الذهب يستقر في التداولات الآسيوية وسط تزايد الضبابية بشأن الصراع الإيراني الإسرائيلي    ارتفاع أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية.. الفراخ البيضاء ب105 جنيهات للكيلو    جهود توطين صناعة السيارات في مصر.. المكون المحلي وصل ل 45% (فيديو)    الجامعة العربية تؤكد أهمية تظافر جهود الدول العربية لمواجهة ظاهرة التصحر والجفاف    محافظ الدقهلية في جولة تفقدية مفاجئة بمدينة نبروه: رفع كافة الإشغالات بشوارع المدينة    في أول كلمة لها بعد إطلاق تل أبيب سراحها.. النائبة ريما حسن تدين صمت البرلمان الأوروبي تجاه أفعال إسرائيل    كأس العالم للأندية.. فلومينينسي ضد دورتموند وإنتر يصطدم بمونتيري    تعديلات مرتقبة في تشكيل الأهلي لمواجهة بالميراس    وزير الرياضة: دعمت الأهلي في ملف نهائي أفريقيا بتونس والمغرب    رقميًا.. ماذا قدم الهلال السعودي في المونديال قبل مواجهة الريال؟    محافظ الدقهلية يتابع سير امتحانات الثانوية الأزهرية بلجنة معهد نبروه    انخفاض درجات الحرارة مستمر.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس آخر أيام الربيع حتى الأحد المقبل    طلاب الثانوية العامة بقنا: امتحان اللغة الفرنسية في مستوى الطالب المتوسط    محافظ الفيوم يتابع جهود التموين لضبط الأسواق وتحرير 828 مخالفة خلال نصف شهر    الخميس.. فرقة الخان تحيي أمسية طربية بقصر الأمير طاز بقيادة فادي المغربي    غدا.. انطلاق المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية في دورته 47 في مسرح السامر بالعجوزة    معهد الفلك: غرة شهر محرم 1447 هجرية الخميس 26 يونيو    طقس عاصف يهدد قمة الأهلي وبالميراس في كأس العالم للأندية    مقتل عدد من عناصر الأمن الإيرانى جراء هجوم اسرائيلى على نقطة تفتيش فى كاشان    أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    بالأسماء.. 3 جثث و14 مصابًا في حادث مروع لسيارة عمالة زراعية بالبحيرة    "مش بنام من التوتر".. أولياء أمور يتجمعون أمام لجان الثانوية بالإسماعيلية    3 أزمات ل "روبيرو" مع الأهلي في كأس العالم للأندية    معلومات الوزراء: التوترات الجيوسياسية ستضغط على البنوك المركزية بالعالم    محافظ أسيوط يفتتح معرض فنى لتدوير المخلفات البيئية    «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    الصحة: استمرار إجراء المقابلات للمرشحين للمناصب القيادية لليوم الثاني    معهد تيودور بلهارس ينظم الملتقى العلمى 13 لأمراض الجهاز الهضمى والكبد    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    طلاب الأدبى بالثانوية الأزهرية فى الأقصر يؤدون امتحان الفقه اليوم.. فيديو    طلاب الثانوية العامة بمدرسة بن خلدون يستعدون لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية بعين شمس    ترامب: عودتي لواشنطن ليس لها علاقة بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    جهاز منتخب مصر يشيد بالشناوي ويدعم تريزيجيه قبل مواجهة بالميراس في كأس العالم للأندية    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفارقات بين مكر الناس ومكر إله الناس
نشر في الشعب يوم 17 - 05 - 2012

مكر الناس إلى سراب وبوار؛ لقوله تعالى: {وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10]. ومكر إله الناس إلى سداد واستقرار؛ لقوله تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54]. مكر الناس كما قال الله عز وجل: {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]. ومكر إله الناس {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90].
فالكون كله يئول إلى هلاك بكلمة منه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
مكر الناس محدود زمانًا ومكانًا، ومكر إله الناس ممدود زمانًا ومكانًا. مكر الناس مقصور على إمكانات وطاقات الماكرين، ومكر إله الناس لا حدود له حيث يتوازى مع قوة الملك التي لا تقهر، قال سبحانه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18].
مكر الناس يكون في الفروع لا الجذور، ومكر إله الناس يكون في الجذور والقواعد، قال تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} [النحل: 26].
مكر الناس يعلمه إله الناس، ومكر إله الناس من الغيب المكنون، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]. مكر الناس لا يغيّر من قدر الله شيئًا، ومكر رب الناس هو من القدر الرباني الذي قال عنه: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 8، 9].
ولا يجري في ملكه سبحانه شيء لا يريده، بل هو كما قال عن نفسه سبحانه: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: 15، 16]. وإذا ضاق بالإنسان صدره من كثرة مكر الناس، فلنذكر قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل: 50، 51].
أقول للذين يرتعشون من مكر الناس في أمريكا وأوربا وإسرائيل وروسيا، وأذنابهم وأزلامهم وعملائهم من الأنظمة العربية في سوريا والسلطة الفلسطينية والمجلس العسكري في مصر الذي يسير بسيرة مبارك في قتل المتظاهرين والأبرياء في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، وأخيرًا في العباسية، مع زيادة الإهانة للفتيات وضرب وبصق على المحجبات، ونزع الحجاب وشد بعضهن من شعورهن، واقتحام مسجد النور بالأحذية، تمامًا كما يفعل الصهاينة في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، ومساجد عدة في القدس والضفة.
ويؤسفني أن أقول: إن آخر ما أعلم من دخول قوات الجيش بالأحذية وهتك حرمة المساجد في مصر كان من جيش نابليون بونابرت الغازي الفرنسي، وقد قام المجلس العسكري من خلال الشرطة العسكرية بترويع المصلين، واعتقال المئات من الإخوة والأخوات، والضرب على القفا وبالعصيّ وتوجيه أقذع الشتائم، بل اعتقال غير المصريين من طلاب العلم بالأزهر السودانيين والماليزيين، وغيرهم ممن جاءوا إلى المسجد مصلين! لكن مكر الماكرين وغدر الظالمين وبقايا فلول المجرمين الذين يحكمون مصر بالمنهجية الرديئة نفسها في احتقار الأبرياء وامتهانهم وظلمهم وضربهم واعتقالهم وجرحهم وقتلهم.
كل هذا من المكر السيئ الذي خطط له، كما قال تعالى: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]. فليس من أخلاق جيشنا العظيم أن يهين أبناء بلده إلى هذا الحد، وأن يعتقل الفتيات، وأن يقبض على الصحفيين والإعلاميين، وأن يكيل هذا الكيل الرديء من مخزون الشتائم الفاحشة.
وأذكّر أمتي أولاً، وإخواننا المنكوبين في مصر وسوريا، بأن مكر إله الناس سوف يسحق ويمحق مكر الناس، كما أخبرنا الله تعالى عن مكر قوم نوح وقوم إبراهيم، وإخوة يوسف ونساء القصر وفرعون موسى، واليهود الذين أرادوا قتل سيدنا عيسى، وأبرهة مع أصحاب الفيل الذين جعل الله كيدهم ومكرهم في تضليل، وكفار قريش الذين قال الله فيهم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
وزاد المكر من كفار قريش مع يهود بني قريظة وبني النضير وقينقاع وخيبر وكفار العرب، لكن الله تعالى قال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 25-27].
ورد الله مكر الصليبيين بقيادة أوربان الثاني فارتدوا خائبين على يد صلاح الدين، كما ردّ الله تعالى القوة الهائلة لهولاكو قائد المغول، فبعد أن قتل بالسيف والحَجَر مليونين في العراق والشام، أهلكه الله تبارك وتعالى، وقُتل في موقعة عين جالوت. واليوم لم يُغنِ مكر شاوشيسكو وحزبه شيئًا فقُتل على أيدي الثوار، وانهار الاتحاد السوفيتي بشكل مفاجئ في 26/12/1996م.
وعادت روسيا وبلاد القوقاز بعد قتل 20 مليونًا من الناس وهدم 150 ألف مسجد وكنيسة، ورفعوا شعار: "لا إله والحياة مادة"، و"الدين أفيون الشعوب" وقَتْل كل من يحفظ أو يحفِّظ القرآن، وها هي اليوم تعود روسيا إلى الإسلام، لكن القرآن يعود الآن في مسابقات للقرآن الكريم دولية دُعيتُ لها مرات، وها هي أمريكا تزداد فيها المراكز الإسلامية من ثمانية مراكز سنة 1950م، والآن فيها أكثر من 3 آلاف مركز إسلامي، رغم الحملة الإعلامية الرهيبة التي تتحدث عن "إسلاموفوبيا"، والمكر الرهيب على الإسلام والمسلمين.
ها هو الخوف يدب في مفاصل بني صهيون رغم كل المكر والدهاء الرهيب في القتل والترويع والأسر، لكن الله تعالى لهم بالمرصاد، ولولا مكر الله تعالى ما هرب "بن علي"، وما سُجن مبارك، وما قُتل القذافي، وما أزيح علي عبد الله فاسد عن منصبه، والبقية تأتي وأوَّلهم بإذن الله بشار والفجار من المجلس العسكري، قال تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
أقول لكل ذي قلب: لا تخشوا مكر الناس وثقوا في مكر إله الناس، بشرط واحد أن نكون أهلاً أن يمكر الله لنا لا أن يمكر بنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.