طالعتنا صحيفة التايمز اللندنية بخبر مفاده أن المملكة العربية السعودية سوف تقوم بتوفير ما يساوي قيمة المساعدات المالية التي تقدمها الولاياتالمتحدةالأمريكية للقوات المسلحة المصرية، إذا ما لجأت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي سلاح وقف المساعدات الأمريكية العسكرية، إذا ما استخدم العنف ضد الشعب المصري في مواجهته الأخيرة مع الرئيس حسني مبارك. كانت أواصر الصداقة قد تواطدت بين العاهل السعودي والرئيس السابق إثر زيارة العاهل السعودي إلي شرم الشيخ في بداية توليه الحكم في المملكة السعودية، وذلك في محاولة من حسني مبارك لتذويب الثلوج التي كانت تعلو العلاقة بين ولي العهد والمصريين، لما كان معروف عنه من عدم حبه للمصريين، وكان ذلك بداية لصداقة ود بين الرجلين استمرت حتي الآن وهذا أمر يخص كلا الرجلين. أما وأن تقوم المملكة العربية السعودية بدعم الجيش المصري في حالة تجميد المساعدات الأمريكية لمصر لدعم النظام الديكتاتوري في مواجهة الشعب، فهذا أمر قد يثير الدهشة لدي البعض، ولكن سرعان ما تزول هذه الدهشة التي لا محل لها، إذا عرف أنه إبان معركة تحرير الكويت عقد مؤتمر دمشق لبحث الترتيبات الأمنية في الشرق الأوسط بمشاركة خليجية وسعودية، وبالطبع مصر وسوريا وآخرين. واستعرضت الولاياتالمتحدةالأمريكية خطة أمنية للدفاع عن الشرق الأوسط، وبالطبع مصالحها في الدول البترولية. هذه الخطة في جوهرها تفعيلاً لاتفاقيات الدافع العربي المشترك بصورة متطورة، هذه الخطة التي كان من شأنها رفع الضغوط المالية عن كاهل الشعب المصري الذي مازالت تتحمل ميزانيته عبء الإبقاء علي جيش وطني قوي للدفاع والذود عن الأمة العربية. كان من شأن هذا الحلف المقدس »إن جاز تسميته بالحلف« أن يكون له انعكاس مباشر علي مستوي معيشة الشعب المصري الذي سوف يستفيد من إعادة توزيع حصة كبيرة كانت مخصصة للدفاع عن التعليم والصحة والمرافق العامة. كانت المفاجأة أن يكون الاعتراض علي هذه الترتيبات والخطط هو من جانب الدول الخليجية بزعامة المملكة العربية السعودية، كما لو كان وجود القوات المسلحة المصرية علي رأس قوات تحرير الكويت هو بمثابة التعامل مع جيش من المرتزقة وليس واجباً وطنياً لا يتردد أبناء مصر في القيام به. ولا تزول الدهشة بسهولة عندما نعلم أن النظام المصري المتهاوي وافق علي آراء الإخوة الخليجيين ما يلقي بظلال الشك علي تصرفات النظام المصري الذي أصبح مرتبطاً بأكثر من مجرد صداقة مع إخواننا في الخليج، وأن استمرار حسني مبارك كان يضمن تواجد القوات المسلحة المصرية عند الاحتياج لها للدفاع عن الخليج في مواجهة أي إخطار محدثة أو كستار عربي لقوات أجنبية تتواجد في الخليج ويسبب وجودها حرجاً بين حكومات المنطقة وبين شعوبها. إن قيام توازن عسكري إقليمي دائم وإحياء اتفاقيات الدفاع العربي المشترك من خلال جامعة الدول العربية يضع العلاقات العربية - العربية في مرتبة محترمة وتخلق كياناً عسكرياً دائماً سوف يكون له انعكاس جيد علي الاقتصاد المصري بصورة مباشرة. إن ادمان النظام المصري السابق للهبات والمعونات العربية أصبح مهيناً للشعب المصري الذي تأبي كرامته أن تستمر العلاقة بين مصر وإخواننا في الخليج علي هذه الشاكلة. إن غياب دور الجامعة العربية ممثلة في شخص عمرو موسي أمين الجامعة العربية - الذي فشل فشلاً ذريعاً في القيام بأي إضافة إلي الواقع العربي الأليم طوال مدة تبؤه لهذا المنصب الرفيع ومن قبله كوزير للخارجية المصرية - يضع علي كاهل السيد أمين الجامعة العربية مسئولية إحياء اتفاقيات الدفاع العربي المشترك علي أن يكون مفهوماً للجميع أن ما سوف يتم في هذا الصددد ما هو إلا مصلحة مشتركة بين جميع شعوب المنطقة وليس لمجرد صداقات بين أفراد زائلين. إن الدبلوماسية الحقة هي الإنجاز السياسي علي أرض الواقع، والذي ينعكس إيجاباً علي حياة الشعوب وليس مجرد تبادل عبارات الترحيب الزائفة في الحفلات الدبلوماسية وليس المحك هو اختيار لون رابطة العنق التي تتماشي مع المنديل »فهذا ليس دليل علي البراعة الدبلوماسية أو الحنكة السياسية«. هذه دعوة للسيد عمرو موسي الذي جاء ذكره كأحد المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الجمهورية في مصر أن يقوم بعمل سوف يذكره له التاريخ إن استطاع أن يحيي اتفاقيات الدفاع العربي المشترك بصورة حديثة تماثل منظومة حلف شمال الأطلنطي وليكن للعرب حلف جنوب المتوسط أو »حلف شمال أفريقيا« علي أن تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بالضغط علي دولة إسرائيل لكي تنضم إلي حلف شمال الأطلنطي وبذلك تخضع قدراتها النووية العدوانية للاستراتيجية النووية لحلف شمال الأطلسي وذلك ضماناً لأمن المنطقة. كما اقترح أن يقوم السيد عمرو موسي وهو المعني بالشأن العربي ككل وبالشأن المصري - لما قد يكون في المستقبل - بالتعاون مع السيد أحمد الجويلي المسئول عن إنجاز المعجزة »إن جاز التعبير« في إقامة سوق عربية مشتركة. قد يكون فيما جاء ذكره أملاً لرفع المعاناة عن كاهل الشعب المصري، واستغلال المناخ الديمقراطي السائد في المنطقة وتقارب الشعوب سوف يرغم أنظمة الحكم علي اختلافها أن تعمل لمصلحة شعوبها. إن رياح الديمقراطية التي هبت أثبتت أن الشعوب ليست بمنأي عن بعضها البعض، وأن من سوف يقف في وجه رياح الحرية العاتية سوف يكون مصيره في مزبلة التاريخ.