فرعونية، لكن الحكومة البريطانية رفضت المقترح متمسكة ببقاء ثكنات العساكر الإنجليز فى قصر النيل..
وتجدد الأمر بمقترح من مهندس شاب يُدعى محمد فهمى نبيل عام 1933 لحسين باشا واصف وزير الاشغال العمومية وقتها، بوضع مسلة وعدد من التماثيل الفرعونية فى قلب ميدان التحرير لكنها أيضاً رُفضت هذه الفكرة من قبل الإنجليز، لتتجدد مرة أخرى دعوة التجديد عام 1947 بمقترح من محمد ذو الفقار بك بإنشاء مجموعة من المبانى الإدارية لمختلف الوزارات والهيئات الحكومية وعدد من المتاحف، ولم ينفذ منه إلا مجمع التحرير فقط الذى أنشيء عام 1951 بتكلفة قُدرت وقتها بحوالى مليون و200 ألف جنيه.
كما تم تجميل الميدان وأقيمت له قاعدة رائعة من المرمر ليوضع عليها تمثال الخديوى إسماعيل الذى كان يصنع فى إيطاليا وانتهى صنعه بعد 23 يوليو 1962 ولذلك ظلت القاعدة خاوية حتى تم إزالتها أثناء حفر مترو الأنفاق،فى ثمانينيات القرن الماضي.
وبعد ثورة 23 يوليو حدث تحول فى الوضع السياسى وتم تغيير اسم المنطقة التى تعرف باسم ميدان الخديوى إسماعيل فى أغسطس عام 1952 إلى ميدان الحرية،و فى 2 يوليو 1954، تم تغيير مسميات 15 شارعًا من أهم شوارع القاهرة إلى أسماء تتماشى مع ثورة 1952 وتغير اسم منطقة ميدان الحرية إلى ميدان التحرير وكانت محلًا للمسيرات السنوية للاحتفال.
وفى عام 1953 نشر المهندس المعمارى الشهير سيد كريم تخطيطا معماريا لمنطقة قصر النيل متضمنا بناء فندق فى موقع ثكنات قصر النيل مع كازينو يمتد إلى النيل وهدم المتحف المصرى واستبداله بمبنى متعدد المستويات قال إنه سيكون متحف الحضارة المصرية ومبانى لوزارة الشئون الخارجية وإدارة الاذاعة والتلفزيون وأخيرا سلسلة من التماثيل تمجد ثورة 1952 ونصبًا تذكاريًا ضخمًا للجندى المجهول وقد صممه الفنان فتحى محمود ولكن رؤية كريم مثل آخرين قبله لم تنفذ أبدا.
وشهد الميدان عمليات تطوير جزئية خلال العقود السابقة، ولكنه ظل محتفظًا بتخطيطه الرئيسى، ومحتضنًا العديد من المبانى المهمة تاريخيا ومعماريا، وعلى رأسها المتحف المصرى وجامعة الدول العربية والمقر السابق لوزارة الخارجية وعدد من الفنادق المشهورة ومسجد عمر مكرم وكنيسة قصر الدوبارة، ويتفرع من الميدان أهم شوارع العاصمة منها شارع الفلكى وطلعت حرب وشارع قصر العينى وشامبليون وقصر النيل وميدان عبدالمنعم رياض ومحمد فريد.
أما قلب الميدان والمبانى المحيطة به، ففيها تجسدت مظاهر التطوير التى قامت بها الحكومة المصرية مؤخرا، حيث تم إنشاء قاعدة ضخمة ثُبتت عليها المسلة الفرعونية وسط الميدان والتى تم ترميمها بطول 19مترًا، يحطيها 4 أكباش فرعونية،ويوجد نافورة مدرجة ب3 مستويات بوسط الميدان وزراعة النباتات حولها، كما تم دهان العقارات المطلة على الميدان لتظهر بشكل موحد، وإنارة كل المبانى المطلة على الميدان بمنظومة إنارة
على أعلى مستوى، وأيضاً زُرع الميدان بالكامل بنباتات نخيل وزيتون ونباتات بردى وخروب وجميز، وشجر مخيط، وسنط، والمنطقة السطحية لجراج التحرير بأشجار الزيتون والنخيل، ونشر مقاعد للجلوس بطول الحدائق.
«رمسيس».. يجدد شبابه الضائع
ميدان «رمسيس».. اسم لا يغيب أبدًا عن مسامع المارة والركاب داخل الأتوبيسات والميكروباصات وغيرها من وسائل النقل المختلفة، حيث رسخ فيلم «باب الحديد» ليوسف شاهين وهند رستم، صورة حقيقة لا تزال محفورة فى أذهان المصريين عن هذا الميدان، حيث تناول حياة المهمشين والباعة الجائلين فى المكان، وبعبقرية صور الميدان كملتقى لتجميع شتات الناس من كافة الأقاليم والمناطق الذين لابد من وصولهم للميدان للانطلاق لشوارع العاصمة وميادين العاصمة عبر محطة «مصر».
ويستمد «رمسيس» مكانته ليس فقط من تاريخه الذى يمتد لأكثر من مائه وخمسين عامًا، بعدما أمر عباس حلمى الأول بشق شارع رمسيس والذى سمى آنذاك ب«بشارع عباس الأول» وتغير اسمه إلى رمسيس بعد نقل تمثال رمسيس الثانى للميدان بعد ثورة يوليو 1952، بل ترجع أهميته إلى أنه يعتبر رابطًا بين كافة مدن القاهرة الكبرى حيث يوجد به محطة مصر والتى كان يطلق عليها قديمًا «باب الحديد»، وهناك موقف بالميدان لوسائل النقل بدءًا من الاتوبيسات والميكروباصات مرورًا بكافة وسائل النقل الأخرى والتى يعتمد عليها المواطنون من كافة بقاع الجمهورية للسفر إلى الإقليم والمحافظات المختلفة.
وطيلة ال 24 ساعة الميدان لا يهدأ ولا تخفت أضواؤه، وهناك أوقات يصل فيها لمرحلة الزحام الشديد وقت خروج الموظفين وتزاحم الركاب للتنقل من مكان لآخر، وبنظرة عابرة على شوارع الميدان التى تكتظ بالمحلات التجارية، أهما شارع الفجالة وهو اشهر شوارع الميدان لأنه يمتاز بطابع تجارى ويتركز نشاطه على المطابع ودور النشر والمكتبات والأدوات المدرسية التى تشهد إقبالًا عليها كبيرًا من قبل المواطنين فى أوقات الدراسة تحديدًا، وفى مدخل المدينة هناك مسجد الفتح والذى يعود إنشاؤه إلى العصر الفاطمى، ويعد المسجد وجهة للكثير من المسافرين للصلاة فيه والراحة لبعض الوقت.
ولا يمكن التواجد فى الميدان دون المرور بمحطة مترو الانفاق والتى تغير اسمها من «حسنى مبارك» إلى «الشهداء» عقب ثورة 2011، ويستعين بها الركاب للوصول لمحطة مصر أو لشوارع الميدان هربًا من ازدحام المواصلات وتوفيرًا للوقت، أيضاً لا يخلو الميدان من المطاعم وأكشاك البقالة والتى يقصدها غالبية المارة للشراء منها، وفى واجهة الميدان تحتفظ محطة مصر برونقها الأخاذ الذى يسحر الأعين فور التجول بداخلها حيث تأخذك الاضاءة الخافتة والبهو الداخلى الذى تم تصميمه على شكل أزهار اللوتس وهرم زجاجى يتوسط المحطة، ولوحات إلكترونية تشير إلى مواعيد انطلاق القطارات وبوابات إلكترونية وضعت للكشف عن الحقائب الداخلة قبل الوصول للرصيف.
وشملت أعمال تطوير الميدان «تبليط رخام جديد ولحام الفواصل الحديدية بالميدان، وأعمال نظافة رفع مخلفات البلاط القديم»، وتم إخلاء «رمسيس» من الباعة الجائلين ونقلهم لأماكن مخصصة لهم فى موقف أحمد حلمى، كما زادت عمليات الإنارة وتركيب أعمدة جديدة.
«السيدة عائشة».. تتحرر من الباعة الجائلين
يد التطوير أزالت متاعب ميدان العباسية وأعادت له بهاءه من جديد، فتم تجميله ورفع كفاءة الإنارة به، وهو نفس ما تم فى ميدان السيدة عائشة أحد أكبر الميادين التراثية فى مصر والعالم العربى حيث يزيد عمره على 700 سنة، علاوةً على أنه اكتسب شهرته نظرًا لوجود مقام السيدة عائشة به.
ورغم قيمة المكان التاريخية والدينية، إلا أنه كان لسنوات طويلة مرتعًا للباعة الجائلين وسائقى الميكروباصات الذين يستغلون الميدان وساهموا فى تدمير معالمه التاريخية والأثرية، حيث يحيط به عدد من المناطق الأثرية والتى تعد من أهم المزارات السياحية بالقاهرة كمنطقة آثار القلعة ومنطقة الفسطاط ومجرى العيون وكذلك منطقة مجمع الأديان، كما أن الميدان يضم 3 مساجد أثرية وتراثية هامة هي مساجد السيدة عائشة والمسبح والغوري.
ووفقًا لمحافظ القاهرة المهندس عاطف عبدالحميد فإن تكلفة التطوير بلغت 60 مليون جنيه، واستهدفت ثلاثة محاور أساسية شملت تطوير الميدان وتطوير الكوبرى وإخلاء المنطقة من العشوائية التى كانت سمة مميزة للمكان لفترة طويلة وإعادة القيمة التاريخية للمكان كمنطقة مزارات دينية والقضاء على الصورة الذهنية التى ربطته بكونه ملتقى للمواصلات.
واستكمالًا لأعمال التطوير تم إنارة أسفل الكوبرى، ودعمه بأعمدة حديدية، واستعداله ورصفه من الأعلى، بالإضافة إلى استخدام أحد البرامج الهندسية فى التحليل الإنشائى لتحديد الطرق المثلى لعلاج مشكلات الكوبرى ومنع الحوادث مع تحليل كامل لسرعة السيارات المناسبة للسير على الكوبرى وتقوية جميع العناصر الإنشائية مع إضافة المظهر ذي الطابع المتماشى مع طبيعة الموقع العام للمنطقة، وترميم وإصلاح الجوانب والأسوار الحديدية والفواصل لمنع تكرار الحوادث والحد من وقوعها.
التطوير يطرق أبواب «العتبة» و«طلعت حرب» وميدان الجيزة
فى يوليو الماضى، كلّف رئيس الوزراء مصطفى مدبولى بسرعة التنسيق بين وزيرى السياحة والآثار، والإسكان، ومحافظ القاهرة بشأن البدء فى تطوير عددٍ من ميادين القاهرة الخديوية على غرار ما حدث من تطوير فى ميدان التحرير، على أن يتم البدء بميادين طلعت حرب، والأوبرا، والعتبة، وغيرها.
بداية جولتنا للمناطق المزمع تطويرها فى الأشهر المقبلة، كانت البداية من منطقة العتبة التاريخية التى يعود إنشاؤها لأكثر من 4 قرون، ولقبت بهذا الاسم عام 1850م بسبب سرايا أو قصر طاهر باشا وهو القصر الذى آلت ملكيته لعباس الأول، وكان للقصر عتبة زرقاء فحصلت على اسم العتبة الزرقاء.
على بعد خطوات بسيطة من محطة مترو العتبة، يقع سور الأزبكية الشهير ببيع الكتب بأسعار أقل من نظيرتها فى المكتبات العامة والخاصة، حيث يعرض أصحاب المحلات بالمكان والتى يصل عددها إلى 460 محلًّا تجاريًّا على مناضد خشبية لبيعها ليراها الجمهور، وفى نهاية السور وعلى امتداد ميدان العتبة وحتى نهايته، هناك آلاف التجّار المتجوّلين لبيع الكتب، علاوةً على اصططاف عشرات الباعة الجائلين على جانبى الطريق وأمامهم مجموعة من المعروضات التى
تتميز بسعرها الرخيص ويقبل عليها المارة لشرائها.
فالازدحام وصعوبة السير ليست فقط السمة الوحيدة لأشهر منطقة تاريخية والتى تمتدّ على مساحة 5200 متر مربع وتعد مركزا ثقافيا لاحتوائها على المسرح القومى ومسرح الطفل، وشارع محمد على الذى يعد مركزًا لتجمع والتقاء الموسيقيين.
وتضم العتبة ميدان الأوبرا وبه تمثال إبراهيم باشا نجل محمد على، بالإضافة إلى مسجد من المساجد الأثرية بالقاهرة، بجانب سور الأزبكية وهو المكان الأشهر لتجارة الكتب والمجلات المستعملة على تنوع واختلاف مجالاتها.
وجاء قرار تطوير سوق العتبة الخضراء بعد الحريق الضخم الذى اندلع بتاريخ 27 يونيو 2019 فى المنطقة التاريخية، والذى أسفر عن تدمير 180 محلًا تجاريًا (أكثر من ثلث السوق)، كما وصلت الخسائر إلى 2 مليون جنيه (وتعتمد الخطة المزمع تنفيذها فى القريب العاجل على إنشاء شبكة إطفاء وتأمين للبوابات التاريخية لسوق العتبة بالإضافة إلى تركيب أجهزة إنذار الحرائق وربطها بالإدارة العامة للحماية المدنية.
إلى جانب ذلك، فإن خطة إخلاء الميدان من الباعة الجائلين أهم بند عملية التطوير التى تستهدف المنطقة، حيث تقوم الحكومة فى الفترة الحالية بمراجعة عقود الايجار لأصحاب المحلات التجارية بالمكان استعدادًا لنقلهم لمكان آخر والذى سيقام على أرض مجاورة للسوق، حيث سيتم بناء سوق بديلة عليها لتسكين شاغلى المحلات التجارية لإعادة المنطقة لرونقها وشكلها التاريخى مع الحفاظ على واجهاتها التاريخية وطرازها المعمارى.
على بعد بضعة كيلو مترات من العتبة، يقع ميدان طلعت حرب أشهر ميادين منطقة وسط البلد وأكثرها إقبالا من قبل المواطنين لزيارتها،فأول ما يلفت انتباه المارة فى حال تواجدها بالميدان أو الشارع الذى يحمل نفس اسم الميدان، هو «تمثال طلعت حرب باشا رائد تمصير الاقتصاد الوطنى ومؤسس بنك مصر.
بجانب قيمة المكان التاريخية فيحوى شارع وميدان طلعت على أعرق المبانى ومعظمها مبنى على الطراز الاوروبى الكلاسيكى، ويضاهى بأناقته المبانى الباريسية، أما أهم تلك المعالم فهي: عمارة يعقوبيان الشهيرة، وشركة مصر العقارية، عمارة الشرق للتأمين، عمارة جروبى، مول طلعت حرب، محلات صيدناوى الشهيرة العائدة لبدايات القرن العشرين، سينما ميامى، ومسرح وسينما راديو.
وتعتمد خطة الحكومة لتطوير المنطقة على توحيد لافتات جميع المحلات بالميدان كما سيتم توحيد الإنارة أيضاً بالإضافة إلى طلاء وجهات المنازل التى لم يتم طلاؤها خلال الفترة الماضية.
من طلعت حرب فى التحرير إلى ميدان الأوبرا، كيلو مترات بسيطة تفصلك عن تحفة معمارية فريدة تم بناؤها فى عهد الخديوى إسماعيل الذى أسند أعمالها إلى مهندس إيطالى لتكون على غرار أوبرا «لاسكالا» بمدينة ميلانو فى إيطاليا، عام 1869 وسمى الميدان الذى تقع به ميدان الأوبرا، وتم افتتاحها عام 1869 بحضور ملوك أوروبا.
ورغم القيمة الفنية والتاريخية للمكان إلا أنه هناك بعض الظواهر التى تعكر صفو هذا المكان الذى لم يعد هادئًا بسبب الازدحام المرورى الشديد الذى يخنق المكان ويزعج المارة، هذا ما دفع المسئولين إلى التفكير جديًا فى تطوير الميدان على غرار ما تم فى التحرير، حيث تتركز خطة الحكومة لتطوير المنطقة على توحيد لافتات جميع المحلات بالميدان كما سيتم توحيد الإنارة أيضاً بالإضافة إلى طلاء وجهات المنازل التى لم يتم طلاؤها خلال الفترة الماضية، وهى نفس الخطة التى أعدت لطلعت حرب.
ومن القاهرة إلى الجيزة وتحديدًا ميدان الجيزة والذى تم وضعه على رأس خطة التطوير التى تستهدف عددًا كبيرًا من ميادين العاصمة، ولا يخلو ميدان الجيزة من الباعة الجائلين المنتشرين فى كافة أرجاء المكان وتحديدًا تحت كوبرى المشاة الذى يتخلل الميدان ممتدًا لشارع الهرم، علاوةً على عشوائية مواقف الميكروباصات والسيرفيس المنتشرة بكثرة حول الميدان.
كل هذه الظواهر العشوائية التى تتخلل الميدان، كان لابد من عملية تطوير للقضاء عليها، وهو ما بدأته الحكومة بالفعل للحفاظ على المكان التاريخى الذى يبعد كليو مترات بسيطة عن أهم المعالم السياحية فى مصر وهى الأهرامات، علاوةً على أنه نقطة مهمة ينطلق منها كافة المواطنين للعديد من المناطق فى القاهرة، ما يعنى أن الحفاظ عليه سواء بغرض سياحى أم تجميلى فى غاية الضرورة.
وتستهدف خطة تطوير الميدان بالأساس مواقف سيارات السرفيس والتى سيبدأ تنفيذها نهاية الشهر الحالى بتكلفة إجمالية حوالى 5.5 مليون جنيه.
ووفقًا لما قاله اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة فإن أعمال التطوير تأتى ضمن خطة المحافظة لتطوير مواقف السرفيس من الناحية الانشائية والخدمية والاستثمارية وذلك لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتحقيق السيولة المرورية أمام الموقف خاصة وأنه يقع وسط منطقة حيوية بالمحافظة إضافة إلى تحقيق العائد الاستثمارى من تلك المواقف باعتبارها أحد مصادر الدخل التى يمكن تنميتها واستغلالها فى الإنفاق على مشروعات خدمية أخرى لمواطنى المحافظة.
وأشار إلى أنه سيتم تنسيق الموقف بشكل حضارى ودعمه بالمظلات ومقاعد الانتظار للمواطنين والإعلانات واللوحات الإرشادية وتركيب بوابات إلكترونية بالمداخل والمخارج لتحصيل الكارتة من السيارات وذلك لإحكام السيطرة على الإيرادات المحصلة دون تدخل عنصر بشرى بها، مضيفًا أنه سيتم إنشاء نظام مراقبة بالكاميرات وشبكة كهرباء وإضاءة حديثة ودعمه بوسائل الأمان اللازمة وكافيتريات.
خبراء: مبادرة للجمال بعد سنوات طويلة من القبح
اختلفت آراء الخبراء والمتخصصين حول عمليات التطوير، حيث اتفقوا فى أهميتها بشكل عام، لكنهم اختلفوا فى الشكل الذى ظهرت عليه عمليات التطوير، حيث رأى الفنان التشكيلى حسين نوح أن التجديد الذى طال العديد من ميادين القاهرة الخديوية أزال القبح عن وجهها وأعاد لها جمالها، علاوةً أنه حافظ على نسقها التاريخى ورونقها الحضارى.
وأشار إلى أنه تم إهمال الجمال لفترات طويلة، علاوةً على أنه انسحب من حولنا والسبب فى ذلك أنه ليس لدينا ثقافة تجعلنا ندرك أهمية الجمال والفنون نظرًا أنه لا يوجد خطط فى المدارس والكليات لتدريس الفنون والرسم، علاوةً أنه لا يأخذ المدرس تلاميذه لزيارة معرض أو متحف، ولم تعد حصة الرسم ذات أهمية، فدائما تستبدل بحصص لمواد أهم أو يعتقد البعض أنها أهم وهذا من وجهة نظرى خطأ فادح، فالفنون وتفعيل الفكر الجمالى هو تصالح مع الإبداع ونبذ القبح، هذا القبح الذى أراه بيئة خصبة لكل مظاهر العنف والدم والتفجير وكراهية الحياة.
ونوه إلى أنه لابد أن نتيح الفرصة للمسئولين لينفذوا كافة خططهم ومشروعاتهم المرسومة، مشيرًا إلى أن النقد الدائم قبل معرفة نتائج التجربة بشكل متكامل وسليم تجعلنا فى بعض الأحيان لا نكمل أى شىء، مشيرًا إلى أنه مصر مليئة بالفنانين والموهوبين لكن ينتظرون من يعطى لهم الفرصة ويسمح لهم بالتواجد، خاصةً أن العديد من الهواة ومدعى الفن أصبح لهم مكانًا.
من جانبه، عارض المهندس حسين منصور التجديدات التى شهدها ميدان التحرير، مشيرًا إلى أنها مأخوذة عن فكرة موجودة فى ميدان ويستمنستر فى انجلترا، وهو نقل لا يتناسب مع الطبيعة التاريخية للمكان، والمسلة الموجودة فى الميدان لا تعبر عن حجم ورقى الحضارة الفرعونية القديمة، فالمسلات فى بعض الدول كأمريكا يصل طولها 23 متراً ووزنها 22 طناً، بينما قطر المسلة المصرية المجمعة أقل من نظيرتها فى الخارج حيث وصل طولها 17 متراً ووزنها لا يتجاوز 9 أطنان.. ما جعلتها تبدو بصورة ضعيفة لا تتناسب مع أشهر ميادين العالم.
وأشار إلى أنه كان لابد أن يكون للميدان نسقه الخاص، لافتًا إلى أن فكرة أماكن الجلوس الموجود فى الميدان عبارة عن شكل تابوت فرعونى وهذه فكرة عقيمة وشكلها ردىء، علاوةً على أنها عرضة لكميات كبيرة من الأتربة ما يجعلها غير صالحة للجلوس عليها.
ونوه إلى أن قاعدة الميدان القديمة كانت مناسبة أكثر للطابع التاريخى للمكان، والتى اختفت مع بدايات شق مترو الانفاق فى الثمانينات، لافتًا إلى أن الجرانيت المستخدم فى القاعدة الحديثة ردىء وغير مناسب.
وعارض «منصور» فكرة نقل تماثيل الكباش الأربعة إلى ميدان التحرير، مشيرًا إلى أنها بذلك ستكون عرضة للتلوث والأتربة نظرًا لأنه معروف أن القاهرة أكثر مدن العالم تلوثًا وأتربة، ما يؤثر على رونق التماثيل، لافتًا إلى أنه كان لابد أن يتم صناعة تماثيل من البرونز ووضعها فى ميدان التحرير بدلًا من نقل التماثيل وتعريضها للخطر.
وأكد أنه كان لابد أن يقام حوار مجتمعى متكامل مع المتأثرين بالتطوير والقاطنين بالمكان والخبراء للاستفادة من آرائهم فى عمليات التطوير، علاوةً أنه كان لابد من دراسة علمية متأنية لمدى تأثير هذه التجديدات على المقيمين بها خاصةً سكان مصر الجديدة الذين تضرروا من الكبارى التى أثرت بشكل كبير على القيمة التاريخية للمكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.