أطل الشاعر محمد الغرباوي على القراء من نافذة مختلفة، حيث يفتح النار على المتطرفين باسم الدين الذين وصفهم بالفظاظة ومجافاة سلوك النبي الذي كان رحمة للعالمين، ويناوش المتطرفين باسم حرية الإنسان الذين لا يؤمنون إلا بما يحسونه، وكان شديد الأسى على أهل الفطرة السوية الذين لم يعهدوا مثل هذا التطرف والغلو من قبل ويخافون أن ينزلقوا إلى أي المستنقعين فكتب هذه القصيدة. ذقون ومجون أما ينصر الدين إلا الذقون وما يمتع النفس إلا المجون فريقان حزب الذقون وحزب المجون الشمال وأقصى اليمن فريقان بينهما برزخ وهما يبغيان إذا يلتقون يقرر حزب الذقون وصاياه حتى تصير الفظاظة دين وليس جزاء العبادة يعطى لمن لم يباعد عن الأقربين ومن لم يقطب جبينا ويمشي بصوت حمار وخطو بدين ومن لم يمزق حياء العباد ويشتمهم كل حين وحين ترى في الثياب بياض حليب وفي القلب يجثم وحل وطين يبش ببعض الأحايين كرها وضرس الفؤاد عبوس ضغين يناصرهم كل عابد جسم ولو كان عجل اليهود السمين وكل ضعيف البضاعة مزجى يريد يرى سيد السيدين وكل قصير تطاول بالمكر فانحط بالمكر في الواطئين وكل غليظ تقيصر بالعنف لا كالبهائم في المعتدين صكوك تلوح فمن ناقش الأمر صار طريدا من الأخسرين ومن طأطأ الرأس كوفئ صكا بأن ليس خوف ولا يحزنون وأعجب من ذاك أن النساء متاع كأي متاع ثمين يباع ويشرى وينظم في الصف خلف أخيه إلى أربعين وهن إذا لحن كن كعار وكن قروحا رعت في الجبين كأنهم نبتوا من صخور ولم ينم منهم ببطن جنين كأنهم رضعوا من صديد ولم يلقموا ثدي أم حنون أكان النبي غليظا عليهن أم كان أحمد خير قرين وأخلص ابن لأن وأبٌ أبوته رحمة العالمين لنا الله لا في زمان ركبتم على كتفيه ولا تنزلون لنا الله إن الزمان يدور لكي تصبحوا أسفل السافلين دعوا الدين يرعى كما أمر الله والله يصلح ما تفسدون يرتل حزب المجون مزاميره لا حساب ولا يوم دين وما الغيب إلا مراهقة ننتضيها لنصبح في الناضجين هل العين تبصر غير حياة يخاتلها الموت فهي سكون وما الدين إلا خرافة شيخ يريد التحكم في الجاهلين رجال تمثل باسم الشريعة حتى تكون الملاذ الأمين بيسراهم يمنحونك قرشا بيمناهم يأخذون المئين يبكون عينيك تسخر أعينهم منك خلف قناع مكين وما نخن إلا رجال طلبنا الحياة كما يطلبون ولكننا ما امتطينا حجابا وذقنا لنختدع الحائرين فريق المجون أعدل يساوى القتيل الطليل مع القاتلين أعدل يكون العفيف لدينا نديم القبور مع السارقين وللقط أفضل إذ خشي الغيب يسرق خوف التفات العيون عرفتم جنايتكم فاعتللم وقلتم نرى الغيب ضرب ظنون فأي الفريقين أهدى سبيلا وخيرهما أنتِ لا تعلمين هموم تخليك حيران لم تدر أي كفوف يديك اليمين فترجع ما ظنونك علم وقد سمل الشك عين اليقين أراك على الوجه تمشي مكبا كأنك غاو من المجرمين وقد غامت السبل واهتضم الصبر واشتاط في العقل مس الجنون على مفرق الطرق تسأل أي الطريقين وعر وأي أمين على مفرق الطرق يقبع حولك حشد من الناس يستفسرون فكن بينهم مثلهم فوقهم كما كان أجدادك الباسلون وكن جذوة النور بين ظلامين تلمع في وجه من يصطلون وكن وسطا بين شر عري وشر تلفع خرقة دين ولا يخدعنك رب يمين ورب يسار بما يهرفون فكم ذا بمصر من المضحكات ولكنها ضحكات الأنين.