أكد الفنان اللبناني وليد توفيق أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الفنان في قضايا وهموم مجتمعه، مشيرا إلي أنه على الرغم من أن إبداء الفنان وجهة نظره في السياسة تعد أمرا محرجا بالنسبة له لدعمه جهة على حساب جهة أخرى، إلا أنه يفضل أن ينحاز الفنان إلي شعبه. وشدد وليد توفيق على ضرورة أن يكون الفنان ذكيا وألا يستغله طرف لتحقيق أهداف محددة، وقال إن الشعوب العربية بحاجة إلي قادة حكماء بمعنى الكلمة. كما أشار إلي أن دور المطرب ليس قاصرا على الغناء وإنما في البحث الدائم عن كيفية مشاركته بشكل أكبر فاعلية في آلالام ومشكلات وتطلعات الشباب. ويرى توفيق إن الثورات اندلعت بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الإعلام، فهناك برامج تمزق الوطن العربي من خلال ما تقدمه للجمهور؛ مضيفا :"أشعر بالحزن والأسى عندما أجد تلك البرامج تبرز جنسية الفنان العربي بشكل يمزق الهوية العربية من خلال رفع أعلام البلدان العربية من خلال تلك البرامج في إشارة إلي جنسية الفنان،ففي السابق لم نكن نرى ذلك،لأننا أحببنا لبنان من خلال وديع الصافي وفيروز؛ وتعلقنا بمصر من خلال عبدالحليم حافظ وكوكب الشرق أم كلثوم. وأكد توفيق أن الإعلام هو مرآة الفنان ينقل من خلالها ما يريده للناس، وبالتالي فالفنان ضعيف لأنه لا يمتلك آلية ما يريد أن ينقله للناس إلا من خلال تلك الوسيلة التي ينبغي أن تتسم بعد الثورات العربية بالصدق والنزاهة وأن تكون حريصة بصدق على مصالح الناس. واستطرد وليد توفيق في حديثه عن البرامج الفنية قائلا: "أجد برامج جيدة وأخرى تنفذ بغرض التسلية أو بهدف ترفيهي تجاري". وعن رأيه في برامج اكتشاف الموهوبين التي يتم تقديمها حاليا، قال الفنان وليد توفيق هناك برامج يتم تنفيذها بشكل جيد، ولكن الأمر السلبي هو تقديم برنامج كل عام وهذا أمر خاطىء لأنه من المفترض أن يتم تقديمها كل أربع سنوات كي يدعم صناعها الأصوات الموهوبة التي يتم اكتشافها من خلالها ومساعدتها كي تستطيع أن تحدد لنفسها اللون والطريق الذي ستسلكه في الغناء، لأن الفن عبارة عن فكر وتخطيط وليس فقط الغناء لمجرد الغناء. وأضاف:"كي نستطيع القول بأن تلك البرامج نجحت، فينبغي ألا يكون دورها قاصرا على مجرد اكتشاف الموهوبين، وإنما في دعمها لتشق طريقها ومساعدتها في تحديد واختيار اللون والشكل الذي يناسبها". كما أوضح أن نجاح الموهوبين في تلك البرامج يعتمد بنسبة 50 في المائة على صوتها و50 في المائة على أدائهم لأغنية محببة للجمهور أو لحنها،ولكن يبقى الرهان على ما تقدمه تلك المواهب من أعمال بعد ذلك. وحول مستقبل الغناء بعد ثورات الربيع العربي، قال وليد توفيق : "إن الابتزال والأغنيات الهابطة ستظل موجودة ويصعب حصرها والحد من انتشارها بسبب الفضائيات المنتشرة التي تهدف لترويج نوع محدد من الأغنيات لأسباب تجارية بعيدا عن الفن الحقيقي، حيث لاتعتمد على الكلمة أو اللحن. ورأى أن حل تلك الأزمة يبدأ من خلال الإعلام قائلا: "ينبغي توعية القنوات الفضائية بخطورة ما تقدمه..فمشكلتنا الحقيقية ليست في الطرب أو الكلمة الهابطة التي يقدمها البعض وإنما في المنتج والإعلام الهابط..وفي الواقع لا أعتاب الجمهور،وخير دليل على ذلك حفلات الأوبرا التي يقصدها حشد كبير من الجماهير التي تعي الفن الحقيقي وهو ما شعرت به في مصر وفي بلاد المغرب". وقال توفيق :"ينقصنا وجود ملحنين أمثال بليغ حمدي والموجي وغيرهم، وفي الواقع أرفض تقديم أي أغنية بلا مستوى موسيقي وأحرص على سماع أغنيات التراث، وأود أن أشير إلي أن نحو 50 أو 60 في المائة من أغنيات عبدالحليم أحبها الجمهور وتعلق بها لأنها مست إحساس ووجدان الناس". وعن رأيه في الأغنيات المصورة التي يتم عرضها، قال الفنان وليد توفيق إن الأغنيات المصورة "الفيديو كليب" تخطف العين قبل الأذن، ومن ثم فإن عليها عاملا كبيرا في نجاحها،مشيرا إلي أن فرض مطربين محددين على مدار اليوم على الفضائيات الغنائية المختلفة أدى إلي تعلق بعض الجمهور بهم، واصفا ذلك النجاح بأنه نجاح وهمي مبني على الخداع ولن يستمر طويلا،لافتا إلي أنه حينما يتم وقف عرض أغنياتهم فسرعان ما سينساهم الجمهور. وأضاف: "لولا الأرضية الصلبة التي أقف عليها وتاريخي لنسيني الجمهور، فكلا من الفنانين علي الحجار وهاني شاكر ومحمد الحلو غير منتشرين إعلاميا لكنهم باقون لأنهم موجودن في قلوب عشاق الغناء الأصيل". وحول سبب غيابه عن الجمهور لفترة طويلة، قال:"لست بعيدا وإنما أحداث الثورات العربية كان لها تأثير كبير على تواجدي كما أثرت على الفن أيضا". وفيما يتعلق بشأن مشروعاته الفنية الجديدة،قال:"لدي مشروعات كثيرة ولكن العملية الإنتاجية صعبة هذه الأيام، وفي الواقع خطر في بالي فكرة سأسعى إلي تحقيقها وهي تقديم ألبوم غنائي بعنوان "أغاني أحببتها" يضم 8 أغنيات أهديها إلي جمهوري عبارة عن مجموعة من أغاني من التراث الأصيل". وأضاف:"على الرغم من أن البعض يهاجمني عندما أعيد تقديم أغنيات من التراث، إلا أنني لا أبالي لعشقي للطرب الأصيل، كما أجهز لألبوم غنائي جديد من ألحان شاكر الموجي، ملحم بركات، ووليد توفيق وكلمات كل من الشعراء هاني عبد الكريم،عاصم حسين وكاظم السعدي، ليكون جاهزا للعرض في أبريل خلال عيد الربيع،حيث تم اختيار الأغنيات كاملة التي سيتم تقديمها في الألبوم الجديد. ووصف الفنان اللبناني وليد توفيق، دورة مهرجان الموسيقى العربية التي أقيمت مؤخرا بأنها كانت ناجحة في ظل الظروف الدقيقة التي يتعرض لها المجتمع،معربا عن سعادته بالتواجد في خامس مشاركة له فيها، مشيرا إلي أن أهم ما يميز تلك الدورة أنها أول دورة يتم تنظيمها بعد الثورة. وقال إن أجمل ما في مهرجان الموسيقى العربية هو حضور الجمهور المثقف العاشق للطرب والموسيقى والناقد والذي يمنح الفنان إحساسا جميلا يصعب وصفه،وأتمنى أن يتم إقامة العديد من مهرجانات الموسيقى المختلفة في مختلف البلاد العربية،لأنها فرصة لالتقاء الثقافات وتقديم ألوان موسيقية مختلفة كما تمنح الفرصة للعازفين والأصوات الموهوبة التي لا تسنح لها فرصة الظهور في إبراز موهبتهم. وقال توفيق :"أعجز عن وصف إحساسي وسعادتي بالوقوف على خشبة المسرح أمام جمهوري العربي العاشق للطرب الأصيل، فأدائي أمام الجمهور العربي واحد وإنما يختلف فقط التعبير عن حالة الانسجام والتفاعل من بلد عربي إلي أخرى". كما أشار إلي أن فكرة تقديم الدويتو الغنائي تفتقدها تلك المهرجانات، معربا عن أمله في تنفيذها في مهرجانات الموسيقى العربية القادمة، وقال إن تحديد المطرب الذي يقدم معه الدويتو الغنائي يختلف حسب نوع الأغنية، حيث يفضل تقديم دويتو خليجي مع المطربة أحلام،ودويتو الكلاسيكي مع أنغام، في حين يفضل تقديم دويتو أغنيات التراث مع آمال ماهر.