كثيرا ما ارتكب الغرب فضائح وفظائع تغضب الإسلاميين من أصحاب الإيمان الحي والحركة الدءوب لنصرة الحق في العالم، ومن ذلك قضية استلحاق الأمة الإسلامية بالمشروع الغربي في الإدارة والتجارة، والصناعة والزراعة، والفن والإعلام، والقوانين والتشريعات؛ حتى تم الاعتداء السافر على ثوابت الأمة عربيا وإسلاميا، وتم توظيف عملاء في شكل أنظمة منذ أيام نابليون بونابرت عندما اقترح استقدام خمسمائة من أذكياء مصر والعرب يدرسون في فرنسا وينبهرون بالفوارق الحضارية؛ فيعودون يدافعون عن ثقافة وقوانين ونظام فرنسا بدلا من قتل كليبر ومقاومة الحملة الفرنسية ودحرها في رشيد وغيرها مما يكلف الغرب الكثير، وبهذا يكون أبناء البلد حملة مشروع فرنسة مصر، وبعدها الجزائر وسوريا ولبنان، وصارت سياسة غربية عامة فقامت بريطانيا وأمريكا بالأمر نفسه حتى صار لهما أنصار يدافعون عنهما في بلادنا أكثر من البريطانيين والأمريكيين أنفسهم وصاروا بالمصري "ملكيين أكثر من الملك"، ومما يغضب الإسلاميين قضية اغتصاب الصهاينة فلسطين، وما جرى لها من تبن كامل من بريطانيا لتأسيس المشروع الصهيوني بفلسطين، وتبنت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية ترسيخ المشروع الصهيوني فاعتبرت إسرائيل جزءًا من أمن أمريكا، وصار كل مرشح للرئاسة الأمريكية يغازل اليهود والصهاينة بالتصريح المباشر بهذا الجنوح والتبني اللاأخلاقي، ويؤكد كل رئيس أمريكي بعد استلام السلطة ذلك بالقول والعمل، وهذا مما يغضب الإسلاميين أيضا غاية الغضب من الدعم المفتوح المفضوح للكيان الصهيوني، ولكن الغرب لم يفقه الفرق بين ما يغضب الإسلاميين فيتحركون بوعي وخطة مدروسة وردود أعمال ممنهجة وفقا للشريعة الإسلامية والمصالح والمفاسد، والتدرج في التغيير والإصلاح، لكن غباء بعض الغربيين لم يدرك بعد ما يلهب حماس المسلمين أجمعين، فيقدُم بين الحين والآخر على حماقات من الطراز الرديء، وأفعال من العيار الثقيل التي تثير كل مسلم ثورة عارمة، وذلك مثل ما حدث قبل في بريطانيا من آيات شيطانية، والرسوم المسيئة للرسول في الدنمارك، وتبول الجنود الأمريكان على المصحف في سجن جوانتنامو وأفغانستان وقيام القس الأمريكي الأحمق "جونز" بحرق المصحف، وأخيرا هذا الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة فجة رديئة سخيفة هابطة مضللة مجافية لكل الحقيقة، واختاروا البدء في ذكرى عام "الفيل" الأمريكي في أحداث سبتمبر، وبدأت الشرارة من بعض مجرمي الصهاينة وأخساء أقباط المهجر، وتغيرت الدوافع بين الإسلاميين العقلاء الذين دعوا للاحتجاج الراشد بأعلى صوت، وحث فخامة الرئيس مرسي سفير مصر بأمريكا على رفع قضية على منتجي الفيلم، والمفروض على جميع السفراء للدول الإسلامية أن يتكاتفوا في رفع القضية، والاحتجاج الحاد على الحكومة الأمريكية التي تزعم أن هذا من حرية الرأي الذي لا يسمح بأي عمل ضد هؤلاء المجرمين، لأنه رسول الله ورسول للأمة، وليس لأهل مصر وحدهم، وقال الرئيس محمد مرسي في قلب أوروبا لأمريكا وأوروبا والعالم إن رسول الله خط أحمر، وطلب النائب العام بمصر الجديدة إدراج أسماء المجرمين مسعري الفتنة من بعض أقباط المهجر ضمن المطلوبين جنائيا، وطالب العلماء بحملة توعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغات عدة تتبناها السفارات والجامعات والمدارس والأعمال الفنية المحترمة من الفنيين الغيورين على رسول الله، لكن غضبة كثير من المسلمين لا يمكن ضبطها لأن الغرب الذي يسيء اليوم إلى رسول الله هو الذي حرص على توسيع دائرة المسلمين البسطاء المنفرطين لا الإسلاميين الأتقياء المنظمين الوسطيين، وهؤلاء لا يستطيعون في يوم وليلة أن يقوموا بحجب وترشيد هذا التيار الهادر من المسلمين الغيورين على رسولنا الكريم، فالجناية على رسول الله من الغرب خاصة أمريكا وإسرائيل، والجناية منهم وإليهم من المسلمين الذين حرقوا السفارات وقتلوا السفير الأمريكي بليبيا، عكس مناشدة الإسلاميين الراشدين هؤلاء الثوار، فهم أيضا من جناية أمريكا وأوروبا عليهم في تبني ودعم الأنظمة التي صنعت هذا التيار صاحب الإسلام المخدر، ولا يفيق إلا على المصائب الكبرى التي جعلتني أقول يوما وأنا طالب سنة 1981م لشاب مسيحي جاءنا في المدينة الجامعية يدعي أنه أسلم، ويقارن بين سيدنا رسول الله وسيدنا عيسى عليهما الصلاة والسلام، وينال من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولما هم الطلاب بقتله أنقذته من بين أيديهم، وطلبت له الشرطة في قسم الجيزة، ولما وصلوا ركبت معه السيارة وقلت له اسمعني جيدا: قل لمن أرسلك لا تغتر بغفلة كثير من المسلمين فهؤلاء طاقة غير عادية؛ فلو سمع مسلم سكِّير يشرب الخمر أحدا ينال من الرسول صلى الله عليه وسلم فلن يكمل الشرب بل سيكسر الزجاجة على رأس من يتعرض لنبيه الكريم، اليوم الأمة كلها تصطف خلف رسول الله ويتذكرون خبيبًا الذي أمسكه المشركون ليقتلوه ثم قالوا له: هل تحب أن محمدا مكانك "أي يقتل" وأنت في عافية في أهلك ومالك؟ فقال: والله ما أحب أن يشاك محمد شوكة واحدة، بل أقتل دونه، فهددوه بالقتل والتمثيل بجثته فأنشأ يقول: ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي الغرب لا يعرف أن الإسلاميين والمسلمين يأتون صفا واحدا خلف مقام الله تعالى، وخلف مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقداسة القرآن الكريم، وحرمة المسجد الحرام والنبوي والأقصى، وهذه نقاط اشتعال ولهيب تحرق بنارها من أشعل شرارة الإيذاء أو الاعتداء، ولتتحمل كل دولة ما تشاء من مخاطر ما يلهب المسلمين ويغضب الإسلاميين فنحن في النهاية نحب ديننا ونبينا، ولن ندع أحدا يعبث بمقدساتنا ورموزنا، بل أرواحنا فداء لرسولنا صلى الله عليه وسلم. نصيحتي: قراءة ومدارسة سورة الأحزاب مع الأهل والأحباب والأصحاب وما فيها من قول الله تعالى لرسولنا صلى الله عليه وسلم: "وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا" (الأحزاب:48) وفي السورة أيضا قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا" (الأحزاب:57)، فاستمروا أيها المسلمون والإسلاميون في الغضبة الراشدة والاقتداء بأخلاق نبينا، وتذكروا واعملوا بهذه الآية من السورة نفسها التي تبين المقام الرفيع للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وواجبنا نحوه حيث قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب:56) فصلوا على الرسول، ودافعوا عن مقامه الرفيع تؤجروا في الدارين. نقلا عن صحيفة الشق القطرية