عندما اندلعت الثورات فى أوروبا فى القرن الثامن عشر وبالتحديد عام 1848، لم يكن هناك من يتوقع قيام مثل هذه الثورات. يقول الكاتب "أندرياس ويتام سميث" فى مقال بصحيفة الاندبندنت البريطانية، إن ما يحدث حاليا من ثورات واحتجاجات ضد العولمة والرأسمالية فى أنحاء متفرقة من العالم يشبه إلى حد بعيد الظروف التى سبقت ثورات أوروبا عام 1848، حيث خرج المواطنون إلى الشوارع فى العديد من الدول الأوروبية، فيما وصف بربيع الشعوب أو عام الثورة وقد يشبه هذا الوضع الاضطرابات التى حدثت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى فى فرنسا وألمانيا. وأشار إلى أن الهوة قد زادت بين الأغنياء والفقراء خلال ال 25 عاما الماضية، واتسع التفاوت الذى بدأ فى بريطانيا وأمريكا فى أواخر السبعينات، بين الطبقتين الفقيرة والغنية بشكل واضح. وأظهرت دراسة لمنظمة التنمية والتعاون الأوربى نشرت فى مايو الماضى، أن دول مثل الدنمارك وألمانيا والسويد والتى كان فيها التفاوت فى الدخول منخقضا، لم تعد بمنأى عن خطر التفاوت الكبير. والنتيجة هي أنه في دول الغرب الصناعية يزيد متوسط دخل أغنى 10 % من السكان حوالي تسعة أضعاف عن أفقر 10 % وهذا هو الفارق الهائل الذى يسبب المشاكل. وإذا تم إجراء المقارنة بين أجور مديرى الشركات الكبيرة بالمقارنة مع موظفيها، فإن الفجوة ستكون أمرا يبعث على الدهشة، وفي كثير من الحالات يحصل مديرو الشركات على دخل يزيد بمقدار 200 مرة أكثر من العمال ذوى الأجور المنخفضة بتلك الشركات. ومن المؤكد أن هذا الاختلاف المفرط يسبب المتاعب وبالطبع أن وضع هكذا سيقود إلى الانفجار، وفى ظل الركود الاقتصادى والبطالة المتزايدة، والصعوبات البالغة التى تواجه الشباب في الحصول على فرص العمل، والضغط على الدخول والمرتبات وارتفاع التضخم وارتفاع الإيجارات، فإن النتيجة الحتمية هى خروج الشباب إلى الشوارع كما حدث أمام كاتدرائية "سانت بول" فى بريطانيا حيث رفع الشباب شعارات ضد عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والنظام غير العادل الذي يخدم الأغنياء والأقوياء". ونفس الشىء كان فى منطقة وول ستريت بالولايات المتحدةالأمريكية حيث رفعت حركة "احتلوا وول ستريت "في نيويورك نفس الشعارات، بل إنها رفعت شعارا مميزا وهو "نحن نمثل نسبة ال99% ولن نتسامح بعد مع جشع وفساد نسبة ال1% " . ويشير الكاتب إلى أنه فى عام 1848 وحسبما، كتب البروفيسور "ستيرنز" اندلعت معظم الثورات عشوائيا إلى حد ما. "وكان هناك خلط بين المطالب والمظاهرات، ولم تكن الحكومات على دراية بمطالب المحتجين وهو ما أدى إلى إطالة أمد الاحتجاجات والتوترات . ولكن القاسم المشترك بين ثورات 1848 وثورات 2011 هو العفوية وعدم وجود قادة بارزين لهذه الحركات الاحتجاجية فكلهم من الهواة وليسوا محترفى السياسة، فمعظم المشاركين من الطلاب والجماعات المدافعة عن حقوق المرأة والموظفين والفنانين والشباب الذى يعمل فى مجال تكنولوجيا المعلومات والعاطلين عن العمل، فهم مجموعات ليست سياسية. وقال إذا كانت أوروبا قد سبقت بثوراتها فى عام 1848، فإن الشباب الذى خرج إلى شوارع مصر وتونس وليبيا وتحرك بلا قادة ولا خبرة سياسية، قد يكون هو شرارة الإلهام لثورة أوروبية ثانية.