يسأل الكثير من الناس عن آداب تشييع الجنازة فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف وقال لا يحرم على الجنب إلا أمور معروفة وهى الصلاة والطواف وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله والمكث فى المسجد . وما عدا ذلك فهو حلال غير حرام ، سواء أكان فى أمور الدنيا كالأكل والشرب أم فى أمور الآخرة كالذكر والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والدعاء ، وإن كان الأفضل ألا يمارس هذه الأشياء وهو جنب . ففى حديث رواه البزار بإسناد صحيح "ثلاثة لا تقربهم للملائكة : الجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق " وهو طيب خاص بالنساء ، وكذلك كراهة النوم مع الجنابة إلا أن يتطهر ولو بالوضوء . ومعلوم أن الملائكة قد تشيع بعض جنازات الصالحين . واشتراكهم فى التشييع دليل رحمة الله ورضائه عنه . ومن هنا يكره للجنب أن يسير فى الجنازة حتى تشترك فيها الملائكة ، وحتى لا يحرم الميت من الرحمة ، وبخاصة إذا كان من الصالحين ، ففى حديث رواه أبو داود وغيره "إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر ولا المتضمخ بزعفران ولا الجنب. وما رواه مسلم وأحمد والترمذى عن عائشة رضى الله عنها "ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شُفَعوا" وما رواه مسلم وأحمد وأبو داود عن ابن عباس رضى الله عنهما"ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفَّعهم الله فيه " أى قبل الله دعاءهم وشفاعتهم . هذا ، وكثرة المصلين على الجنازة يدفع إليها حب الميت أو تكريمه ومحاولة عمل شىء ينفعه ، والغالب أن ذلك لا يكون إلا من استقامته وحسن معاملته للناس . فهم يترحمون عليه ويذكرونه بالخير، وذلك إمارة على حب الله له ، والحديث يشهد لذلك ، فقد مرت جنازة أمام النبى صلى الله عليه وسلم فأثنى الصحابة عليها خيرا، فقال "وجبت " ثم مرت جنازة أخرى فتحدثوا عنها شرا ، فقال "وجبت " ولما سألوه عن الإجابتين المتحدثين مع اختلاف حديثهم عن الجنازتين قال "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله فى الأرض " رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه ، وحدث مثل ذلك لعمر رضى الله عنه . حين مرت عليه ثلاث جنازات واختلف الناس فى الكلام عليها فقال كما قال النبى صلى الله عليه وسلم "أيما مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الجنة"قال : فقلنا وثلاثة، فقال "وثلاثة" فقلنا : واثنان قال "واثنان " ثم لم نسأله عن الواحد . رواه البخارى . وروى أبو يعلى وابن حبان فى صحيحه عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنين انهم لا يعلمون إلا خيرا ، إلا قال الله : قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون " . كل هذا يؤكد قيمة ثناء الصالحين على الميت ، ويدعو إلى كثرة المصلين على الجنازة.