على مدار الفترة الماضية منذ 11 فبراير 2011 و حتى اليوم شاهدنا العديد من المواقف التى أوضحت للجميع ان تيار الإخوان المسلمين يستطيع فقط ان يكون جماعة سياسية تستخدم الدين لجذب المريدين و تجميعهم عند الحاجة للضغط على السلطات و السلطان الضعفاء أصلاً و عقد الصفقات مع وسطاء في الغرف المغلقة ثم صرف الأنصار إلى منازلهم بحكم قسم السمع و الطاعة الذى يحكم المنتمين للجماعة . أما إدارة الدولة و الحكم الرشيد فقد فشلت الجماعة فيه مبكراً رغم عمرها الذى يزيد عن الثمانين عاماً عاشتها مطاردة من السلطات فى بعض الأوقات و متصالحة فى أغلب الأوقات من خلال الصفقات التى احترفها قادتها مع رجال الحكم فى كل عهد بدءاً من عهود الملكية و انتهاءاً بعهود العسكر بعد 23/7/ 1952 . و لأن الغباء السياسى كان دائماً هو البوصلة التى وجهت أداء الجماعة بعد حصولها على أغلبية فى أول برلمان بعد الثورة فقد وصلنا جميعاً إلى موقف لا نحسد عليه عندما وصل احمد شفيق بما يمثله من رمز للنظام العسكرى لمرحلة الإعادة مع محمد مرسى مرشح الجماعة او الواجهة السياسية لها الممثلة فى حزب الحرية و العدالة ، و التف الجميع حول مرشح الجماعة بهدف عدم عودة نظام ديكتاتورى لفظه الناس و طالما حلموا بسقوطه نهائياً و اعتقدنا جميعاً ان هذا الالتفاف حول مرشح نختلف معه و لكن نختاره رغم الاختلاف حتى نقضى على اى أمل فى عودة الديكتاتورية لمصرنا الحبيبة . و لم يكن يتصور أكثر المتشائمين فينا صدور مثل هذه القرارات المتخبطة و المتسرعة فى أحيان و الحمقاء فى أحيان أخرى ، حتى كان الإعلان الدستورى الذى جمع فيه ممثل الجماعة المنتخب رئيساً لدولة بحجم مصر كل السلطات و محصناً قراراته من كل طعن او نقد ، ناسياً او متناسياً ان مصر قبل 25 يناير ليست هى مصر بعدها و متخذاً قراراً لم يجرؤ أربعة رؤساء جاؤوا من خلفية عسكرية غبية أن يتخذوا مثله ، كاشفاً بإعلانه الغير دستورى بالمرة عن مدى حجم غباء الديكتاتورية الدينية مقارنة بالديكتاتورية العسكرية التى عانت منها بلادنا و مازالت حتى هذه اللحظة . تلك الديكتاتورية الدينية التى كرمت بقرارات جمهورية "طنطاوى و عنان و بدين" و غيرهم من قادة مجلس الديكتاتور العسكرى رغم ان مرسى يعرف أنهم قتلة لشباب مصرى دفع الثمن بالدماء لوصول مرشح الإخوان للقصر الرئاسى . لقد كان الإعلان الدستورى بمثابة الحصاد المر لغباء سياسى و ضح فى التعامل مع كل القضايا المتعلقة بالمصريين فى الداخل و الخارج و نتوقف عند موقف الرئاسة من المغتربين الذى وعد الرئيس المنتخب بإنشاء وزارة تعتنى بشئونهم خلال حملته الانتخابية و بعد ان وصل. للقصر الرئاسى اختار احد أبناء جماعته و هو احد كوادرها منذ كان فى كلية طب الاسكندرية قبل يذهب ليعيش فى النمسا و يتولى مهام و اعمال تتعلق بالتنظيم الدولى للجماعة فى أوربا لتكون هذه هى مؤهلاته ليصبح احد أعضاء الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور ثم لاحقاً يُختار مستشاراً للرئيس لشؤون المصريين فى الخارج ثم يتفتق ذهنه عن فكرة لتكوين مجلس استشارى ليس له اى سلطات و لا دور له الا فى معاونة المستشار فى وظيفته التى ليس لديه ما يؤهله ليتولاها و يحصل على مخصصاتها ناهيك عن رفضه لمبدأ الانتخاب لهذا المجلس حتى يأتى بمن يحظون برضاؤه السامى فقط ، و هكذا سقط وعد وزارة المغتربين الذين يزيد عددهم عن العشرة ملايين مصرى لا تهتم بهم الجماعة الا من كان ينتمى فقط لجماعتهم . هذا هو الغباء السياسى الذى وجه بوصلة الجماعة فى تعاملها عندما وصلت للسلطة لتخسر بذلك المصريين بكل طوائفهم و ألوانهم المختلفة فى الداخل و الخارج و تُبقى فقط فى جعبتها أقليتها المنظمة التى لا تستطيع ان تحافظ لها على سلطة و مواقع لم تكن تحلم ان تصل إليها بسرعة و بحكم الغباء فإنها أيضاً تخرج من هذه المواقع بأسرع مما تتخيل . و يبقى الحصاد المر لسياسات الغباء السياسى للمصريين فى داخل مصر و خارجها لنصبح كلنا فى الهم سواء.