النوم على الوضوء من علامات محبة الله و من الأمور التى ينتقض بها الوضوء النوم المستغرق الذى لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن المقعدة من الأرض ، فالذى ينام على جنبه أو على ظهره ينتقض وضوءه ، أما الذى ينام جالسا فإن كان متمكنا من المقعد لا يميل يمنة ولا يسرة مثلا فإن وضوءه لا ينتقض . وبهذا يمكن التوفيق بين النصوص التى فيها نقض الوضوء بالنوم مطلقا، والنصوص التى ليس فيها نقض الوضوء بالنوم . فمما جاء بالنقض مطلقا حديث رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه عن صفوان بن عسال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا - مسافرين - ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، لكن من غائط وبول ونوم . والمراد أن الخف لا ينزع عند انتقاض الوضوء بالغائط أو البول أو النوم وينزع عند الحنابلة الموجبة للغسل والسفر جمع سافر كصاحب وصحب ، وهو الخارج للسفر . ومما جاء بعدم النقض بالنوم حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ، ثم يصلون ولا يتوضئون ، وفى رواية أخرى، لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون . ومن الأحاديث الواردة فى النقض ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " العين وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ" والوكاء هو الخيط الذى يربط به الكيس ، والسه هو الدبر. ومما ورد فى عدم النقض ما رواه مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : بتُّ عند خالتى مميونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى للصلاة-فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدى فجعلنى من شقه الأيمن ، فجعلت إذا أغفيت - نمت أو نعست - يأخذ بشحمة أذنى قال : فصلى إحدى عشرة ركعة . والنووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 4 ص 73" ذكر ثمانية مذاهب فى نقض الوضوء بالنوم : الأول -أنه لا ينقض الوضوء على أى حال كان .وهو محكى عن أبى موسى الأشعرى من الصحابة، وسعيد بن المسيب من التابعين وغيرهما . الثانى-أنه ينقض الوضوء بكل حال ، وهو مذهب الحسن البصرى والمزنى وإسحاق بن راهويه ، وهو قول غريب للشافعى، وأخذ به ابن المنذر وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبى هريرة . الثالث - أن كثير النوم ينقض بكل حال ، وقليله لا ينقض بحال ، وهذا مذهب الزهرى وربيعة والأوزاعى ، ومذهب مالك وكذلك أحمد فى إحدى الروايتين . الرابع -أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه ، سواء كان فى الصلاة أو لم يكن ، وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض .وهذا مذهب أبى حنيفة وداود ، وهو قول للشافعى غريب . الخامس -أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد ، روى هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى . السادس - أنه لا ينقض إلا نوم الساجد ، وروى أيضا عن أحمد رضى الله عنه . السابع -أنه لا ينقض النوم فى الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة ، وهو قول ضعيف للشافعى رحمه الله تعالى . الثامن -أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض ، وإلا انتقض ، سواء قل أو كثر سواء كان فى الصلاة أو خارجها ، وهذا مذهب الشافعى ، وعنده أن النوم ليس حدثا فى نفسه ، وإنما هو دليل على خروج الريح ، فإذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح . فجعل الشرع هذا الغالب كالمحقق . ثم قال النووى : قال أصحابنا : وكان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه ، ثم صلى ولم يتوضأ . ثم ذكر النووى فروعا فيها حكم النعاس وهو النوم الخفيف الذى تفتر فيه الحواس من غير سقوطها وفيها حكم القاعد المحتبى إذا نام وفيه ثلاثة أقوال ، فيرجع إليها فى المرجع المذكور.