كوميديا رمضان.. سخافة واستظراف

الإفيهات الرخيصة لن تصنع نجوم كوميديا
طارق الشناوى: «رجالة البيت» فضيحة فنية
ماجدة موريس: انصرفت عن متابعتها لضعف مستواها.. و«ب100 وش» استثناء
نادر عدلى: أشرف عبدالباقى ارتكب جريمة مسرح مصر
شهد الموسم الدرامى الرمضانى 2020 تراجعاً شديداً للأعمال التى يغلب عليها الطابع الكوميدى، رغم منافسة 6 أعمال فى موسم واحد، إلا أن عرض هذه الأعمال صاحبته ضجة كبيرة، ليس فقط من الجمهور الذى اتهم بعضًا منها بالابتذال، لكن وصل الأمر إلى تبرؤ أصحابها منها، واعتذارهم عنها باعتبارها أعمالًا تستفز المشاهد وتستهزئ بعقليته.
أول هذه الأعمال مسلسل «رجالة البيت» الذى كان يحمل سابقًا اسم «تيمون وبومبا»، ويقوم ببطولته الفنانان أحمد فهمى وأكرم حسنى، بمشاركة بيومى فواد، دينا محسن ويزو، لطفى لبيب، محمد جمعة، وعدد آخر من الفنانين، تأليف أيمن وتار وإخراج أحمد الجندى، العمل لاقى هجوماً شديداً للغاية عبر السوشيال ميديا حتى إن بطله أحمد فهمى انشغل بالرد والاعتذار على جمهوره، معلنا أنه سيعوضهم عنه بعمل سينمائى قوى، فى حين أعلن النجم بيومى فؤاد اعتذاره عن العمل الذى وصفه ب«ضعيف المستوى» ولا يصح عرضه للجمهور لضعف تنفيذه وفشل تقديم محتوى جيد بسبب ضيق الوقت واضطرار فريق العمل لاستبدال المشاهد الخارجية بمشاهد داخلية، بالإضافة لعدم اكتمال السيناريو من البداية، غير أن العمل أحدث أزمة بين نقابة التشكيليين ما اضطر نقيب الممثلين أشرف زكى لإصدار بيان اعتذار ل«التشكيليين».
ثانى هذه المسلسلات «سكر زيادة» الذى شهد عودة النجمتين نبيلة عبيد ونادية الجندى للدراما التليفزيونية بمشاركة النجمتين سميحة أيوب وهالة فاخر، ورغم اشتياق الجمهور المصرى للقاء هؤلاء النجوم إلا أنه شهد هجوماً شديداً بسبب ضعف مستوى السيناريو والإخراج.
نفس الحال مع الزعيم فى مسلسله «فالنتينو» والذى لم يحظ بنجاح خلال عرضه، رغم مشاركة عدد كبير من النجوم مثل دلال عبدالعزيز وداليا البحيرى.
وعلى جانب آخر جاءت مشاركة نجوم مسرح مصر مخيبة للآمال، حيث يشاركوا هذا العام ببطولات مطلقة، من بينها مسلسل «عمر ودياب» لمصطفى خاطر وعلى ربيع، ومسلسل «2 فى الصندوق» لأوس أوس وحمدى الميرغنى لكنهما تراجعا أيضاً فى مشاهدات الجمهور فى مقابل الأعمال الأخرى.
أما مسلسل «اللعبة» الذى يقوم ببطولته شيكو وهشام ماجد فهو يعرض للمرة الثانية ولاقى فى بدايته إقبالا جماهيرية لكن الجمهور انصرف عنه بعدها.
ويعتبر العمل الوحيد الذى نال إشاده نقدية وجماهيرية هو مسلسل «ب100 وش»، والذى غيرت فيه النجمة نيللى كريم جلدها، بعد أن اعتاد الجمهور منها على تقديم أدوار تراجيدية وحزينة فى دراما رمضان، لتظهر هذا العام بدور كوميدى مع المخرجة كاملة أبو ذكرى وعدد كبير من النجوم حققوا نجاحا معها منهم آسر ياسين وشريف الدسوقى ومحمد عبدالعظيم.
دائما ما كانت الكوميديا فرس الرهان فى كل عام، وتراهن دائما على إعجاب الجمهور، لكن تراجع مستواها بهذا الشكل خاصة مستوى السيناريو والموضوع الذى يتم مناقشته ظاهرة تستحق الدراسة.. سألنا النقاد عن أسباب هذا التراجع ورؤيتهم للعودة لكوميديا قوية قادرة على المنافسة فقالوا..
قال الناقد طارق الشناوى: إن الكوميديا هى أهم طبق رمضانى ننتظره فى كل عام، سواء على مستوى التليفزيون أو الإذاعة، ويتميز بأنه الوجبة المميزة بعد الإفطار مباشرة، لكننا للأسف افتقدنا لهذه الوجبة فى السنوات الأخيرة، وهذا يرجع لوجود نظرة للكوميديا فى الدراما أنها امتداد للاسكتش الذى يتم تقديمه على خشبة المسرح، أو باعتبارها استاند أب كوميدى، وهذا السبب الأساسى فى التراجع، حيث ينتقل الكوميديان من خشبة المسرح إلى الاستوديو بنفس أسلوب الارتجال وهذا خطأ، أمام الكاميرا يحتاج الممثل إلى كاتب ومخرج وعناصر متكاملة، على عكس المسرح الذى يرتجل فيه الممثلون أمام بعضهم، والجمهور يضحك..
وأضاف: أن الوحيد القادر على تحمل البطولة المطلقة فى المسلسلات التى يقوم بأبطالها فريق مسرح مصر هو مصطفى خاطر لكنه يحتاج إلى سيناريو جيد، وهذا ما رأيناه خلال دوره فى فيلم حرب كرموز حيث استطاع أن يقدم دور عصفورة بشكل إنسانى مميز، اما معظم فريق مسرح مصر، لا يمكنهم تحمل المسئولية كاملة كما حدث هذا العام.
وعن اعتذار بيومى فؤاد عما قدمه فى مسلسل «رجالة البيت» قال إنه يشارك هذا الموسم ب5 أعمال دفعة واحدة، ولذلك عندما يخفق فى عمل ويعتذر عنه أرى أنها خطوة مهمة فى تاريخه كممثل خاصة أنه هذا العام تميز بشكل كبير فى مسلسل خيانة عهد، وأضاف أن بيومى تحلى بالجرأة الشديدة، وحكى قصة بداية التصوير بكل أمانة أنهم بدأوا التصوير دون وجود سيناريو ورغم إصرارهم على وجود 15 حلقة لكن الإنتاج رفض ونادرا ما نرى هذه الحقيقة من فنان، ومن المؤكد أنه سيتسبب له فى أزمة.
وعن أفضل الأعمال الكوميدية المقدمة هذا العام قال الشناوى: مسلسل «ب100 وش» وسر نجاح هذا العمل تقديمه بجدية، المخرجة كاملة أبو ذكرى تعاملت مع العمل كمنظومة فنية متكاملة بدأت بتسكين الممثلين، والموسيقى والديكور والإيقاع العام، وقدمت مسلسلا جيدا بمقومات جمالية وراهنت فيه على نيللى كريم وآسر ياسين ونجح الرهان، والرهان الأفضل كان على الوجوه المشاركة كلهم وجوه ستكون مشروعات ناجحة بعد نهاية المسلسل.
وقدمت الناقدة ماجدة موريس تقييما للدراما الكوميدية هذا العام وقالت: لأول مرة يشهد الموسم تراجعاً شديداً فى الأعمال الكوميدية بهذا الشكل.
وعبرت عن استيائها الشديد من برومو مسلسل «رجالة البيت» مشيرة إلى أن اختيار البرومو وهم يجلسون فى مشهد لا يحترم المشاهد ويضع قدمه فى وجه المشاهد، ويثير الدهشة والاشمئزاز، ومن خلال متابعتى للحلقات الأولى وجدت العمل ما هو إلا شخصان أحدهما عبيط وتافه وآخر يقول أى كلام، فهو عمل يفتقد إلى الحس الاجتماعى، ولذلك انصرف الجمهور
عنه منذ حلقاته الأولى.
وأضافت أن مسلسل «عمر ودياب» منذ بدايته وهو عمل مهلهل، فالمشاهد يحتاج منذ بداية العمل الذى يشاهده إلى تقديم للشخصيات وتعريف بهم، لكن العمل منذ بدايته «فاضى» ما جعلنى أيضاً انصرف عن مشاهدته.
وأشارت: للأسف الشديد نجوم مسرح غير قادرين على تولى البطولة المطلقة فى الدراما، لأن مسرح مصر ليس مقياسا لذوق المشاهد، ورغم الصور المنتشرة على أن المسرح يذهب إليه جمهور كبير، إلا أننا نسينا أن المسرح ظهر فى توقيت أزمة والجمهور الذى يذهب إليه يريد أن يضحك بأى شكل، لكن لا يمكن أن أفرضهم على المشاهد فى البيوت، الذى تربى على المسرح القومى والمسرح الكوميدى، نجوم مسرح مصر لم يحصلوا على الكفاءة الكافية لكى يقدموا البطولة المطلقة.
واتفقت مع الشناوى أن مسلسل ب«100 وش» هو الوحيد الذى حقق نجاحا كبيرا رغم أنه عمل يصنف كمواقف فانتازيا مضحكة، لكنه اكتسح الأعمال الكوميدية، لأن ما يميزه هو القصة والسيناريو، بالإضافة إلى نجاح المخرجة فى خروج السيناريو متكامل وغير مهلهل، بالإضافة إلى التميز فى اختيار كل نجم فى العمل حيث استطاع الجميع أن يغيروا جلدهم، وتدربوا على مهارات أخرى وغيروا اساليبهم فى التمثيل وتعلموا تغيير اللهجة والصوت واساليب التعامل المختلفة دراميا فهم يضحكون ويرقصون ويغيرون أشكالهم بماسكات، فالعمل به شغل فنى متميز، أيضاً فى تكنيك المكساج والصوت، وتركيب المشاهد بشكل مختلف، يمكننا أن نقول إن العمل تم صناعته بشكل متقن، وأيضاً يطرح فكرة من هو النصاب، فهم من طبقات مختلفة فى العمل وظهرت خلفية لكل بطل وظروف كل منهم، ما يؤكد أن هناك عملا جيدا وفيه قدر من الإبداع فى العناصر الفنية للعمل، حتى فى اختيارهم لأغنية تتر المسلسل التى كسرت النمط المعتاد فظهر عمل مختلف.
واتفق معها الناقد نادر عدلى فى أن الكوميديا تراجعت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وقال إن مسلسلى «2 فى الصندوق، واللعبة» أقل من المستوى المتوسط بقليل.
لكن مسلسل «رجالة البيت، وعمر ودياب» أعمال رديئة، فالعملان اعتمد أبطالهما على الاستظراف، وهما عملان يقومان على المفارقات الكوميدية لكنها اقل بكثير من أن توصف بالكوميديا المضحكة.
وأضاف عدلى: أن سيناريو مسلسل رجالة البيت واستخدامه الكلمات بشكل ردىء وتغيير مفردات الأطفال بحيث يحدث فيها خلط أمر لابد أن يحاسبوا عليه، وهذا الأمر يذكرنا بمقولة الفيلسوف ديكارت بعد الخروج من العصور الوسطى، الذى قال لا يمكن أن يحدث تطور فى المجتمع إلا بعدة قواعد من بينها عدم التعامل بلغة الأسواق، التى تجعل الشىء له أكثر من معنى والمقصود بها أوهام السوق، الذى كسر فيها تعدد اللغة لتصبح المعانى مختلطة ولا يوجد فيها دقة فى الحوار ليصبح هناك تراجع فى اللغة والمفردات التى نتحدث بها، ولو طبقنا هذه القواعد على المسلسل فهم يلعبون بالكلمات ويفسدوها مثل جملة «انفلونزا وألفنونزا»، فهو امر مستفز للمشاهد وللجميع أن يتلاعبوا بالألفاظ ويكون ضحيتهم أطفالا يختلط عليهم الخلفية اللغوية لهم.
وأضاف أن أشرف عبدالباقى صنع شيئا سيئا فى حياته وابتلى الفن فى مصر بما يسمى مسرح مصر، فقدم وجوها غير قادرة على إضحاك الجمهور، وكانت سببا فى فشل الكوميديا فى الأعمال التليفزيونية بهذا الشكل.
واختتم أن الكوميديا فى مصر تحتاج إلى إنتاج قوى حتى يتم التعامل مع الكوميديا على انها عمل درامى متكامل له ابطاله أيا كانوا خفاف الظل أو غير مصنفين كوميديين، فنرى أن الافلام الكوميدية لم تعتمد على نجوم خفاف الظل لكنهم فنانون يقدمون عملا متكاملا مثل أفلام «إشاعة حب، كرامة زوجتى، عفريت مراتى»، هنا الموقف والدراما هما من ينجحا العمل، وطالما أن الإنتاج يتعامل مع السيناريو باحترام وتقدير سيخرج عمل محترم، والعكس صحيح.