img src="http://cdn.alwafd.org/images/news/2087470030tgfdg.jpg" alt="عوني صادق يكتب :أسطورة “الولاية الثانية"للرئيس الأمريكي" title="عوني صادق يكتب :أسطورة “الولاية الثانية"للرئيس الأمريكي" width="200px" height="260px" / في منطقتنا العربية “أسطورة”تتوارثها الأجيال، حتى أصبحت سائدة وكأنها العرف . تقول الأسطورة: إن الرئيس الأمريكي في “ولايته الثانية”هو “غيره”في ولايته الأولى، وهو “أفضل”بالنسبة إلى قضايانا العربية . ولا أدري من الذي “اخترع”هذه الأسطورة، ومن الذي يروج لها كلما أعيد انتخاب رئيس أمريكي . لكن أياً يكن المخترع والمروج، فالمؤكد أن في كلامه كثيراً من التضليل . واللافت في الأمر، أننا نكرر كثيراً “مقولات”لا يبدو أننا نصدقها، أو أننا ننساها في “الوقت المناسب”. فمثلاً، نقول ونكرر القول، إن في الولاياتالمتحدة “مؤسسات”ترسم سياستها، وإن الرئيس أياً كان، لا يفعل إلا أنه ينفذ هذه السياسة . وهذا يعني أن الفرق بين رئيس أمريكي وآخر، ينحصر في “الطريقة”التي ينفذ بها السياسة التي تقررها “المؤسسات«، و”الطريقة الخاصة”بالرئيس هي التي تظهر ما يعد “فروقاً فردية”يتميز بها عن غيره من الرؤساء . ويفترض أن تلغي هذه الحقيقة أسطورة “الولاية الثانية”. أيضاً، نقول ونكرر كثيراً، إن “السياسة مصالح«، وليس معقولاً أن تتغير المصالح في دولة كبرى، مؤسساتية ومستقرة، بين يوم وليلة . رغم ذلك، هناك من يصّر على “الأسطورة«، مستنداً إلى أن “الرئيس”لن يترشح لولاية ثالثة، ما يجعله متحرراً من حساباته الانتخابية التي قد تملي عليه، في ولايته الأولى، اتخاذ مواقف معينة قد يكون غير مقتنع بها . لكن هذه الحجة ليست بالقوة التي يزعمها لها أصحابها، فالرئيس لا يصل إلى البيت الأبيض بقوته الذاتية وفروقه الفردية وحسب، بل يصل، أساساً، بقوة حزبه وامتدادات هذا الحزب داخل “مراكز القوى”و”قوى الضغط«، وعليه دائماً أن يتذكر أن مرشحاً من حزبه سيخوض، من بعده، معركة الرئاسة التالية، وألا يُقْدم على أمر يضعف الحزب، أو يضّر بمرشحه . وبالنسبة إلى السياسة الأمريكية، فإنها تخضع، استراتيجياً، لمفهومين: الأول، ما يسمى “نمط الحياة الأمريكي«، والثاني، ما يطلق عليه “المصالح الأمريكية في العالم”. والمفهومان متداخلان وغير منفصلين، وإن ظهرا أحياناً كذلك . ف”نمط الحياة الأمريكي«، لا، ولم تتوافر أسبابه إلا من خلال علاقات أمريكا بالعالم ونفوذها فيه، وسياستها الخارجية تعكس ذلك . و”نمط الحياة الأمريكي”كانت وراءه السياسة الإمبريالية للدولة الأمريكية، نهباً واستغلالاً لثروات الشعوب المستعمرة وشبه المستعمرة، وسيطرة على الأسواق، وتحكماً في الاقتصاد العالمي، عبر أدواتها الاقتصادية، وبحماية قواتها العسكرية . لذلك، لا ينفصل “نظام الرفاه”الأمريكي عن الحروب التي تشنها الولاياتالمتحدة على نطاق العالم، ولا عن سيطرتها على موارده، وأهمها، اليوم، منابع النفط العربي، وعبر الشركات متعددة الجنسيات، عابرة القارات . والآن، لو نظرنا إلى سياسة أوباما الخارجية، في ولايته الأولى، لرأينا بسهولة كيف كانت ترجمة دقيقة ل”المصالح الأمريكية في العالم«، وهي التي أملتها . على سبيل المثال، دافع أوباما باستماتة عن “دولة إسرائيل”وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه، ومطلبه بإنهاء الاحتلال، فكان، باعتراف شمعون بيريز، أفضل رئيس أمريكي بالنسبة إلى الكيان الصهيوني منذ تأسيسه . ولم يكن ذلك، فقط، بسبب رغبته في تمديد رئاسته، بل لأن موضوع ““إسرائيل”وضمان أمنها وبقائها”يأتي على رأس قائمة “المصالح الأمريكية”في المنطقة . وحتى فهم أوباما ل”حل الدولتين”الذي يتمسك به إعلامياً«، لا يخرج عما تقرره السياسة “الإسرائيلية”أو مفهومها لهذا “الحل«، الذي لا يزيد عن “الحكم الذاتي المحدود«، في جزء صغير مقطع من الضفة الغربية . كذلك إذا أخذنا مواقف أوباما “المؤيدة”ل”الانتفاضات العربية«، بعد أن نسقط عنها الشعارات الزائفة، لا نجد فيها غير رغبة خفية في تدمير الدول العربية المعنية، ثم العمل على احتواء تلك الانتفاضات، وضمان السيطرة عليها لاحقاً . لقد تدخلت الولاياتالمتحدة عسكرياً، في ليبيا، لأن مصالحها اقتضت التدخل، وامتنعت عن التدخل العسكري، في سوريا، لأن المصالح نفسها اقتضت ألا تتدخل . وكان “عدم تدخلها”مثل تدخلها، يؤدي الوظيفة نفسها بالضبط . إن ما اعتبره البعض “نأياً بالنفس”من جانب أوباما، لم يكن كرهاً في التدخل، ولم يكن “نأياً بالنفس«، بل كان سياسة مقصودة تخدم “المصالح الأمريكية”أكثر من التدخل العسكري المباشر . وحتى بالنسبة إلى إيران، لم يكن التدخل الذي أراده نتنياهو، يخدم مصالح الولاياتالمتحدة، أو مصلحة الكيان الصهيوني، بل كان “عدم التدخل”بمنزلة الحماية للمصالح الأمريكية و”الإسرائيلية”معاً، وكانت العقوبات أجدى وأنفع . ويبقى السؤال: لماذا مكتوب علينا، نحن العرب على وجه التحديد، كل هذا الاهتمام بالانتخابات الأمريكية، ودائماً انتظار “الولاية الثانية”للرئيس الأمريكي؟ “المتفائلون”يقولون إن “خبرة”السنوات الأربع، و”حرية الحركة”التي أصبحت لدى الرئيس أوباما، والظروف المستجدة، “ستفتح”عينيه على الحقائق، ولا بد أن تحمل “الجديد”الذي سيظهر في سياسته الخارجية . ولو وافقنا على ذلك، فهل من الضرورة أن يكون هذا “الجديد”لمصلحة القضايا العربية؟ إن القاعدة الاستراتيجية التي تقوم عليها السياسة الأمريكية لم تتغير، وهي لا تزال تنبثق من “المصالح الأمريكية«، التي هي على النقيض من “المصالح العربية«، فمن أين يأتي هذا التفاؤل؟ وعلى ماذا ينعقد الرهان؟ والحقيقة أن التفاؤل والرهان، سواء بسواء، سببهما حالة التخاذل والعجز العربية الراهنة، فطالما شعوبنا، بالرغم من الانتفاضات التي دفعنا ثمنها غالياً، لاتزال مثل أنظمتنا، عاجزة عن تغيير “قواعد اللعبة«، لا يبقى غير التفاؤل الذي لا أساس له، والرهان الخاسر سلفاً . نقلا عن صحيفة الخليج