مع بداية الإحتلال البريطاني لمصر عام 1882 إرتفع عدد اليهود في فلسطين من ثمانية آلاف إلى أربعة وعشرين ألفا، بعد قيام الرأسمالي اليهودي البريطاني «أدموند روتشيلد» تنظيم أول هجرة جماعية يهودية إلى فلسطين، وبعد أن تولت بريطانيا سلطة الدولة المنتدبة في فلسطين، تحول دخول اليهود إلى فلسطين من هجرة إلى طوفان، حتى أصبح عددهم 100 ألف عام 1948، وكانت عملية تهويد القدس أيضا تسير على نفس مسار التصاعد. وامتلاك اليهود للقدس وإتخاذها عاصمة لإسرائيل، هو سعى لإمتلاك تاريخ المدينة نفسها، وبرؤية أن من غير القدس ستكون إسرائيل بلا تاريخ ولا تراث.. كانت الأحلام والمطامع، أن يرتبط التاريخ بالجغرافية.. وحيث توفر القدس لليهود ما يحتاجون من رسم جغرافي معلوم على الكرة الأرضية، بقدر ما توفر لهم تاريخا عريقا، فهي جغرافيا في قلب فلسطين ومركزها، وهي رابطة العقد لكل الطرق الممتدة في كل إتجاه على طول الأرض الفلسطينية وعرضها.. ومن ثم هي وحدها الكفيلة جغرافيا بتحقيق حلم الصهيونية، الساعية بثبات وعناد لإقامة إسرائيل الكبرى.. وعلى هذا النحو إختلطت الأساطير بالأوهام، وتداخلت المعتقدات التوراتية وبعضها غريب وبعضها مسل مع السياسة، واتصلت الدعاوى التبشيرية وتأويل أسفار الكتب المقدسة، مع مخطط ( تدمير الأقصى وإقامة الهيكل )، ولم تكن اليهودية الصهيونية الأمريكية وحدها في التوجه عمليا بالدعم والتمويل للمساعدة في هدم الأقصى، فقد كان الحلم مستقرا منذ البداية في التفكير الاستراتيجي للصهيونية، بأن ( الوطن القومي لليهود في دولة إسرائيل الكبرى، ولا وطن بدون القدس، و لا «قدس يهودية» بدون الهيكل وإزالة كل شيء ليس مقدسا لليهود) .. وهكذا راحت الخطوات تتسارع بعد احتلال القدسالشرقية 1967 على مسار التهويد، وخلخلة بنيان المسجد، وفي نفس السياق جرت وقائع تسجل تسلسلا لمسار يوميات الاعتداء على المسجد الأقصى، واستباحة ساحاته، واختراق باطن الأرض وشق الأنفاق وتفكيك الصخور.. وهي علامات ظاهرة على رغبة محمومة لتدمير الأقصى.. والأساطير والعقائد والنبؤات داعية وحامية لها. ويأتى كتاب "القدس الأقصى "نداء الأسطورة وشواهد التاريخ " للكاتب الصحفى فتحى خطاب ليكشف وثائق وشهادات التاريخ منذ بدايات وضح الحجر الأول لمدينة القدس، وسكانها العرب من اليبوسيين، وصدارة فلسطين العربية في سجلات ما قبل التاريخ ومرورا بحقب وقرون ممتدة في عمر الزمن ، واحتضانها للمسجد الأقصى المبارك وشاهدة على إقامة قواعده المباركة ..ويعرض الكتاب للجوانب العديدة لتطور التاريخ التوراتى، من هيئته الأولى وحتى شكله الحالى، ويتناول الكتاب قصص العهد القديم بالفحص والتمحيص، لإظهار الطابع الأسطورى لهذه الروايات.. وصولا إلى مؤامرة اغتصاب فلسطين وتأسيس المشروع الصهيوني تحت مسمى «إسرائيل»..وكانت المؤامرة أوضح وربما أوقح في مجريات الأحداث بإتجاه فتح أبواب فلسطين أمام هجرة اليهود، وكانت القدس هي عنوان الدعاوى التبشيرية في كل خطوة، وهي المقصد والهدف الأكبر في حلم الصهيونية، بدوافع «نداء الأسطورة». ويصل الكتاب إلى تحذير من «أن نكون مقبلين على سنوات الصدمة والنتيجة المحققة في المشهد الأخير للمؤامرة الكبرى : تتمة تهويد «القدس الموحدة»، وبامتداد أطرافها التي تضم «القدس الكبرى» .. وانهيار المسجد الأقصى !! وربما استطعت القول بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تختصر المراحل الزمنية، وعلى هامش مالا يشغلها، من احتجاجات أو إدانة أو قرارات الشرعية الدولية، وقد وجدت أن الأرض مهيأة لمن يملك الفعل وجرأته وقوته .. وإن ما كان حلما منذ نهايات القرن الثامن عشر، أصبح واقعا وبفعل المؤامرة وسطوة القوة وروادعها يضم الكتاب 11 فصلا : (سيناريو الخطوات الأولى.. تسلق أسوار القدس).. (زمن القرصنة .. أوهام «الوديعة المقدسة»)..(حقائق التاريخ.. وشواهد الجغرافيا)..(«القدس».. في عين العاصفة)..(الخطة «داليت» .. مذابح التطهير العرقي)..(المعركة حول الذاكرة في فلسطين)..(تهويد الآثار الاسلامية: قصة «الهيكل» في رواية «القدس الكبرى»)..(«الهيكل والمبكى».. الخلط المتعمد بين الأسطورة والتاريخ)..(النبوءة .. والعقيدة .. والفرصة)..(المحرمات .. المحظورات : بين الصهيونية المسيحية .. والمعتقدات التوراتية)..(قبل أن تقع الواقعة : ثم ماذا ؟!)