تشهد الكويت حاليا حالة من التصعيد والغليان السياسي الخطير الذي قد ينذر بالدخول في نفق ازمة سياسية عميقة للغاية ومواجهات أمنية . وذلك مع اصرار قوى المعارضة لانطلاق مسيرتها الثانية التي حددت مساء الأحد ودعت إليها كافة التيارات السياسية والقبائل وحشدت كل قواها الإعلامية لضمان مشاركة أكبر عدد من الكويتيين فيها . وذلك اعتراضا على قانون الانتخاب الجديد الذي يقضي بمنح كل ناخب الحق في صوت واحد فقط من بين عشرة مرشحين في الدائرة الواحدة بعد أن كان أربعة أصوات في القانون القديم .. يأتي ذلك في الوقت الذي استعدت فيه السلطات الكويتية بحجز كافة قوى الأمن التابعة لكل من الشرطة والجيش والحرس الوطني والقوات الخاصة لمواجهة أي خروج عن القانون والتعدي على قوات الشرطة وخاصة بعدما حاول عدد من المتظاهرين في مسيرات سابقة دهس عدد من رجال الشرطة وتم نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لسيارتين جيب تحاولان قتل عدد من عناصر الشرطة وأحد الاعلاميين أثناء فض إحدى المظاهرات .. وأشارت مصادر الأنباء إلى أن كافة التيارات السياسية المعارضة لقانون الانتخابات والمقرر لها الأول من ديسمبر المقبل تحشد كل قواها للضغط على الحكومة والقيادة السياسية للتراجع عن القانون الجديد الذي يعطل وصول أكبر عدد من التيارات السياسية المعارض إلى البرلمان بعد تقليص أصوات الناخب إلى صوت واحد بدلا من أربعة اصوات بالإضافة إلى أن قوى المعارضة ترى عدم شرعية هذا القانون الذي خرج على شكل مرسوم ضرورة في غياب مجلس الامة وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه الدستور الكويتي على أن مجلس الأمة الجديد المنتخب له الحق في استمرار هذا القانون أو سحبه وهو ما ترفضه المعارضة وتنشط التحركات في أكثر من اتجاه لايجاد فجوة للخروج من نفق الأزمة السياسية. وأعلن النائب السابق محمد هايف أنه التقى أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح وأن هناك بوادر لايجاد حل للأزمة .. وقد أصدرت الحركة الدستورية الجناح السياسي للاخوان المسلمين في الكويت بيانا استنكرت فيه التعامل الأمني مع الحراك السياسي الاصلاحي وترويعه للآمنين وتضييقه على الحريات. وطالبت بسحب مرسوم الدعوة للانتخابات بصوت واحد. وأشارت إلى أن التحركات الحالية والمستقبلية سلمية وهدفها الضغط على الحكومة لسحب مرسوم الانتخابات. وهددت بفصل كل من يشارك بالانتخابات، ترشحاً أو انتخاباً، من الحركة الدستورية. ودافعت قوى المعارضة عن توجهاتهم وأكد القائمون على مسيرة «كرامة وطن»، أن السلمية في تحركات «مسيرة كرامة وطن» ليست مجرد خيار أو شعار، وإنما هي عهد وواجب لا يمكن التخلي عنه أبدا، وفي الوقت الذي تم فيه رصد عدد من السيارات الغير كويتية مشاركة في المظاهرات السابقة نفوا أن تكون تحركاتهم وتوجهاتهم خاضعة لأي أجندات، أو حسابات خاصة لأي طرف كان، وإنما هو عمل يسعى لتعزيز المكتسبات الدستورية، .وأعلنوا أن هناك فريقا من منظمي المسيرة مهمته ستكون رصد العناصر المندسة بهدف إثارة العنف والفوضى وتصويرهم والتعرف على شخصياتهم لنشرها. من جانبه أكد شيخ قبيلة العوازم فلاح بن جامع خلال تجمع لعدد من القبائل الكويتية أن البلاد وصلت إلى نفق مظلم ولن تنتهي الأزمة إلا بمعجزة أو بحكمة العقلاء، وقال إن لا أحد ينازع آل الصباح الحكم وجميعنا مع الأمير، ولكن يجب العودة إلى النظام الانتخابي القديم لأن العوازم لن يشاركوا ترشيحاً أو انتخاباً في الانتخابات المقبلة التي وصفها بانتخابات الشاري والمشتري. وحذر ابن جامع من وجود تمايز في تطبيق القانون. ودعا النائب السابق مسلم البراك الذي كان قد أفرج عنه بكفالة قدرها 10 آلاف دينار بعد اتهامه المساس بالذات الأميرية على خلفية خطابه بساحة الإرادة دعا إلى إقالة او استقالة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح وأقسم البراك بأن قاعة عبدالله السالم «لن تجمعنا أبدا بحكومة أو وزراء جابر المبارك مستقبلا». أما النائب السابق فلاح الصواغ فقد أكد أن لا أحد يسعى لزعزعة الحكم ودعا إلى المشاركة بكثافة في مسيرة غد الأحد. وأكد المشاركون في التجمع أن الوضع معقد والكويت تمر بمنعطف خطير، مؤكدين رقي المواطنين في سلمية مسيرتهم. وأضافوا أن العودة للنظام الانتخابي السابق ينزع فتيل الأزمة. من ناحية أخرى أصدر المنبر الديموقراطي بياناً دعا فيه الى إلغاء المسيرة أو العمل على ارجائها كبادرة حسن نية لتخفيف الاحتقان وتهدئة النفوس. وقال المنبر الديمقراطي وهو أحد التيارات السياسية الليبرالية في بيانه إنه ليس مبرراً على الاطلاق أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه وبهذه السرعة في مسيرة الاربعاء الماضي التي اقيمت احتجاجا على حبس النائب السابق مسلم البراك عندما خرجت هذه المسيرة عن اطارها السلمي، حيث اقدم احد المشاركين في المسيرة على دهس احد رجال الامن واحد الاعلاميين المتواجدين لتغطية الحدث، مما أوصلنا الى نقطة حرجة جداً يجب التوقف عندها كثيرا ومن قبل الجميع لمراجعة ما تم من احداث وتطورات دراماتيكية اوصلتنا الى ما نحن فيه. وعلى الجانب الأخر أكد مصدر حكومي رسمي أنه ليس هناك أي توجه لدى الحكومة لسحب مرسوم تقليص الأصوات. وشدد على أنه «لا نية أو توجهاً لدى الحكومة بسحب المرسوم الخاص بقانون الانتخابات بتقليص الأصوات إلى صوت واحد. واكد مصدر وزاري استمرار الحكومة في اجراءاتها القانونية لاستكمال معالجة الوضع وتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية بعد ان قطعت شوطا طويلا في انجاز المطلوب منها دستوريا، وذكر المصدر انه ووفقا للمادة 107 من الدستور فانه سيتم احالة جميع المراسيم الصادرة والتي ستصدر خلال هذه الفترة إلى مجلس الأمة المقبل لعرضها في اولى جلساته والتصويت عليها بالموافقة او الرفض مؤكدا التزام الحكومة بقرار المجلس ايا كان وتنفيذه. ودعت العديد من الشخصيات الكويتية إلى ضرورة التعقل وحساب الاوضاع بميزان الوطنية بعيدا عن التشنج الزائد الذي قد يعصف بامن واستقرار الكويت ويدخلها في دوامة الصراع السياسي الذي ينعكس بشكل سلبي جدا على المواطن والمقيم .