على مدار ما يقرب من أسبوع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، استمعت إلى رؤى المعسكرين المتنافسين على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، المعسكر الديمقراطي الذي يدعم الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، والمعسكر الجمهوري الذي يؤيد ميت رومني. خلال تلك الفترة، أكاد أجزم أنه لو استمع الشعب المصري إلى برنامجي المرشحين الأمريكيين، فإن أوباما سيحصل على نسبة تقترب مما كان يحصل عليه الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ولكن في انتخابات حرة نزيهة، وليست صورية كما كان يحدث في مرحلة ما قبل ثورة يناير. السبب في ذلك أن الرؤية التي يتبناها أوباما وحزبه الديمقراطي تختلف كثيرًا عن رؤية الجمهوريين. الديمقراطيون يدعمون التعليم والرعاية الصحية ورواتب عادلة للنساء العاملات، وذلك من أجل الطبقة المتوسطة في أمريكا، أما الجمهوريون فلهم نهج مختلف، وهو أن الحكومة المركزية ليس لها علاقة بالتعليم أو الرعاية الصحية، فهم يؤمنون أكثر بالسوق المفتوحة، وأنه إذا أراد أي مواطن أن يحصل على خدمات أفضل سواء في التعليم أو الرعاية الصحية فعليه أن يعمل أكثر بنفسه وأن يبحث عن طريقة توفّر له الحياة التي يريدها. من هنا، وبعد ساعات على فتح باب التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التقيت مع سائق أمريكي يدعى "جون تايلور"، والطريف أنه عاش في مصر وبالتحديد في الإسكندرية وفي منطقة سان ستيفانو، ودرس في المدرسة الأمريكية هناك منذ 30 عامًا. سألته عن مرشحه في الانتخابات، وكلي ثقة أنه سيقول أوباما، فوجئت أنه قال إنه انتخب رومني... تعجبت كثيرًا، وسألته: أليس هذا غريبًا وأنت تنتمي إلى الطبقة المتوسطة التي يدافع عنها أوباما؟؟.. ابتسم الرجل، وقال ساخرًا: الساسة يتحدثون كثيرًا، ويقولون ما لا يستطيعون فعله، أوباما لا يختلف كثيرًا عن رومني، طبيعي وفقا لما يقوله المرشحان أن يكون صوتي لأوباما، ولكن ما يقال خلال الحملات الانتخابية نادرًا ما تراه يتحقق على أرض الواقع. وأضاف بقوله: أعلم أن رومني لديه ملايين الدولارات، وربما لا يشعر بالسائقين أمثالي، ولكن الوضع لا يختلف كثيرًا بالنسبة لأوباما، أوباما يقول ويعد ولكنه سيصطدم بعد ذلك بالكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون حاليًا، وبالتالي فإن ما يقوله أوباما ليس بالضرورة أن يتحقق، لأن الكونجرس سيعارض، وبالتالي سيكون عليه أن يصل إلى تسوية أو حل وسط بين ما يريده وما يراه نواب الكونجرس. وتابع بقوله: صوّت لرومني لأنني أريد التغيير.. وأعلم أن الوضع ربما لا يتغير بالنسبة لي سواء كان الرئيس أوباما أو رومني... وفي جولة قامت بها "بوابة الوفد" في مدينة بوسطن بولاية ماساشوستس، تبين أن السباق بين أوباما ورومني "قريب للغاية"، في الوقت الذي وقف فيه مواطنون أمريكيون أمام إحدى اللجان الانتخابية في انتظار دورهم للتصويت، وقد أعرب بعضهم عن تخوفه من تكرار سيناريو انتخابات 2000 بين الديمقراطي آل جور والجمهوري جورج بوش الابن، والتي حسمتها ولاية فلوريدا لصالح بوش، بعد انتخابات مثيرة للجدل. ومن المتوقع أن يتم غلق باب التصويت في الفترة من السابعة إلى الثامنة مساءً بتوقيت الولاياتالمتحدة، من الثانية إلى الثالثة فجرًا بتوقيت القاهرة، على أن يتم إعلان نتائج الولايات تباعًا، ومن المنتظر أن تظهر المؤشرات شبه النهائية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء بتوقيت القاهرة.