ثمة قواعد تاريخية تتحكم في العلاقات الاسرائيلية الاثيوبية، لأن اثيوبيا واحدة من ساحات الصراع في شبه القارة الافريقية. لذا كثفت اسرائيل نشاطها هناك من اجل ضمان بقاءها و وجودها و ضمان امنها، ومن الاهداف الاستراتيجية التي سعت اسرائيل في تحقيقها في علاقاتها مع اثيوبيا الأمن القومي بمعني تأمين وجود اسرائيل و امكانية تمددها تحت ضغط الهجرة المتزايده. بدأت العلاقات الإثيوبيا الإسرائيلية عام 1992 عندما قدمت اسرائيل مساعدات عسكرية لاثيوبيا ودعمت الحكومة الاثيوبية أثناء حرب الاستقلال الارترية. وفي 2012، عينت إسرائيل السفيرة الإسرائيلية الإثيوپية المولد، بلاينش زبدية، سفيرة لها في إثيوبيا. علاقات تاريخية : عملت إسرائيل على تقوية علاقاتها بجميع الدول الإفريقية خاصة إثيوبيا، فإرتفعت صادرات إسرائيل التكنولوجية إلى إثيوپيا بنسبة 500% بالإضافة إلى قيام عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين بزيارات دورية لإثيوپيا الأمر الذي يؤكد الجدية الإسرائيلية في تطوير علاقاتها التجارية بإثيوپيا. و تعمل اثيوبيا علي تشكيل مجالاً حيوياً لاسرائيل و إمكانياتها الإنتاجية والفنية في الوقت الذي تسعى فيه اسرائيل الى الحصول على مكاسب اقتصادية عبر التبادل التجاري مع اثيوبيا و إيجاد سوق كبيرة لصادرات الصناعة الاسرائيلية، و ضمان مورد مهم للخامات المعدنية ؛و تاتي تجارة السلاح و صفقات الاسلحة و تغذية واقع الصراعات و الحروب الاهلية في تلك المنطقة لتعطي العلاقة بعدا استراتيجيا مهماً. علاقات السياسية : كما قامت إسرائيل بتهجير يهود الفلاشا الاسم الذي يطلق على يهود إثيوپيا حيث يعتبرون أنفسهم من بيت إسرائيل. وفي عام 1975 قامت إسرائيل بإعلان أن الفلاشا لهم حق المواطنة فيها، فتمكن حوالي 6 آلاف من الفلاشا الوصول إلى إسرائيل بطريقتهم الخاصة، لكن بقية الفلاشا لم يتمكنوا من ذلك، ولهذا نفذت 3 عمليات على التوالي لترحيل جماعي لهؤلاء إلى إسرائيل وهم العميلة موسى والعميلة يوشع والعميلة سايمان . تهجير يهود الفلاشا العميلة موسى وهي عميلة سرية بدأت يوم 18 نوفمير 1984 واستمرت 6 أسابيع تم فيها وضع اللاجئين الموجودين في المخيمات السودانية في طائرات حمل ونقلهم إلى إسرائيل، وبعد أن تم نقل حوالي 8 آلاف شخص، وصل خبر هذه العملية إلى الإعلام مما أدى إلى إيقافها . ثم جاءت "عملية موسى" التي نقل من خلالها الفلاشا إلى "اسرائيل" عبر السودان و التي كشفت عنها الوكالة اليهودية العالمية مما اغضب منجستو غضبا شديدا واصفا "الاسرائيليين" بأنهم لا يحتفظون بسر . من جانبها تحمست الحكومة الاسرائيلية بارسال مدير عام خارجيتها ميرهاف إلى إثيوبيا في يناير 1991 ، وعند وصوله اكتشف تدهور الأوضاع و ضعف "منجستو" فعاد ليقنع الحكومة "الاسرائيلية" بالتنصل من إبرام صفقة الأسلحة، محتجاً بأن ذلك يهدد حياة الفلاشا و يغضب الأمريكان الذين يكرهون نظام منجستو الاشتراكي و الذي كان وقتها يخوض معركة خاسرة ضد قوات الجبهة الديمقراطية الثورية الإثيوبية الذين باتوا على مشارف العاصمة أديس أبابا. و تحركت اسرائيل و اقنعت أمريكا بضرورة ترحيل الفلاشا دفعة واحدة و قد اعد سلاح الطيران الاسرائيلي خطة سماها المطر. و برغم الخلافات فقد استمر البلدان في التعاون و تطوير علاقاتهما بمجهودات "كاسا كبدي" الذي وقع عن إثيوبيا إعلان إعادة العلاقات في حفل غداء بمكتب رئيس الموساد ناهام اوموني 1989 و وقتها كان منجستو يحتاج إلى مساعدات "اسرائيل" العسكرية للقضاء على الثورة الاريترية . تطوير العلاقات بين البلدين تميزت العلاقات الاسرائيلية الاثيوبية بتشعب أطرها و تعدد موضوعاتها الشيء الذي يعكس تنوع المصالح المتبادلة بين الطرفين و الذي جاء بفعل ارث تاريخي يرجع الى خمسينيات القرن الماضي، في الوقت الذي تظل فيه مسألة يهود الفلاشا و المياه و الصراع العربي الاسرائيلي هي التي تتبادر إلى الأذهان عندما تثار العلاقة التي تربط اسرائيل باثيوبيا. و على الرغم من ان العلاقة الاسرائيلية الإثيوبية هي علاقة عادية طبيعية في بعض جوانبها، الا أنها تعتبر بالنسبة لأسرائيل حيوية و استراتيجية، و بحسب مراقبين فإن العلاقة الثنائية الاسرائيلية الاثيوبية لازال يدور حولها جدل كبير منذ أكثر من نصف قرن بين صعود و هبوط شهدت أجواءاً من الهدوء . ووظفت اسرائيل عدة وسائل سياسية ،اقتصادية ،زراعية ،ثقافية و عسكرية؛ لتمتين علاقاتها مع اثيوبيا، إذ تقوم اسرائيل بارسال مبعوثين و خبراء في جميع المجالات و على رأسها "المجال الامني و العسكري " من أجل الاعداد و التدريب و تنفيذ صفقات أسلحة. الدعم الاسرائيلي لاثيوبيا: سعت اسرائيل للاستثمار في اثيوبيا وارسلت في الستينات من القرن المنصرم خبرائها في الامن و التعليم و الاتصالات و الزراعة و الصحة و التخطيط الاقتصادي ،و اصبحت السفارة الاسرائيلية في اثيوبيا الاكبر في العالم بعد السفارة الاسرائيلية في امريكا . و بعد عدة اشهر من قطع علاقات اثيوبيا باسرائيل بسبب حرب اكتوبر اطلت الثورة الاثيوبية برأسها في وقت تغلغلت فيه القدرات الاسرائيلية في اثيوبيا. و شهدت الصادرات الاثيوبية إلى اسرائيل نمواً بمعدل تجاوز 200 %سنويا على مدار معظم سنوات التسعينيات . خوف مشترك من الجماعات الاسلامية في السودان لاشك ان العلاقات الثنائية بين اسرائيل و اديس ابابا يغلب عليها الطابع الامني نظراً لمخاوفهما المشتركة من تنامي الجماعات الاسلامية المسلحة في السودان المجاورة و بين الفصائل المتناحرة في الصومال . و ثمة طرق أخرى تدلل كيفية التغلغل الاسرائيلي في دول القرن الافريقي عموما و اثيوبيا خصوصا عن طريق المساعدات الاستخباراتية نظرا لامتلاك اسرائيل مصداقية عالية عند تلك الدول، و كذلك عن طريق المساعدات الفنية و التي تاتي عن طريق البرامج التدريبية و تقديم الخبراء الاسرائيليين و انشاء شركات لنقل الخبرات و المهارات الفنية . واخيرا زيارة ابي لاسرائيل : و أخيرا فإنه و على الرغم من الأسباب و غيرها التي دفعت و تدفع اسرائيل بالتمسك بعلاقاتها مع اثيوبيا الا أن ما حملته زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي لاسرائيل، و ما تضمنته هذه الزيارة من اهداف تعد اكثر من مهمة و استراتيجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. اقرأ ايضًا : تفاصيل لقاء نتنياهو ورئيس وزراء أثيوبيا في القدس نتنياهو يستقبل رئيس وزراء إثيوبيا في مطار بن جوريون