إذا لاحظت الإهمال، مع الفقر في أعداد الأطباء، والنقص الشديد في الأجهزة الطبية، في مواجهة طوابير طويلة من المرضي والمصابين.. فتأكد أنك في مستشفي مطروح العام. لم يشفع المبني المنمق من الخارج لمرضي الداخل، فمبني مستشفي مطروح العام يعد من أحدث مستشفيات وزارة الصحة الذي تم تجميله وتزيينه بالطوب الحراري والألوان التي تسر الناظرين، لكن بمجرد أن تطأ أقدامك داخل المبني تري ما لا يسر الناظرين علي الإطلاق. فبينما افتراش المرضي وذويهم الأرض.. توقف أتوبيس قادم من مدينة السلوم لينزل مرضاه، الذين قطعوا ما يقرب من 220 كيلو متراً، هي إجمالي المسافة ما بين السلوم المدينة التي تقترب من الحدود الليبية ومدينة مرسي مطروح، وتكدس الجميع في انتظار دوره في تلقي العلاج. قسم الاستقبال والطوارئ مكتظ بالمرضي، لكن الإمكانيات محدودة والأطباء قلة والأدوية شحيحة، إن لم تكن موجودة أصلاً.. فالمسكنات العامة مثل أدوية المغص الكلوي وموسعات الشعب الهوائية تكاد تكون معدومة.. كما أنه لا يوجد دكتور متخصص في طب الأطفال في قسم الاستقبال الذي خلا مكانه منذ رحيل أحد الأطباء منذ فترة بعيدة. أزمة مستشفي مطروح العام لا تكمن فقط في قسم استقباله، لكن الحالة العامة له تشير إلي عدم وجود جهاز رسم مخ وأعصاب وعضلات، كما لا يوجد أيضاً أجهزة مناظير ولا أجهزة للمرضي المصابين بالصدر أو صعوبة التنفس، وهو ما يستدعي نقل المريض إلي المستشفي الجامعي بالإسكندرية، الذي يبعد حوالي 300 كيلو متر عن مرسي مطروح، وكذلك يعاني المستشفي من نقص شديد وندرة في خيوط الجراحة والمشارط، بالإضافة إلي سوء حالة أجهزة التعقيم المركزي. المستشفي المركزية الوحيدة بمطروح لا يوجد به قسم جراحة المخ والأعصاب ولا قسم لمرضي الروماتيزم «الروماتيد»، وكذلك لا يوجد تخصص أوعية دموية ولا أيضا جراحة الوجه والفكين ولا يوجد إخصائيو أشعة. الصدمة الكبري أما الصدمة الكبري في قسم الأورام بالمستشفي الوحيد بالمحافظة، فتتمثل في أن المشرف علي القسم هو دكتور باطنة، مع وجود استشاري أورام يذهب يوماً واحداً في الأسبوع ليشرف علي القسم الذي لا يوجد به جهاز أشعة لعلاج مرضي الأورام بما يعني أن مطروح خالية من العلاج الإشعاعي. جهاز الأشعة المقطعية بالمستشفي لم يكن أحسن حالاً من قبله، فهو موجود بالمستشفي منذ ما يقرب من 20 عاماً، وهو جهاز دائم الأعطال، استمر آخر أعطاله أكثر من 20 يوماً متصلة بداية شهر سبتمبر حتي 20 من الشهر نفسه. محمد فرج، مسئول الأشعة المقطعية بالمستشفي وأمين صندوق العاملين بالنقابة المستقلة بمطروح، قال: إن إجمالي الحالات التي تتردد علي الجهاز تصل لحوالي 230 حالة شهرياً، مضيفاً أنه طالب إدارة المستشفي بضرورة تغيير الجهاز، فجاء الرد من الوزارة: «لا يجوز توفير جهاز جديد ما دام الجهاز الحالي يعمل ولو حتي بربع طاقته». أمراض خطيرة مسئول الجهاز، قال: إن المترددين علي الجهاز أحادي المقطع معرضون للإصابة بالسرطان وأمراض العقم وفقر الدم، بسبب طول وقت الفحص الذي يصل إلي ما يقرب من 25 دقيقة، موضحاً أن الأجهزة الحديثة متعددة المقاطع لا تستغرق عملية الأشعة سوي 7 دقائق، مشيراً إلي أن شركات الأجهزة الطبية لا تلتزم بتوفير قطع غيار للأجهزة المستعملة بالمستشفي. ويضيف «فرج» أن جهاز «بانوراما» الخاص بعمل أشعة الفك والأسنان، وهو الوحيد علي مستوي المحافظة معطل منذ شهور، وفشلت شركة الصيانة في إصلاحه، مؤكداً أن هناك نقصاً شديداً في أعداد الأطباء بالمستشفي بسبب عدم صرف الحوافز والبدلات. ويضيف «فرج» أن تقرير وزارة الصحة عن المستشفي قد ورد فيه تدني ترتيب المستشفي إلي المراكز الأخيرة كأكثر المستشفيات سوءاً علي مستوي الجمهورية، بعد أن كان ترتيبه متقدماً منذ عدة سنوات، وأشار لسوء حال قسم الطوارئ بالمستشفي، من حيث البنية التحتية والسباكة التي تطفح بشكل مستمر، و من حيث الإمكانيات الطبية من مستهلكات وأجهزة طبية. وعلي الرغم من وجود مقالب قمامة عديدة داخل غرف المرضي وعلي الأسرة، فإن محرقة النفايات تتواجد في حرم المستشفي، وكذلك يصيبها العطب لأوقات كثيرة تتسب في تراكم القمامة داخل المستشفي.