إن التصالح مع الشرطة وإنهاء حالة الفراغ الأمني ضرورة لازمة ولا غني عنها، ولكن من الطبيعي أن يبدأ هذا التصالح مع الطرف المعتدي أولاً بإنهاء أسباب الاحتقان وازالة اسباب ازمة الثقة فيه، لذا فإننا نري أن إصلاح جهاز الشرطة يجب أن يبدأ قبل التصالح وليس مجرد مسيرات ومؤتمرات شعبية للتصالح، وللأسف الشديد فإن الشرطة لم تستغل الفترة الماضية قبل إعادة نزولها للقيام بهذه الاصلاحات اللازمة والضرورية وعلي الأقل لأن هذه الإصلاحات سوف تعني إزالة مخاطر نراها ومنها: خطورة من التصادم بين الشرطة والشعب. ثانيا وستكون اكثر خطورة، ذلك لما يبدو من عدم تغيير طريقة تعامل الشرطة ونظرة التعالي مع بعض رجالها للمواطنين وما حديث مدير امن البحيرة السابق منا ببعيد. خطورة علي الشرطة ذاتها، لأن هناك من رجال الشرطة من كانت لهم تجاوزات وصلت في بعض الاحيان إلي جرائم قتل وتعذيب وامتهان للكرامة وهناك بعض ردود الأفعال المتوقعة مع بعض اصحاب هذه الحقوق للثأر بأيديهم بدلا من اللجوء للقضاء ويدفعهم لهذا المناخ الجديد الذي فصلناه سابقا، مما قد يهدد حياة كثير من رجال الشرطة أنفسهم. لذلك فإننا مازلنا نري ضرورة القيام بخطوات سريعة وإصلاحات عاجلة لامتصاص هذه الخطورة وتجنب عواقبها مع تحقيق سرعة انتشار الشرطة لتحقيق الأمن والامان والذي هو إحدي مسئوليات الدولة واحد حقوق المواطنين ومن هذه الخطوات ما يلي: 1- لقد بدأت مراجعة تجاوزات بعض ضباط الشرطة وأمن الدولة لدورهم في الاحداث الاخيرة، ولكننا نري ضرورة سرعة مراجعة مواقف باقي المتجاوزين ليس في الاحداث الاخيرة فقط ولكن في الفترات السابقة كذلك، ومحاكمتهم أو فصلهم أو نقلهم إلي اعمال إدارية طبقا لدرجة التجاوز، وذلك تحقيقا للعدالة أولا ثم لإزالة بعض أسباب الاحتقان ثانيا. 2- إعادة توجيه وتأهيل باقي رجال الشرطة بعمل ندوات عاجلة لمن هم في الخدمة مع تعديل مناهج الدراسة بأكاديمية الشرطة، وذلك لغرس المعني الحقيقي لشعار الشرطة الجديد. 3- نقل غالبية أعضاء الشرطة بين الأقسام المختلفة لبدء صفحة جديدة بينهم وبين المواطنين علي أسس وعلاقات صحيحة وبلا حساسية ولا ذكريات أليمة، مع ترك أقربهم إلي قلوب المواطنين بشرط علمه بأصحاب السوابق ومعتادي الاجرام بالمنطقة وذلك حتي لا يؤثر نقل باقي اعضاء الشرطة علي كفاءة الشرطة في العمل بالمنطقة. 4- بعد إعادة انتشار الشرطة يتم اعطاء مهلة لتسليم الاسلحة المنتشرة حاليا، لتتم بعدها المحاسبة القانونية في حالة ضبط أي من هذه الاسلحة ليعود الاطمئنان الكامل للشارع المصري. 5- لا يتم الاكتفاء بإعادة انتشار الشرطة كعهدها قبل 25 يناير، ولكن يجب زيادة الدوريات الامنية المترجلة والراكبة ومرورها في الشوارع والطرق الرئيسية والفرعية بشكل مستمر لبث الطمأنية في نفس المواطنين ووقف البلطجية والعابثين بأمن المواطن. 6- يمكن زيادة عدد رجال الشرطة العاملين في مجال أمن المواطن باستخدام جزء من الامن المركزي معهم، وذلك بتغيير الفكر السابق من إعطاء أولوية للأمن السياسي علي أمن المواطن. 7- بالنسبة للمهلة التي كان مسموحاً بها لتسليم الهاربين أنفسهم، يجب إعادة فتحها مع اعطاء ميزة بها من تخفيف مدة العقوبة لمن يقوم بتسليم نفسه خلال هذه المهلة، وإعطاء أفضل لمن سبق وسلم نفسه طواعية من ذاته من قبل هذا، مع زيادة العقوبة لمن يتجاوز هذه المهلة، وعرض هذا الاعلان بالصحف والتلفاز. 8- إعادة توجيه جهاز أمن الدولة ليكون جهازاً فعلياً للمحافظة علي أمن الدولة والمواطن وليس رقيبا وسيفا مسلطا عليه، وذلك بتحديد اختصاصاته في قضايا الارهاب والتجسس فقط وفصله نهائياً عن القضايا السياسية. 9- تفعيل عدم جواز القبض أو التفتيش من قبل أي من الشرطة أو جهاز أمن الدولة إلا بأمر قضائي، وكذلك عدم جواز احتجازهما لأي مواطن لأكثر من 24 ساعة بدون العرض علي النيابة. 10- تفعيل إشراف النيابة علي مقار الاحتجاز بأقسام الشرطة وبأمن الدولة. 11- أحقية عدم التحقيق مع أي مواطن إلا بوجود محام وفصل من يخالف ذلك. 12- إصدار قانون بتجريم التعذيب وتشديد العقوبة عليه وبأن تكون أكثر من رادعة. إن المصالحة بين الشرطة والمواطنين لازمة ولا ينكرها إلا مجادل، ولكننا نقول ان الاصلاح يجب أن يبدأ قبل التصالح.