وعد الحزب الوطني بإجراء الانتخابات البرلمانية في جو من النزاهة والشفافية لإفراز نوعية من النواب قادرين علي القيام بدورهم الرقابي والتشريعي في ظل تعددية حزبية حقيقية وهو ما ثبت عكسه بالأمس حيث ظهر واضحا أنه لا صوت يعلو فوق صوت التزوير فقد فازت البلطجة وسقطت هيبة الدولة بعدما شهدته اللجان الانتخابية من عنف وتجاوزات رصدتها العديد من التقارير والمنظمات الحقوقية ليتأكد الجميع عدم صدق الحزب الحاكم ووجود نية مبيتة للتزوير تضمن له الهيمنة علي أغلبية مقاعد المجلس القادم.. من هذا المنطلق تحدثنا مع نخبة من المفكرين والسياسيين حول الانتخابات البرلمانية وجاءت آراؤهم كالتالي: في البداية يقول المستشار بهاء أبو شقة مساعد رئيس حزب الوفد إن مبدأ التزوير والتداخل في إرادة الناخبين أمر مرفوض في كل بلدان العالم سواء من الناحية القانونية أو الناحية الأخلاقية لأن مفاد ذلك أنك تعبث بالانتخابات ولا تحترم رأي المواطن رغم حريته الكاملة التي كفلها الدستور باختيار من يمثله وإن كنا قد توقعنا حدوث تزوير بعد تجربة الشوري الأخيرة التي لم يمر عليها بضعة أشهر ولقد وجدنا أن كل النتائج المبدئية لا تبشر بخير حتي الآن وكنا نأمل أن تكون هذه التجربة ذات مصداقية خاصة وقد تناولنا هذه المسألة مكتوبة ومرئية ومسموعة في العديد من وسائل الإعلام وأكدنا مرارا وتكرارا أن هذه الفرصة هي الأخيرة لكي يجمل النظام صورته أمام الداخل والخارج، حقيقة لقد كانت النتائج الأولوية مفزعة لدرجة تدعو لليأس والإحباط وهذا ما جعل البعض تراوضه فكرة الانسحاب فقررنا أن نعمل صوت العقل للنهاية لأن ذلك قد يؤثر علي صورة الوفد ويجعل البعض يصفوننا بالعجز عن الاستمرار فآثرنا أن نستمر حتي النهاية خاصة وأن اللجوء للقضاء المدني أصبح عديم الجدوي بعد عدم تنفيذ الأحكام التي تصدرها محكمة النقض تحت بند أن المجلس »سيد قراره« والضرب بإرادة الشعب علي سند من هذا المبدأ لذلك أري أن البداية السليمة تكون من خلال مجلس ديمقراطي منتخب بإرادة الجماهير وليس حسبا لما تفرضه النتيجة المعلنة. وقال وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي: إن التزوير لم يكن بالمفاجأة طالما ظل النظام الانتخابي الذي يطبقه الحزب الحاكم معتمدا علي النظام الفردي بكل ما يحمله في طياته من عنف وبلطجة وتزوير حتي أصبح الناخب لا يفاضل بين برامج ولكنه يفاضل بين نفوذ وثروات ومن يدفع أكثر فإنه سيكون الغالب في النهاية وهذا ما ذكرناه مرارا وتكرارا بأن الحكومة لا تستمع للمعارضة وتعتمد دائما علي العنف والبلطجة للوصول إلي الأغلبية الكاسحة ومنع السبل القانونية الكفيلة بتصحيح الأوضاع حيث تقضي المادة 93 من الدستور بأن المجلس سيد قراره وهذا فيه تمسك بالبقاء لذلك أدعو جميع الأحزاب وقوي المعارضة أن تتكاتف لرفع دعوي قضائية تكون فيها المطالبة بإلغاء القائمة الفردية والمطالبة بالإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات وإلغاء المادة 93 الخاصة بسيد قراره وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بشكل يضمن الحيدة والنزاهة وتكافؤ الفرص.. ولكن هل نضمن تكاتف جميع أحزاب المعارضة للمطالبة بحقوقها؟ هذا هو السؤال!! وأكد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل أن ما حدث بالأمس مثله مثل كل الانتخابات المصرية السابقة من تزوير وتقفيل وتدخل وإغلاق للجان ومنع للمندوبين والناخبين ومن ثم التسويد بعد ذلك وقال إن الحزب الحاكم يتحمل المسئولية كاملة عن تضييق الهامش الديمقراطي وغلق الأبواب أمام الأحزاب وأصبح يحتكر الصناعة والتجارة ويحتكر العمل النيابي بصورة فجة لم تحدث من قبل وأكد الشهابي وجود وثائق تكشف التزوير الذي حدث لكن المحصلة في النهاية تكون »المجلس سيد قراره« و»اللجنة العليا شاهد ماشفش حاجة!!« لقد أجهض الحزب الوطني كل محاولات الإصلاح وعطل المادة 5 من الدستور التي أكدت أن النظام السياسي يقوم علي تعدد الأحزاب فقد تعاملوا مع الأحزاب الشرعية مثل تعاملهم مع الجماعات المحضورة ولك الله يا مصر. ويقول حسين عبدالرازق نائب رئيس حزب التجمع: إن التزوير تم منذ البداية عن طريق منع مندوبي المرشحين المستقلين أو المنتمين لأحزاب المعارضة أو المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين من التواجد داخل اللجان التي تم احتلالها من قبل مندوبي الحزب الوطني وتم ذلك من خلال وسائل عديد ةمن أهمها رفض الاعتراف بالتوكيلات الصادرة من الشهر العقاري وهو الجهة القانونية المنوط بها التصديق علي هذه التوكيلات ومطالبة المندوبين بالتصديق عليها من الشرطة وهذا أمر غاية في الغرابة لكن الأغرب أن الشرطة تمتنع عن اعتماد هذه التوكيلات الأمر الآخر هو منع المراقبين من متابعة ومراقبة العملية الانتخابية ليس عن طريق القيود غير المسبوقة التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات »وهي التي لم تكن كافية من وجهة نظر الداخلية« ولكن من خلال تشديد الأمن الخارج علي المألوف وكان العنف في أغلبه من مرشحي الحزب الوطني الذين استخدموا البلطجة والرشاشات والأسلحة الآلية ومارست الشرطة دورها بالحياد السلبي وكأنها غير مخاطبة بالحفاظ علي الأمن وهو ما يؤدي في النهاية إلي هيمنة الحزب الوطني علي المجلس الذي ولد فاقدا للشرعية.. ليس فقط بهذه الأفعال ولكن من قبل ذلك حيث امتنعت اللجنة عن تنفيذ الأحكام الإدارية بمجلس الدولة أو المحكمة الإدارية العليا بإدراج عدد من المرشحين المستبعدين مستخدمين حيلة تتناقض مع صحيح القانون وهو الاستشكال الذي قضت المحكمة الدستورية ببطلانه. وقال الدكتور عبدالحليم قنديل الكاتب الصحفي والناشط السياسي إنه كان متوقعا أن تكون الانتخابات هذه المرة تعيينات بالأمر المباشر وأن يظهر الجميع وكأنهم في حفلة تنكرية. وقد كافح المصري كثيرا من أجل التزوير وهو ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا بضرورة وجود إشراف قضائي كامل وإذا كان بعض المتنطعين من الحزب الوطني قالوا بأن الإشراف القضائي ليس موجودا في الكثير من بلدان العالم فإني أؤكد لهم أنه أصبح ضرورة في مصر الآن لأن الناس لا تثق في الأمن ولا في الحكومة ولقد أكدناها قبل ذلك أن عام 2005 كان آخر عشاء انتخابي وأصبحت الانتخابات في مصر »مسخرة« حقيقية وكأنها بلد من »جهلوت« العالم. ولا شك أنه في ظل النظام الحالي لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة علي الإطلاق لأن النظام يريد برلمانا علي مقاسه ومن هنا وقد ظهر البطلان علي أعين الجميع نؤكد احتياجنا الكامل لبرلمان مواز يتكون من نواب المعارضة الحاليين والسابقين علي مدي 30 سنة يوازيه تحرك شعبي كبير تحت شعار »باطل« نطالب من خلاله بإعادة كل الدورات الانتخابية السابقة تحت رقابة قضائية تامة بعيدا عن وزارتي العدل والداخلية لذلك ندعو الجماهير للتحرك الشعبي الذي نبدأه في الثاني عشر من شهر ديسمبر القادم بوقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي للنهضة بهذا البلد والمطالبة بإصلاح أحواله.