قالت صحيفة التايمز البريطانية إن الهجمات التي تعرضت لها السفارات الغربية في القاهرة والخرطوم وبنغازي وصنعاء، جعلت بلدان الربيع العربي تواجه مرحلة جديدة من الفوضى على خلاف رغبة قادتها الذين يرغبون في إرساء الاستقرار وإعادة البناء. واضافت أن البعثات الأجنبية التي تعرضت لهجمات هي القنوات ذاتها التي تنقل المساعدات والاستثمارات التي تحتاجها تلك البلدان بشدة بسبب خضوع اقتصاداتها على مدى عقود لأنظمة استبدادية لكنها انتفضت وشهدت ثورات. وأكدت أن سلامة الدبلوماسيين أصبحت في الغالب شرطا أساسيا ينشده المستثمرون الباحثون عن فرص في الأسواق الجديدة، ولذلك فإن أعمال الشغب التي شهدتها هذه البلدان ستتركها معزولة عن الأسواق العالمية في الوقت الذي يسعى قادتها إلى الحصول على موارد مالية، واعتبرت أنه من المثير أن أعمال الشغب التي تعرضت لها السفارة الأمريكية في القاهرة حصلت عندما كان وفد تجاري أمريكي يعقد مؤتمرا صحفيا ختاميا في مصر، وكان هدفه إقناع مديري الشركات الأمريكية بأن مصر جاهزة للاستثمارات. وبالمثل، فإن السفير الأمريكي كريستوفر سيفنز الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى بنغازي كان ينوي زيارة المستشفى ذاته بعد أقل من 12 ساعة بهدف تشجيع شراكة بينه وبين المستشفيات الأمريكية. واشارت إلى أن الثورات التي شهدتها بلدان الربيع العربي كانت تسعى إلى تمكين الشعوب من السلطة لكن هذا السيناريو بات في خطر بسبب احتمال انزلاق تلك البلدان إلى حكم الدهماء في غياب قيادة قوية. وأضافت الصحيفة أن الرئيس المصري، محمد مرسي، أثبت أنه قائد مقتدر لكن طريقة تعامله مع الهجوم على السفارة الأمريكية اتسمت بالفتور إذ إنه أدان الفيلم التحريضي قبل أن ينتقد العنف الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في القاهرة علما بأن شرطة بلاده كان من واجبها أن تحول دون وقوع العنف. وقالت التايمز إن من المفارقات أنه أدان الفيلم خلال زيارة إلى بروكسل كان يهدف من ورائها إلى الحصول على قرض بقيمة مليار دولار أمريكي. أما صحيفة جارديان البريطانية فقالت إن دوامة العنف المناهض للغرب في العالم العربي لا علاقة لها بالحملة الدعائية التي حاول فيلم «براءة المسلمين»، الذي نشر في موقع يوتيوب، بثها ضد الإسلام. وأوضحت أن هذه الدوامة لها علاقة بعقود من الإمبريالية الغربية والمهارات التنظيمية للسلفيين المعروفين بعدم تقديم تنازلات والتوافق مع المخالفين في الرأي والتفسير الحرفي للدين. واضافت أن الأنظمة الاستبدادية عندما شعرت بالتهديد بسبب الانتفاضات الشعبية، تطلب الأمر أسابيع وشهورا حتى يرد السلفيون. واشارت إلى أنه في ليبيا طلبوا من المتظاهرين في البداية تأييد نظام معمر القذافي بوصفه حاكم البلاد لكنهم سرعان ما استغلوا مشاعر الإحباط عند الناس لمصلحتهم. وأضافت الصحيفة أن المشاعر المناهضة متفشية في العالم العربي إذ إن الألمان والبريطانيين والدنماركيين يعتبرون مذنبين بارتكاب جرائم استعمارية في الماضي والحاضر. أما الولاياتالمتحدة فينظر إليها بوصفها أكثر عنجهية وصلفا إذ لها أكثر من 50 عاما في التعصب ودعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين وفرض عقوبات على إيران واحتلال العراق. واختتمت الصحيفة بالقول إن شهر العسل الذي حظي به الرئيس الأمريكي باراك أوباما تلاشى جراء هجمات طائرات من دون طيار على باكستان واليمن وعجزه حيال إسرائيل. وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير نقلا عن الأسوشيتد برس إن أعمال العنف في الدول التي تمثل معقلا للربيع العربي تصل إلى ما هو أبعد من صرخات الغضب ضد أمريكا في واحدة من المواجهات الأكثر خطورة في المنطقة، مشيرة إلى أن الإسلاميين الأكثر تشددا يسعون إلى تحدي القيادة الجديدة التي تكافح من أجل الاستقرار في أماكن مثل مصر وليبيا. وأضافت: الفصائل الإسلامية الأكثر تشددا تمثل تحديا للقادة الإسلاميين الجدد في دول الربيع العربي كما كانت تحديا للدولة في عهد حسني مبارك، الذي رأى في السلفيين وغيرهم تحديات مباشرة للدولة. وعلقت بقولها «الآن يتعين على مرسي وغيره من القادة الجدد للربيع العربي إيجاد طريقة للتعامل مع هذه الضغوط». ونقلت عن مصطفى العاني، المحلل في مركز الخليج للأبحاث في جنيف، قوله «لا ينبغي النظر إلى الهجمات على المواقع الدبلوماسية الأمريكية بمعزل، ولكنها جزء من قائمة واسعة النطاق من التحديات للدولة. السؤال سؤال قدرة.. كي تؤسس شرعيتها كحكومات قوية؟». ونقلت عن سامي الفرج مدير مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية، قوله «الآن يأتي الصراع على السلطة والسياسة بين المعتدلين والمتطرفين».