كتبت: مروة فودة: ليس بينهم من يملك دهاء ريتشارد نيكسون, أو جاذبية رونالد ريجان, ليتفق المرشحون الجمهوريون علي تبني ما يبدو أنه القاعدة الذهبية للحزب الجمهوري وهي عدم الاستفادة من دروس التاريخ. حتي ولو كان لا يفصلهم عن هذا التاريخ سوي أربعة أعوام فقط, فللمرة الثانية يعجز الحزب الجمهوري في ماراثون2012 الرئاسي عن تقديم مرشحين قادرين علي اجتذاب الناخب الجمهوري, ناهيك عن اجتذاب الناخب الأمريكي خلال سباق نوفمبر المقبل الذي يتحتم عليهم فيه الاستحواذ علي أكبر عدد من أصوات المستقلين التي ذهب الكثير منها عام2008 للمرشح الديمقراطي آنذاك باراك أوباما. فبالنظر إلي أبرز المتنافسين في السباق الجمهوري فهم الرأسمالي المورموني ميت رومني حاكم ماساتشوسيتس السابق, والكاثوليكي الملتزم ريك سانتوروم, واليميني المتطرف نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب السابق, ورون بول عضور مجلس النواب عن تكساس. ورغم اختلاف المتسابقين, فإن هذه الأسماء تتفق علي افتقارها لل المرشح النجم القادر علي توحيد صفوف الجمهوريين, كما أنهم يتفقون علي مغازلة تيار اليمين. وأوضحت الحملات الدعائية للمرشحين أن هناك اتفاقا غير مكتوب علي أن يجنح الجمهوريون بخطوات ثابته تجاه اليمين, والسعي لاسترضاء تيار حفلة الشاي اليميني المتطرف, مجازفين بخسارة أصوات الوسط. وحقيقة الأمر أن التقرب من تيار حفلة الشاي المتطرف يطرح مشكلة بالنسبة للحزب الجمهوري, ففي الوقت الذي ساعد فيه حماس هذا التيار اليميني الحزب علي تأمين أغلبية خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس, فإن الأمر يختلف في السباق الرئاسي الذي يتميز بمشاركة واسعة من الناخبين, كما أن الأصوات المستقلة والمعتدلة تلعب دورا كبيرا في تحديد الرئيس الأمريكي, وهو مشهد مختلف عن انتخابات التجديد النصفي التي عادة ما تتسم بمشاركة ضعيفة لذا فإن الجمهوريين قد يخسرون الناخب الأمريكي في محاولة لإرضاء اليمين المتطرف داخل المعسكر الجمهوري, وهو الأمر الذي يصب في مصلحة المرشح الديمقراطي الرئيس الحالي أوباما. وعلي الرغم من أن مرشح الأثرياء رومني بات قبيل قوسين أو أدني من نيل البطاقة الجمهورية, فإن لديه الكثير من نقاط الضعف. فالكثير من الناخبين عبروا عن تحفظاتهم تجاه مواقف رومني المتقلبة, وأبرزها أنه سبق له أن مرر خلال ولايته قانونا لإصلاح الرعاية الصحية يتشابه في العديد من بنوده مع القانون الذي أقره أوباما عام2010 وأثار غضب الجمهوريين. ولكن رومني وفي إطار سعيه للحصول علي رضا هؤلاء اليمينيين الغاضبين شن هجوما حادا علي قانون أوباما. وبعيدا عن الجنوح يمينا, فإن رومني بدا خلال حملته عاجزا عن التواصل مع الأمريكيين من الطبقة الوسطي والعاملة, الذين يرون في مرشح الأثرياء نموذجا بعيدا عن مشاكلهم الحياتية فهو ينتمي إلي طبقة وول ستريت المتحكمة في رأس المال في الولاياتالمتحدة, الطبقة التي تستطيع أن تنفق ببذخ علي أوجه الرفاهية, علي سبيل المثال, ذكرت إحدي الصحف الأمريكية الكبري أن آن رومني زوجة المرشح الرأسمالي تمتلك خمس سيارات فارهة!! وحتي تكتمل ديكتاتورية رأس المال, وجه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب دعوة للجمهوريين إلي توحيد صفوفهم, خلف رومني. وكان جيب بوش, نجل الرئيس السابق وحاكم فلوريدا السابق قد أعلن تأييده للمرشح الرأسمالي. وهذا الدعم من آل بوش لرومني يصب في إطار ترسيخ فكرة عدم خروج الحكم من دائرة نفوذ المال, فرومني ينتمي لنفس طبقة آل بوش التي تسعي من خلال دعمها للمرشح المورموني إلي حماية أيديولوجيا المال والسياسة حتي وإن اختلف المذهب الديني, فالمؤكد أن رومني بالنسبة لآل بوش هو امتداد لوجود بوش الإبن أو جيب في البيت الأبيض, وهو أمر لا يتمتع به أي من المرشحين الآخرين. وليكتمل مسلسل التوريث بين آل بوش ورومني, فإن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس تصدرت قائمة المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة علي منصب نائب الرئيس عن الحزب بصحبة المرشح الرأسمالي. وعلي الرغم من إن رومني أكد للإعلام أنه لم يتخذ قراره بعد في هذا الأمر, فإن الإبن البار سيكون أكثر ميلا لاختيار رايس التي لم تعمل في إدارة بوش الإبن علي مدي السنوات الثماني فحسب, بل كانت أيضا صديقة شخصية للعائلة. ولكن دعم آل بوش لمرشح الأثرياء- في ظل التاريخ السئ لبوش الإبن مع الأمريكيين- قد يزيد من إقبال الناخب خاصة المستقل علي التصويت لأوباما الذي ابدي تعاطفا وتفهما لمطالب حركة أحتلوا وول ستريت, والذي يجاهد حاليا لتمرير مشروع جديد بفرض المزيد من الضرائب علي الأغنياء لصالح الحفاظ علي الدعم الحكومي للطبقة الوسطي, ليكون هذا الدعم البوشاوي أشبه بقطعة من الشيكولاته المملؤة بالسم, الذي يصب في صالح أوباما ويزيد من ضعف المعسكر الجمهوري. والواقع أن المعسكر الجمهوري يتسم بنوع فريد من الهشاشة خلال السباق الحالي, فالحملات الانتخابية كانت معركة لتكسير العظام تعمد فيها كل مرشح أن يصور غرماءه في صورة شيطانية أو صورة بلهاء تشكك في قدرتهم علي قيادة البلاد. وعلي الرغم من أن السباقات الانتخابية يفترض بها أن تصقل مهارات المرشحين بمزيد من الخبرات, فإن المعارك الجمهورية, تحولت إلي نقاط إيجابية تضاف إلي رصيد أوباما. وبذلك يكون الجمهوريون بسلسة من الخطوات غير المحسوبة والانجراف وراء اليمين, وخلف التوريث, قد أهدوا أوباما المعادلة اللازمة لتحقيق الولاية الثانية في البيت الأبيض.