شجعتنى المذيعة المتألقة جيهان منصور، والصحفية الكبيرة إيمان رسلان، على قراءة كتاب التربية الوطنية المقرر على طلاب الصف الثانى الثانوى، بعد إذاعة الحلقة التليفزيونية التى تناولت سلبيات العملية التعليمية، وإضافة كلمة «الجماعة» بدلاً من كلمة «الوطن» فى كتاب التربية الوطنية مما يعد تدخلاً من جماعة الإخوان فى كتابة التاريخ، وانتقدت إيمان رسلان عدم قيام المسئولين بالرد على هذا التدخل، وطلبت إجراء تحليل مضمون للكتاب وقالت ان القضية هى: ماذا نكتب عن الجماعة إذا كانت الجماعة نفسها غير قانونية؟ الحلقة لم تكن الوحيدة التى تحدثت عن الكتاب، فقد نشرت بعض الصحف مطالبات لمنظمات مدنية بسحب هذا الكتاب من مقررات الصف الثانى الثانوى احتجاجاً على تدخل الإخوان لفرض الجماعة على الوطن وكنت قد استمعت إلى محمد السروجى المتحدث الإعلامى لوزارة التربية والتعليم يقول ان الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم تولى المسئولية بعد طبع المناهج، وهو غير مسئول عما تضمنه الكتاب، ولكن سيتم إرسال الكتاب إلى مكتب شيخ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية لأن به نصوصاً مرتبطة بالدين الإسلامى فى حاجة إلى مراجعة! الكتاب اسمه الحقيقى «المواطنة وحقوق الإنسان»، ويتكون من «63» صفحة ويشتمل على «4» فصول الأول يتحدث عن المواطنة حقوق وواجبات، والثانى عن الوعى السياسى والثالث عن المجتمع المدنى، والرابع عن حقوق المرأة. تناول الكتاب بعض مساوئ النظام السابق، ومقارنة ما كان يحدث فى ظل أنظمة ثورة 23 يوليو بما يتم حالياً بعد ثورة 25 يناير، وتحدث عن الإسلام قائلاً إن جميع المواطنين يعاملون فى الإسلام على أساس واضح من المساواة، ولا يوجد مواطنون درجة أولى وآخرون «ثانية» أو «ثالثة»، وكفل الإسلام لغير المسلمين حق العمل والكسب، وحق أهل الكتاب فى تولى الوظائف إلا ما غلب عليها الصيغة الدينية مثل الإمامة أو الخلافة فهى رياسة عامة فى الدين والدنيا خلاقة عن النبى ولا يجوز أن يخلف النبى فى ذلك إلا مسلم، وأشار الكتاب إلى أنه لم تكن هناك تعددية حزبية حقيقية فى ظل النظام السابق وكان يوجد حزب واحد مهيمن على السلطة بصفة دائمة وإلى جواره مجموعة من الأحزاب الضعيفة. أما بعد ثورة 25 يناير، وإلغاء لجنة شئون الأحزاب فقد وصل عدد الأحزاب السياسية إلى أكثر من 80 حزباً تنوعت بين الإسلامى والليبرالى والاشتراكى. وقع مؤلفو الكتاب والمراجعون والمشرفون وهم الدكتور وليد طاهر ووصفى حكيم وبسنت أحمد وغادة رشاد ومحمد شريف ومصطفى النشار وصلاح الدين عرفة فى خطأ تاريخى جسيم، فى تاريخ نشأة مجلس الشورى، جاء فى الكتاب أن المرأة شاركت فى كافة مجالات الحياة سواء بالعمل فى السلطة التنفيذية والقضائية أو بخوض الانتخابات العامة فى مجلس الشعب ثم مجلس الشورى عقب إنشائه فى مايو عام 1981 والحقيقة الدامغة هى أن مجلس الشورى عقد أول اجتماعاته فى أول نوفمبر عام 1980 أى قبل التاريخ الذى ذكره السادة المؤلفون بحوالى 6 أشهر! ففى يوم 19 أبريل عام 1979 وافق الشعب على استفتاء عام لإنشاء مجلس الشورى وتم تعديل الدستور، وافق الشعب على هذا التعديل فى الاستفتاء الذى جرى يوم 22 مايو 1980، وأضيف بموجبه باب جديد إلى الدستور تضمن الفصل الأول منه بيان الأحكام الخاصة بمجلس الشورى، وعقد المجلس أول اجتماعاته يوم أول نوفمبر عام 1980 برئاسة الدكتور صبحى عبدالحكيم أول رئيس لمجلس الشورى. هذا الخطأ الذى وقع فيه المؤلفون فى صفحة رقم «57» ينطوى على جهل بالدستور والأحداث التاريخية، وعدم المراجعة الدقيقة ويعتبر الكتاب أحد المناهج المتخلفة التى تحشى بها عقول الطلاب وتؤدى إلى تخريج جهلاء وهى سبب تأخرنا حتى الآن. إن مادة الكتاب ركيكة ومفككة، خاصة الجزء الخاص بمشاركة المرأة فى ثورة 25 يناير، أن أول كتاب يتناول هذه الثورة يجب ألا يكون بهذا الشكل السيئ من الأسلوب الركيك والأحداث غير الموثقة، هذا الكتاب يمتحن فيه الطلاب ولا تضاف درجاته إلى المجموع، وكما قال الطالب زياد الفقى المتحدث الإعلامى لطلاب 6 أبريل للإعلامية جيهان منصور ان مادة التربية الوطنية مدرجة فى جدول الحصص، ولا يوجد مدرسون لتدريسها، ويترك الطلاب الكتاب فى المنزل، ولا يأخذونه معهم إلى المدرسة، ويفتحونه ليلة الامتحان لمعرفة بعض المعلومات لأنه ليس ضرورياً بالنسبة للنتيجة! أما الفكرة الأساسية لهذه الأزمة فهى وضع كلمة الجماعة بدلاً من كلمة الوطن، فإننى عثرت عليها فى مقدمة الكتاب محشورة فى عبارة تقول: مع منظور فكرة الانتماء والنظرية العامة للوطنية وظهور التجمعات البشرية، تمسك الإنسان بانتمائه إلى «الجماعة» وهكذا حتى وصل إلى انتمائه إلى الوطن: كما عثرت عليها فى صفحة رقم «21»: إن الوعى السياسى يقاس بعدة طرق منها الاستبيان ويطبق على مجموعة من الأفراد مشتملاً على أسئلة توضح حجم المعارف السياسية وجاء فى آخر العبارة ورأى «الجماعة» فى مختلف القضايا! ولا أعرف إذا كان ورود لفظ الجماعة مرتين فى الكتاب البالغ عدد صفحاته «63» صفحة مقصوداً بها جماعة الإخوان المسلمين وهو تغيير ناعم يتعود عليه الناس تدريجياً، ونزع اعتراف مؤسسات الدولة ب«الجماعة» أم المقصود ب«الجماعة» هى الفريق الذى ينتمى إليه الفرد، مطلوب مسئول يرد من وزارة التربية والتعليم بدلاً من استمرار هذه البلبلة.