تحولت أغانى العوالم من حالة الخفة والظرف والسلطنة إلى حالة الاكتئاب والشكوى من الزمان والصحاب والجميع، أو كما تقول أغانيهم «مفيش صاحب يتصاحب». يوم ما كانت أغانى العوالم تعبر عن حالة المزاج الخاصة، قبل أن تصبح اليوم كأنها عوارض شكوى أمام ساحات المحاكم ومنصات الحكم، وتبدل حال هز الرأس إلى لطمها، كانت أغانى العوالم قبل سنوات وعقود تجتذب كبار الملحنين، لحن سيد درويش «فلفل فلفل أهرى يا مهرى»، و«أنا مالى هى اللى قالتلى»، و«رواح اسكر وتعالى» وأيضا دويتو «على قد الليل ما يطول» التى بها مقطع «فاكرو أنا حطه إديه فى بطاطك قبل الترعة». ولحن زكريا أحمد «أرخى الستارة اللى فى ريحنا»، ولحن من بعده «عبدالوهاب» أغنية «فيك عشرة كوتشية فى البلكونة» التى كانت لزوم أغانى «المزه»، ثم قدم أغنية «اعمل معروف يابو عود ملفوف» «ياللى خدودك بنور مشطوف» حتى مقطع «الرقص ده رواية وبتمثلها قدود وخصور أنا أحب الرقص البلدى». وقدم مقطوعات موسيقية منها «زينة» و«عزيزة» و«قمر 14» لنجوى فؤاد. وكانت تنتشر فى صالات الرقص أغانٍ من نوع «لابس جبة وقفطان» و«عملى بتاع نسوان».. «لو عدت واحدة على سهوة.. يطول حبه وقصر حبه». ثم تواصل عالم غناء العوالم مع أغانٍ مثل «كعب الغزال».. لمحمد رشدى و«رمش عينه» و«الحلوة داير شباكها».. لمحرم فؤاد و«يا بنت السلطان» لأحمد عدوية، و«غزال الدرب الأحمر»، لكتكوت الأمير. وكانت حاضرة ما بين أغانى العوالم أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب الإيقاعية، حيث كانت تغنى بشكل شعبى فكانوا يرددون قصائد وأغانى مثل «أيظن» لنجاة «ألف ليلة وليلة»، و«أنت عمرى» و«للصبر حدود» و«ليلة حب»، و«فكرونى» ثم تواصلت وصلات العوالم مع أغانٍ مثل «أتعودت عليك» لشادية من ألحان الموسيقار خالد الأمير «ووحشتنى» أيضا له وغناء سعاد محمد. وكانت تنتشر فترة العشرينيات أغانٍ لغير مصريين مثلما انتشر للمطربة فاطمة سرى «بدل ما تسهر على القهوة»، «تعالى نشوى أبوفروة». وفاطمة سرى رغم كونها مطربة عوالم، إلا أنها أول مصرية غنت أوبرا كاملة فى «شمشون ودليلة». وغنت فريدة مخيش «إيه ده يا أفندى» «أختشى عايز تبوسنى فى الشارع»، وغنت نعمية المصرية «تعالى يا شاطر نروح القناطر». وهناك تسجيل لشركة أوديون عام 1912 يظهر فيه صوت المطربة بهية المحلاوى ومعها الراقصة شفيقة ويظهر صوت به إيحاءات وصرخات دلع تبدأ شفيقة بطلب سيجارة حشيش وشمبانيا وتغنى بهية «أول حكاية يا جمعية كانوا تلاته أفندية» وتواصل التغزل فى جسد «عمك عبده» وكذلك ظهرت فترة الثلاثينيات أغانٍ مثل «حلف إنه يمتعنى».. لعبداللطيف البنا و«عاشق وليه بتلمونى وبين النهود» «أحملونى» لصالح عبدالحى وغنى محمد عبدالمطلب «أوعى تزغزغنى جسمى رقيق ما يستحملش». وغنت المطربة توحد «إيه جرى فى المندرة»: وأم كلثوم ذاتها حاولت أن تجارى هذا الجو وغنت «الخلاعة مذهبى». لكن أغانى العوالم اليوم من نوع «الماديات يام ضيعت حشنبات» و«فى الصعيد علمونا إن الرجولة مش كلام» وقائمة كئيبة من أغانٍ لا تليق بجو السلطنة، كان رواد هذه الأماكن وهذه الجلسات ما جاءوا كى ينسوا الهم ويتمتعوا بمقبلات الشهوات لكنهم جاءوها كى يتباكوا ويصرخوا بطريقة خالية من الجمال والذوق.