كثرة الذكر من اسباب النجاة للعبد فى الدنيا والاخرة وضرب السَّلَف الصالح -رحمهم الله- أروع الأمثلة في حُبّ القرآن الكريم، وتلاوة آياته آناء الليل والنهار؛ فقد ترّبوا في مدرسة النبوّة؛ إذ كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحثّ أصحابه -رضي الله عنهم- على تلاوة القرآن الكريم، وكان يُحبّ الاستماع إلى قراءتهم؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: أقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي)،[40][41] وأوصى -عليه الصلاة والسلام- الأمّةَ من بعده بالمحافظة على قراءة القرآن الكريم، وعدم هَجره، فإن تمكّن المسلم من خَتم القرآن الكريم مرّةً في الشهر، فقد عمل بالوصيّة؛ لِما ورد عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اقْرَأِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ)،[42][43] وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- جيلاً قرآنيّاً فريداً؛ إذ كان ارتباطهم بالقرآن الكريم عميقاً للغاية، حتى ورد أنّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- خرق مصحَفَين؛ لكثرة قراءته منهما، وكانوا يكرهون أن يمرّ يومٌ دون أن يتدبّروا آيات القرآن الكريم،[44] وممّا يدلّ على أنّ للقرآن الكريم عندهم مكانةً خاصّةً ما ورد عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من أنّه قال: "لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعْتُمْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"،[45] وكان السَّلَف الصالح -رحمهم الله- يعدّون حُبّ القرآن الكريم دليلاً على حُبّ الله ورسوله؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (مَنْ أَحَبَّ أنْ يُحِبَّهُ اللهُ ورسولُهُ فلْيَنْظُرْ فإنْ كان يُحِبُّ القرآنَ فهو يُحِبُّ اللهَ ورسولَهُ).