هناك فرق كبير بين الحرية والفوضي... بين إسقاط النظام وإسقاط الدول ,وللاسف ان الحد الفاصل بين المعنيين تم محوه تماما من العقول واصبح المرادف المنطقى لكلمة الحرية فى قاموس الشارع المصرى هو الفوضى.. . واصبحت المظاهرات الفئوية ظاهرها تعبير عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية ولكن باطنها هو الانهيار الاقتصادى التام , وللاسف ان النظام السياسى الحالى هو الذى غرس بذور الفوضى الفئوية عندما حرض الشارع ضد وزارتى شرف والجنزورى وحملهما فوق طاقتهما رغم ان المطلوب منهما فى ذلك الوقت أن يكونا حكومة إنقاذ مؤقتة مهمتها الأولي في رأيي إعادة الأمن في المقام الاول ودفع عجلة الانتاج .وللاسف انقلب السحر على الساحر فالشارع الذى نزع فتيل ثورته يحرق الاخضر واليابس ويطالب بزيادة الاجور ولايعمل فى ظل حكومة خيال مآتة لاتصلح حتى لتسيير الاعمال . وللاسف أن مصطلح الحرية أكثر الناس من استخدامه منذ الثورة وحتى الان بصورة و صلت الى حدود الابتذال..وافترى الناس عليه كثيراً ولم يعد أحد يُدركُ معناه ومداه .واصبحنا على حافة الهوية . فمصر حسب تقرير البنك الدولي حول مناخ الأعمال، تراجعت من المرتبة 94 في عام 2010 إلى المرتبة 110 في عام 2011. وانخفض النمو من 5.1٪ الى 1٪. وارتفع معدل البطالة الإجمالي من 9٪ إلى ما يقرب من 12٪، بينما لا يزال معدل البطالة بين الشباب 24٪. مع دين قومي يقارب 80٪ وعجز في الموازنة من 11٪ من الناتج المحلي الخام .بالطبع إن المصريين صبروا كثيرا ,ولكن للاسف وبسبب فشل السياسيين نفد صبرهم واصبحوا قنبلة موقوتة قد تنفجر محدثة ثورة جياع إذا لم يتم تحديد جدول زمني معلن من المسئولين لدى الشعب عن كيفية حل مشاكلهم الفئوية, إننا امام مأساة تحتاج اقتصاد حر وديناميكيا . لأن رأس المال جبان والكثيرين من المستثمرين تراجعوا عن خططهم الاستثمارية التى كان من المفروض ضخها فى السوق المصرى مما سيؤدى الى خسائر فادحة للاقتصاد المحلى, فمنذ اندلاع ثورة 25 يناير توقف نحو 50% من انتاج جميع القطاعات .إن مايحدث الان يذكرنى بالثورة المضادة في باريس عام 1848 والتي نجحت في إخماد الثورات الجماهيرية بنهاية 1849. بالطبع أن كل انسان فى مصر يحلم بمستقبل أفضل له ولأولاده ولكن يظل غير قادر على تحقيقه فى ظل نظام عاجز عن تحديد اولويته والتعامل مع مظاهرته الفئوية بكل شفافية والابتعاد عن المسكنات , والنظر بواقعية للسياسة الاقتصادية وتوضيح الحقائق للشارع المصرى والتخلص من اسلوب دفن الرأس فى الرمال من قبل الحكومة وسياسة لوى الذراع من قبل القائمين على اشعال المظاهرات الفئوية .لانه عندما تغرق السفينة سيغرق الجميع ,وسنخرج من الثورة بخفى حنين.