يواصل مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى فعاليات دورته ال76، المنعقد حتى السابع من سبتمبر المقبل. تأتى هذه الدورة بشهادة النقاد، مختلفة كليا عن دوراتها السابقة من حيثَ المضمون، وإن كانت الريد كاربت واحدة. فكعادته التى يألفها أى إعلامى دأب على تغطية المهرجان الإيطالى الأضخم منذ مطلع الثمانينات، دائما ما يصنع المهرجان حالة من الانبهار بأفلامه التى يختاره بعناية فائقة، والتى تعد السبب الرئيسى لاستمرارية نجاح المهرجان الذى يزداد شبابًا كلما تقدم به العمر بأفكاره المتجددة التى يضخها فى كل دورة. حيثُ ينافس على جائزة الأسد الذهبى، هذا العام، 21 فيلمًا، وسط حضور لافت لهوليوود، ولا سيما شبكة «نيتفليكس» التى أثارت الكثير من الجدل قبيل إنطلاق المهرجان. ومن أبرز الأعمال المشاركة فى المسابقة الرسمية، فيلم «Marriage Story» للمخرج نوح بومباك، وينافس المخرج جيمس جراى بفيلم «Ad Astra» للنجم براد بيت. عودة الجوكر.. بعد مرور 11 عاما على آخر ظهور سينمائى له من خلال فيلم الأكشن والإثارة Dark Knight، تعود شخصية «الجوكر» التى حفرت فى أذهان الأطفال والكبار مجددا لدور العرض السينمائية، من خلال مهرجان فينيسيا السينمائى. وفيلم جوكر Joker للمخرج تود فيليبس مصنف كعمل للكبار فقط، حيث يحتوى على الكثير من مشاهد العنف، وبلغت تكلفة الفيلم 55 مليون دولار أمريكى، وحصد التريلر الترويجى للفيلم مشاهدات وصلت إلى 22 مليون مشاهدة منذ طرحه يوم 28 أغسطس على موقع الفيديوهات يوتيوب، كما تصدر قائمة تريندات جوجل ومنصات السوشيال ميديا. وقد حاز الفيلم على إشادة كبيرة وبالغة، أثناء عرضه الأول فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى. ويتوقع العديد من النقاد أن نجاح مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، مؤشر على منافسته المبكرة فى موسم الجوائز السينمائية، الذى من المقرر أن يكون بطله واكين فينيكس، من أبرز المنافسين على جائزة أوسكار العام المقبل، حسبما أكدت صحيفة «فارايتي» الأمريكية. ميريل ستريب كوميديا سوداء حين تلامس الكوميديا السياسة، ترتدى وجه مهرج مضحك، وتعطيك سكينًا حادًا، لنجد أنفسنا نضحك من شدة الألم والوجع، ففى الفترة الماضية استحوذت الإثارة والتشويق على اختيارات الفنانة الأمريكية العالمية ميريل ستريب، فبعد تألقها فى فيلم The post العام الماضى، وهو من إخراج ستيفن سبيلبرج، من خلال دور الصحفية كاثرين جراهام التى تكشف تورط إدارات أمريكية متعاقبة فى تعمد إخفاء الحقائق بشأن حرب فيتنام، لإقناع الرأى العام بضرورة الاستمرار فى الحرب رغم إدراكها أنها حرب خاسرة. تعود مرة أخرى للإثارة والتشويق، لكشف فضائح وثائق بنما السرية من خلال فيلم «The Laundromat» يحمل توقيع المخرج الأمريكى ستيفن سودربيرج، وهو واحد من بين الأفلام ال21 التى سيتم عرضها خلال المهرجان. ستيفن سودربيرغ لا تكمن رحلة نجاحه فى كونه واحدًا من أشهر وأنجح المخرجين فى هوليود بباكوره أعماله السينمائية، ولكن هو أكثرهم ذكاءً وموهبةً، فقد أولى اهتماما فى بدايته الفنية ب«سينما المؤلف» والتى تميل للذاتية، فأفلامه لا تحتاج لنجم مشهور كى تنجح، توقيعه على الفيلم كان كافيا للجمهور الذى يثق فى قدراته الهائلة، وبمرور الوقت استطاع أن يحول هذا النوع من الأفلام لسينما شخصية يقدم فيها هواجسه وهذا ما فعله مع فيلم «The Laundromat» الذى عبر فيها عن غضبه من وثائق بنما بشكل ساخر. يلقى الفيلم وهو من إنتاج شبكة نيتفليكس، نظرة هزلية سوداء على التحقيق فى قضية مستندات بنما، وهى مجموعة من الوثائق التى تم تسريبها إلى الصحفيين فى عام 2016 والتى كشفت عن مخططات عالمية أنشأتها شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية فى بنما التى تملك منظومة مصرفية تجعلها ملاذًا ضريبيًا مغريًا، وكشف تسرب تلك الوثائق وعبر عمل صحفى استقصائى أن الشركة تقدم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، بالإضافة إلى أشخاص بارزين فى الأعمال والشئون المالية والرياضية. يُزعم أن مكتب موساك فونسيكا ساعد رؤساء دول وشخصيات بارزة أخرى فى التهرب الضريبى بإنشاء ملاجئ ضريبية غير قانونية فى الأغلب. هو تحقيق واسع فى تعاملات مالية خارجية لعدد من الأثرياء والمشاهير والشخصيات النافذة حول العالم. تلعب ستريب دور امرأة من الطبقة المتوسطة تم خداعها بالمال الذى تدين به وتبدأ فى طرح أسئلة غير مريحة. تلعب ستريب دور امرأة من الطبقة المتوسطة تم خداعها بالمال الذى تدين به وتبدأ فى طرح أسئلة غير مريحة. على الرغم من الكوميديا السوداء التى تخيم على أجواء الفيلم، لكن الموضوع خطير للغاية، كما قال كل من سودربيرج وستريب أثناء عرض الفيلم. وأضافت ستريب أن الجرائم التى تم الكشف عنها فى أوراق بنما لم تكن ضحية، مستشهدة بمثال دافنى كاروانا جاليزيا، الصحفية المالطية التى كانت تستخدم أوراق بنما للتحقيق فى الفساد، مما أدى لمقتلها أمام منزلها بعد انفجار سيارة مفخخة فى عام 2017. ومن جانبه، استشهد سودربرج بالفيلم الكوميدى Dr. Strangelove للمخرج ستانلى كوبريك، الذى عبر عن أبطال فترة صراع القوى العظمى فى أوج الحرب الباردة بعدما وضعت الحرب العالمية أوزارها، والتى كان فيها العالم على شفا النهاية بشكل ساخر. مؤكدا أنه استمد مصدر إلهامه من الفيلم. وأضاف لصحيفة «فارايتي»: لقد قررنا أن الكوميديا المظلمة ستحظى بأفضل فرصة ممكنة للبقاء فى أذهان المشاهدين ومنحتنا أيضًا فرصة لاستخدام تعقيد هذا النوع من الأنشطة المالية كمزحة. إلى جانب ميريل ستريب، يقوم ببطولة الفيلم كل من غارى أولدمان وأنطونيو بانديراس بوصفهما مؤسسى شركة المحاماة فى مركز القصة. وقال أولدمان إن اسم الفيلم «لوندرومات» كانت جيدة كونها عنوان Netflix، لأن البصمة العالمية لعملاق البث من شأنها أن تساعد الفيلم والرسالة الأساسية للوصول إلى جمهور عالمى. وقال أولدمان، الذى فاز بجائزة أوسكار أفضل ممثل فى العام الماضى عن فيلم «Darkest Hour»: «إذا كنت تتحدث على شىء خطير، فأنت تريد إيصاله إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وأعتقد أن نتفليكس أتاحت لنا ذلك». وقالت ستريب، التى شاركت مؤخرا فى مسلسل «Big Little Lies» الذى يعرض على فضائية HBO، إن حجم الشاشة لم يعد مهمًا والأهم لديها هو العمل الذى تختاره. «The Laundromat» مقتبس عن كتاب جيك بيرنشتاين بعنوان «عالم السرية». وبعد العرض الأول له فى فينيسيا، يتجه إلى تورنتو وسيتم إصداره مسرحيًا قبل طرحه على منصة Netflix. السينما العربية تحجز مكانة لها فى المهرجان.. واستمرارا لمرحلة الانفتاح الفنى على هووليود والسينما الأمريكية، حجزت السينما العربية مكانة لها فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، المخرجة السعودية هيفاء المنصور، للمرة الأولى على جائزة الأسد الذهبى بفيلم «The Perfect Candidate»، وهى من بين مخرجتين فقط تتنافسان على هذه الجائزة بين 21 مخرجا ومخرجة من جميع أنحاء العالم. ويطرح الفيلم قضية التغيرات التى طرأت على مجتمع المملكة العربية السعودية، بتخفيف وصاية الرجل على المرأة، من خلال تناوله لقصة طبيبة سعودية شابة تسعى لتغيير نمط التفكير المحافظ فى مجتمعها، مستعرضا العقبات التى تواجهها فى هذه المسيرة. وانضمت الفنانة هند صبرى إلى أسرة السينما العالمية فى لجنة تحكيم جائزة لويجى دى لورينتيس لأول فيلم فى الدورة ال76 من مهرجان فينيسيا السينمائى. كما تشارك قنوات شبكة راديو وتليفزيون العرب ART ب3 أفلام فى فعاليات المهرجان، إذ تنافس فى مسابقة «أسبوع النقاد» بالفيلم اللبنانى «جدار الصوت» للمخرج أحمد غصين، يتناول الفيلم قصة الحرب المُحتدمة بين حزب الله وإسرائيل. وفى قسم «أيام فينيسيا» تشارك الشبكة بالفيلم السودانى «ستموت فى العشرين» للمخرج أمجد أبوالعلا، وتدور أحدث الفيلم فى قرية سودانية، حيث تلد امرأة ابنها «مزمل» بعد أعوام من الانتظار، ولكن النبوءة الصوفية تفيد بأن الطفل سوف يموت عندما يبلغ العشرين من العمر. وفى مسابقة «آفاق» تنافس بالفيلم التونسى «بيك نعيش» للمخرج مهدى البرصاوى، وتدور الأحداث فى عام 2011 بتونس، حيث يعيش فارس رفقة زوجته مريم وابنه عزيز فى سعادة وانسجام. تنقلب حياتهم فجأة إلى كابوس على إثر وقوعهم فى كمين فى جنوب البلاد. فتجد الأسرة نفسها فجأة فى جحيم حقيقى ليعصف باستقرارها وتنكشف بعض الحقائق التى ظلت مدفونة زمنًا طويلًا.