هل مكتوب علي هذا البلد المسكين أن يقع فريسة دائمة بين واحد من الاثنين، الأول رئيس بدرجة شيخ منصر، والثاني درويش بدرجة شيخ زاوية.. الأول أدارها ثلاثين عاما وكأنها «عزبة» ورثها عن والديه.. فذهب خيراتها وامتص دماءها، استعان في عمله بعصابة ادارت مصر بطريقة «ان خرب بيت أبوك الحق خدلك منه قالب» فتحول البلد علي يديه وايدي عصابته الي عجوز شمطاء خرفة لا تدري من أمرها شيئاً بعد ان قام حاكمها أو قل شيخ منصرها بنقله الي دار المسنين فضرب الذهايمر عقلها ونخر السوس عظامها ولم يتوقف عن شفط لبنه إلا عندما تحول اللبن المحلوب منه إلي دم صاف!! ويشاء العلي القدير ان تتخلص مصر من سطوة وبلطجة الرئيس الأول، وأن تسترد عقلها وارادتها منه ومن عصابته ليأتي اليها رجل مسكين.. ناسك.. عابد.. بسيط في مظهره وفي امكاناته، فرحبت به وسلمته زمام الأمور فيها املاً في أن يعيد لها اسمها وبريقها ومكانتها بين الأمم، وتمر الأيام يوما وراء يوم.. والرجل يطارده الفشل في مختلف الأمور، والأزمات تفاقمت.. المصانع زاد اغلاقها، طوابير البطالة زاد طولها حتي أوشكت مصر علي المجاعة، ومع ذلك فالرجل مصمم علي نفس سلوكه.. صلاة ووعظ.. حتي انه نسي أنه رئيس دولة مسئول عن اطعام البشر، وتفرغ لعمله كخطيب زاوية يدعو الناس للعمل لآخرتهم حتي يفوزوا بالجنة التي حرمهم منها هو ورجاله والذين يشبهون بعضهم البعض في قلة الحيلة، بل ينافسون رئيسهم فيها، لذلك أصبحنا نصحوا كل يوم علي كارثة جديدة وهم لازالوا مصرين علي الرقص علي جثة الوطن واشلائه.. حتي جعل الناس يكفرون بالثورة التي جاءت بهذا الرجل الطيب، والذي لا يختلف اثنان في طيبته واخلاصه لكن ذلك لا يكفي، فالشعب لن يعيش بالطيبة والاخلاص، ولكن بالعمل والانجاز، لذلك عندما سئل رجل أيهما اصلح للمسلمين حاكم مؤمن ولكنه ضعيف أم حاكم قوي لكنه عاص فاختار الثاني لتولي المسئولية، وقال في شرحه لهذا الاختيار.. المؤمن الضعيف ايمانه لنفسه بينما سيقع ضعفه علي المسلمين، أما القوي الفاجر فقوته للمسلمين بينما «فجره» علي نفسه يحاسبه الله عليه يوم القيامة إذن المشكلة أن مصر «كبيرة» علي الرجل البركة محمد مرسي وفي نفس الوقت «خسارة» في الرجل الآخر المخلوع! فمصر تحتاج الي رئيس لا ينهبها ولا يمتص دمها ويفقرها وفي نفس الوقت لا تحتاج إلي رئيس يبكي عليها ويندب علي حالها دون أن يقدم شيئاً لها يساعدها في النهوض حتي المشروع الذي تقدم به مرسي ونال ثقة الشعب من خلاله اتضح أنه سراب وضحك علي «الذقون» لا ينافسه في هذا إلا سد اثيوبيا وبالمناسبة هو الآخر اسمه سد النهضة!! ياسادة مصر تحتاج لرئيس قوي.. فاهم.. صاحب خيال بعيد النظر لا يسيرها باليومية يوماً.. بيوم كما كان حكم المخلوع ولا لرئيس طيب يتفرغ للدعاء لها في المساجد والزوايا حتي ان رئيس وزرائه عندما قام بتوديع أول أفواج الحج هذا العام قال للحجيج ادعوا لمصر والمصريين تماما كما يفعل رئيسه المؤمن.. الذي تخيل ان كل دوره هو الدعاء لمصر بالرخاء والازدهار دون ان يدرك ان الامم لا تتقدم بالدعاء وانما بالعمل الجاد وكم من امة كافرة عملت واجتهدت حتي دانت لهم الدنيا وما عليها حتي أصبحت الدول المؤمنة تتسول منها الاعانات والمساعدات .