قصتهم تستدعى شريط الذكريات القديمة لبطل قصة اعتراض موكب «مبارك» أبوالعربى البورسعيدى الذى كان جزاؤه ما اقترفه من ذنب.. ولكن هذه المرة الأمر مختلف، فالمتهمون أربعة من أصل جموع عديدة وقفت تحتج أمام قصر الاتحادية .. والتوقيت عقب ثورة 25 يناير، والظرف بعد اختيار رئيس وقف فاتحا صدره فى ميدان التحرير يقول «أنا منكم وأنتم أهلى»، ليكون مصير 4 ممن اتهموا باعتراض موكب الرئيس، واهانته السجن، لكن منحهم القضاء قبلة الحياة الأسبوع الماضى عندما حكم ببراءتهم دون المرأة الوحيدة ضمن الأربعة، لاتهامها بانتحال شخصية شقيقتها. «الوفد» حاورت أحمد حبشى المتهم الثالث فى القضية والذى فتح النار على الرئيس مرسى بإصراره على رحيله، واتهم جماعة الإخوان بقتل أخيه فى المقطم، معلنا عن مخاوفه من تدبير الجماعة مصائب له أو الانتقام منه، كما كشف عن سوء المعاملة التى تلقاها فى سجن طرة بالاعتداء عليه بالأحذية والسب والشتائم المهينة، فضلا عن خوفه من هيمنة الجماعة على القضاء من خلال أحد القضاة الذى توعده بحكم مشدد، وأضاف «لم أندم على ما فعلت وسأشارك فى أى مظاهرة ضد الجماعة».. وإليكم نص الحوار: نتعرف عليك؟ أحمد محمد حبشى 35 سنة أعمل مشرف أمن، وكنت ضمن الشباب الذين تم القبض عليهم بتهمة الاعتداء على موكب الرئيس فى أغسطس الماضى. كيف وقعت حادثة الاعتداء على موكب الرئيس؟ قبل واقعة الاعتداء على الموكب، كنت اعتصمت عند المنصة، وانتقلت إلى الاعتصام عند قصر الاتحادية عندما قتل أخى على يد الإخوان فى المقطم، لاتهامه باقتحام المقر الخاص بهم، فشعرت بالثأر تجاههم، وهذا ما أثار مطلبى فقررت الاعتصام للمطالبة، برحيل مرسى والإخوان وحكم مكتب الارشاد، وكان ذلك فى يونيو الماضى. ألم تر أن الاعتراض على حكم مرسى بدأ باكرا ولم نعطه فرصة؟ اعترضت فى البداية على عودة مجلس الشعب واتهام جماعته للمحكمة الدستورية العليا بالخيانة فذهبت لنصرة القضاء والجيش والشرطة. وما هى وقائع القبض عليكم؟ كما قلت، لقد اعتصمت عند المنصة وانتقلت إلى قصر الاتحادية يوم 4 أغسطس، وثانى أيام وقوع الشهداء على حدود سيناء كان يسير مواكب لعدد من الشخصيات المهمة ومنهم المشير وسامى عنان وهشام قنديل، وأثناء موكب مرسى وجدنا البعض يرفع الأحذية فى وجه مرسى كشكل اعتراضى ولم يرم أحدهم «ولو فردة جزمة واحدة» وكان عددنا نحو 700 أو 800 وكنت أقود الهتاف مع الجماعة الذين تم القبض عليهم. ولماذا أنتم تحديدًا؟ تم القبض بطريقة عشوائية، وربما يكون السبب قيادة الهتاف، ففى البداية استدعى الضباط زميلنا محمود عبدالفتاح الذى يعمل عاملا، وفى المرة الثانية استدعى أحمد رمضان الطالب فى كلية الشريعة والقانون، وفى المرة الثالثة استدعونى. وهل بالفعل اعترضتم الموكب؟ لم نعترض الموكب، لأن المواكب كلها عدت بسلام وكنا صامتين ولم نلق أى حذاء، ولكن البعض رفع الأحذية ولم يلقها فى وجه مرسى والأمن أيضا لن يسمح بأن يرفع حذاء، فى النهاية هذه تهمة ملفقة مجملا. وما الاتهامات التى وجهت إليكم؟ التجمهر وتعطيل حركة المرور واتلاف سيارة الرئاسة وإهانة الرئيس، بمعنى أوضح هذه تهم لا أتخيل أننى أخرج منها براءة. وكيف كانت معاملتكم من جانب ضباط الشرطة والحرس؟ فى البداية عند القبض علينا قال لنا الضباط عايزكم فى كلمتين وبعدين ابتدى يقول التهم الأربع وأنكرناها جميعا وفوجئنا بالشروع فى عمل محضر وتسليمنا للسجن العسكرى، وكانت المعاملة جيدة حينئذ، ولكن قضيت أسوأ أيام حياتى عندما تم تحويلنا من السجن العسكرى إلى سجن طرة «عملوا لنا حفلة استقبال من موظفين فى السجن والضباط، وكان غريبًا أننا رحنا طرة ومارحناش قسم مصر الجديدة بحسب القانون». كيف تم الاعتداء عليكم فى طرة؟ تم ضربنا «بالمواسير والشباشب» على وجوهنا، وكان هناك موظف مدنى ملتح بمجرد علمه بقضيتنا قال «ازاى تعترضوا موكب مرسى هو عملكم ايه»، وقالى هات الشبشب وفوجئت به يضربنى على وجهى به، واستمر هذا الضرب 3 ساعات متواصلة، وقال لنا «خلوا اللى بيدفعوا لكم ينفعوكوا» وعندما دافعت عن موقفى ورفضت تهمة تلقى الأموال قال: «إنت هترد عليا يابن.. ووجه إلى الشتائم». يحسب عليكم فى القضية دفاع أحد محامى مبارك عنك.. ما ردك؟ كان هناك 4 محامين يدافعون عن قضيتنا وأحدهم فقط هو محامى مبارك بالتطوع، ولا أرى أى شبهة لنا فى ذلك أو علاقة لاتهامنا بتلقى أموال من أى جهة تثير القلق فى البلاد، فقد شاركت فى ثورة 25 يناير وأنا مؤمن بالثورة، وليس من شيمى أو شيم زملائى تلقى الأموال. شاركت فى ثورة خرجت ضد سياسات مبارك، فكيف تقبل دفاع شخص يرى براءة مبارك واجبة وتطوع للدفاع عنه؟ كنت فى وقت محتاج ل«قشة أتعلق بها» وفوجئت بهم يشاركوننا ولم يكن بوسعى الرفض. ما طبيعة الاسئلة التى وجهت إليكم أثناء التحقيق؟ كانت تتضمن بنود الاتهام، وكذلك الاستفسار عن الأموال التى نتلقاها كى ننظم مظاهرات واعتصامات ضد الرئيس مرسى فقط. هل توقعتم أن يعفو عنكم الرئيس؟ زملائى توقعوا ذلك عندما أصدر عفوًا عن رئيس تحرير «الدستور» إسلام عفيفى، لكننى لم أتخيل ذلك، والبعض توقع أن يلين قلبه، خاصة فى شهر رمضان ويرحمنا. هل رأيت أحدًا من النظام السابق فى طرة؟ رأيت إسماعيل الشاعر بعينى فى عنبر الأموال العامة ولم أر أحدًا آخر، كما رأيت جمال وعلاء بجوار مستشفى ليمان طرة، ووضعوا لهم زجاجًا حاجزًا للصوت حتى لا يسمعوا شتائم موجهة لهم، وأثناء تواجدى بالحبس جاء نخنوخ إلى السجن وكان يومًا صعبا، والمصلحة كانت واقفة على رجل ولأول مرة أرى النيابة تذهب للتحقيق مع المسجون. ما شعورك بعد هذه التجربة؟ مصر تعيش أسوأ حالة، حيث رحل حزب وطنى وجاء حزب وطنى ومطالب الثورة لم تحقق والإخوان يكذبون على الشعب.. وبعد هذه التجربة سأعود إلى عملى ولو شعرت بتخاذل الإخوان لن أترك المعتصمين ضدهم وسأكون فى أى مظاهرة إذا تطلب الأمر مشاركتى. هل توقعت البراءة؟ لم أتوقعها على الاطلاق، خاصة بعد حديث الدفاع فى الجلسات وصعوبة بنود الاتهام. كما كان فى السجن محامون بالنقض محبوسين على ذمم قضايا قالوا لنا «هتاخدوا حكم دى قضايا تودى فى داهية، لو كنتم أيام مبارك ما كنتوش شفتو الشمس». وبعد البراءة هل شعرت بأن مرسى أفضل من مبارك لأنك لم تذهب إلى الشمس؟ مرسى لم يمنحنى البراءة، لكن القضاء هو من منحنى إياها، وبصراحة كان أكبر مخاوفى الوقوع فى قاض إخوانيًا ينتقم منى أنا وزملائى. هل هناك قاض إخوانيا وآخر ليس إخوانيًا.. فى النهاية الحكم له قواعد؟ ليس صحيحًا، ففى إحدى الجلسات.. فى العباسية قال قاض لنا «عرفت من خلال البعض أنه ينتمى للجماعة»: «لو كنت مش قاضى منتدب كنت حكمت عليكم» وهذه كانت أصعب جلسة، رجعت السجن منهارًا وقلت كده القضاء بقى إخوانى. ما سند البراءة؟ الأحراز التى ضبطت معنا ليست مطابقة للاتهام، حيث تم ضبط شومة وأحذية مقاستها 45، فى حين أن مقاساتنا أصغر من هذا، بخلاف مطلبنا بالاطلاع على الكاميرات الخاصة بالموكب، وهذه دلائل ساهمت فى براءتنا. وماذا يثير مخاوفك الآن؟ أنا خايف من حزب الحرية والعدالة، وبنزل الشارع بحرص، وبصراحة هم ملكيون أكثر من من الملك.. عايش قلقان لأنهم ليس لهم أمان، ممكن اتقتل على أيديهم مثلما حدث لأخى. ناهد المتهمة معكم والآن متهمة بالتزوير.. ماذا تعرف عنها؟ عرفتها فى الاعتصام، وهى غريبة الأطوار، فكنا نناديها ببوسى، وفوجئنا بها فى القفص باسم ناهد، وفى البطاقة تدعى سعدية، وأيضا تركها أهلها القاطنون فى الغربية وحدها، ولم يسأل عنها أحد فى المحكمة، ولا أعرف عنها شيئا الآن، وربنا يتولاها.