وفد نتنياهو للدول الافريقية الاربعة ضم 80 رجل أعمال يمثلون 50 شركة إسرائيلية، للمزيد من التغلغل في القارة السمراء. الزيارة التي قام بها نتنياهو لأربع دول أفريقية بحسب خبراء متخصصون تشكل تحولاً كبيرًا في العلاقات “الإسرئيلية – الأفريقية”، ومن المرجح أن “دولاً أفريقية ستعمل على ضم إسرائيل للاتحاد الأفريقي، كعضو مراقب”، طبقًا لتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رداً على انتقادات كثيرة أثارتها هذه الزيارة وسط المجتمع الإسرائيلي، نظراً لتكلفة الرحلة الباهظة التي وصلت بحسب وسائل إعلام عبرية إلى 28 مليون شيكل، أي أكثر من 7 مليون دولار. ما اعتبرته وسائل الإعلام مثيراً للسخرية كونه من أكثر المبالغ التي صرفت على رحلة لرئيس وزراء إسرائيلي في تاريخ الكيان الصهيونى . جاءت زيارة نتنياهو إلى أفريقيا بعد مرور عقود كثيرة على آخر زيارة عقدها مسؤول إسرائيلي، وكان في حينه اسحاق رابين في بداية التسعينات، ما طرح السؤال لماذا هذه الزيارة الآن ؟ ما بعد التجاهل تأتى هذه الزيارة بعد سنوات من التجاهل الاسرائيلى ، مما يشير إلى أن أفريقيا أصبحت هدفاً اقتصادياً واستراتيجياً مهماً للاحتلال الإسرائيلي، وعليه هدفت زيارة نتنياهو لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين دولة الاحتلال وكلّ من رواندا وكينياوأثيوبياوأوغندا. بعد مرور 40 عاماً على عملية عنتيبي التي خطفت فيها جماعات من المقاومة الفلسطينية طائرة "إير فرانس" ورهن من فيها من إسرائيليين لساعات، حتى أرسل الاحتلال الإسرائيلي قوات الكوماندوز الخاصة لتحرير الرهائن، وانتهت العملية أن حرّر جزء منهم وقتل آخر، ومن بين قتلى الكوماندوز كان يونتان نتنياهو شقيق رئيس حكومة الاحتلال الحالي. وفي حين وضعت حكومة االكيان الصهيونى خطة دعم بقيمة 50 مليون شيقل لتقدمها لحكومات أفريقية، إلا أن الزيارة تسببت بعاصفة من الانتقادات وسط الساسة الإسرائيليين. حيث قال رئيس أحزاب المعارضة يتسحاق هرتسوغ أن زيارة نتنياهو لأفريقيا في هذا التوقيت تعني أنه "هرب" وترك دولة كاملة دون حلول للوضع الأمني ولا للقضايا الهامة العالقة. وأضاف "نتنياهو يهرب من الحل العسكري والحل السياسي إلى أفريقيا". حدود السخافة ومن ناحيتها قالت زهافا غالئون، رئيسة حزب ميريتس، أن زيارته "تعدت كل حدود السخافة" وأن مهرجان استعراضي ليس له أي علاقة بتعزيز العلاقات مع افريقيا. وأكدت أن كان يمكن له أن يقلل من تكاليف سفره واستخدام الموارد لتعزيز الاقتصاد في أفريقيا بشكل فعلي. يأتى هذا الانتقاد رغم أن لقاءات نتنياهو مع قادة الدول الافريقية أفضت إلى توقيع اتفاقية مشتركة "لمكافحة الإرهاب"، مما يثير التساؤلات مرة أخرى حول الدور الإسرائيلي في تغذية الصراعات في أفريقيا. حيث يساهم الاحتلال الإسرائيلي بشكل أساسي في بيع الأسلحة والمعدات العسكرية لحكومات وجماعات مسلحة في دول أفريقية عدة، والتي تعرف بخوضها نزاعاً مسلحاً يتخلله انتهاكات فظيعة وموثقة لحقوق الإنسان. قطع طريق و يرى خبراء بالشأن الافريقى أن اتفاقيات التعاون الأمني بين دولة الاحتلال ودول أفريقية تهدف بشكل أساسي لقطع طرق تزويد حركات المقاومة الفلسطينية بالسلاح، التي يعرف بأن أفريقيا والسودان تحديداً هي أحد محطاتها الهامة. هذا إلى جانب سعي الاحتلال الإسرائيلي لتنويع مصادر دخله وخطوط تجارته، في الوقت الذي تعاني علاقاته مع دول الاتحاد الأوروبي ومع الولاياتالمتحدة من تراجع ملحوظ في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يجعل من التوجه جنوباً وشرقاً ضرورة. وقد اكتسبت الجولة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أربع دول إفريقية، أهمية بالغة كونها الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي كبير للمنطقة منذ فترة طويلة، إضافة إلى أن وفد نتنياهو للدول الافريقية الاربعة ضم 80 رجل أعمال يمثلون 50 شركة إسرائيلية للمزيد من التغلغل في القارة السمراء. ليست طارئة العلاقات الإسرائيلية الإفريقية قديمة وليست طارئة كما يعتقد البعض، وللكيان الإسرائيلي تمثيل دبلوماسي رفيع في منطقة القرن الإفريقي عدا السودان التي يعتبرها دولة معادية ، يؤكد متانة هذه العلاقات حجم الاستثمارات الإسرائيلية في جمهوريتي إثيوبيا وكينيا التي تقدر بمليارات الدولارات، كما أن تل أبيب أهّلت عدداً من اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) وضمتهم إلى سلكها الدبلوماسي والقنصلي من بينهم مديرة الإدارة الإفريقية في الخارجية الإسرائيلية، بلاينش زفاديا التي تم تعيينها أخيراً لتكون سفيرة لبلادها لدى أديس أبابا. جولة نتنياهو التي استهلها من أوغندا حيث أحيا بها الذكرى ال40 لعملية تحرير رهائن إسرائيليين (بينهم شقيقه)، توجه منها إلى كينيا للقاء الرئيس أوهوروا كينياتا لبحث ملفات التعاون العسكري والأمني، ومن ثم حط رحاله في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي كان من المنتظر أن يلقي بها خطاباً في مقر الاتحاد الإفريقي، إلا أن اعتراض المجموعة العربية التي تضم (9) دول إفريقية على استقبال نتنياهو بمقر الاتحاد، أفلح في عدم إقامة الندوة التي كان من المفترض أن يخاطبها، فاقتصرت زيارته على مقابلة الرئيس مولاتو تيشومي، وإلقائه (نتنياهو) كلمة في البرلمان الإثيوبي تعهد فيها بالعمل على دعم إثيوبيا بالتكنولوجيا للاستفادة من مواردها المائية في تطوير الزراعة. انعاش علاقات ويرى دبلوماسيون، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يسعى من خلال هذه الجولة إلى إنعاش علاقات بلاده مع القارة الإفريقية؛ من أجل ضمان دعم دول القارة السمراء لتل أبيب في المؤسسات الدولية، إذ إنها تتعرض لانتقادات مستمرة وحالة من العزلة؛ بسبب احتلالها للأراضي الفلسطينية وممارساتها على الأرض، إلى جانب أنشطتها النووية المثيرة للجدل. لا يغيب عن ذهن المتابع العربي تأثيرات زيارة نتنياهو للدول الأربع المعروفة بأنها (دول حوض النيل) لذلك يتخوف السودان ومصر من مآلات الزيارة نسبة للعلاقات والتعاون الإسرائيلي مع إثيوبيا في مجال المياه والسدود، ويعتقد مراقبون أن إسرائيل تهدف إلى ضمان توفير المياه على المدى الطويل عن طريق المساهمة في تمويل بناء السدود على نهر النيل وهو ما ترحب به دول الحوض. حمل نتنياهو في جعبته عدداً من المحفزات والإغراءات للجانب الإفريقي من ضمنها موافقة الحكومة التي يرأسها على افتتاح مكاتب للوكالة الإسرائيلية للتنمية الدولية في الأقطار الأربعة التي من المفترض أن تشملها زيارته.. هذه الوكالة تتبع بشكل مباشر لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وتُعنى بتقديم خبرات تكنولوجية وفنية للدول المستهدفة حسب الاتفاقيات. أيضاً خصصت الحكومة الإسرائيلية ميزانية بقيمة 13 مليون دولار لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون مع هذه الدول في مجالي الأمن والصحة، ويهدف نتنياهو من اصطحابه ل80 من رجال الأعمال الإسرائيليين إلى زيادة حجم الاستثمارات، خاصة في قطاع الاتصالات والزراعة والسدود أثيوبيا الأهم في أديس أبابا، المحطة الأكثر أهمية لنتنياهو، لدورها المحوري واحتضانها لمقر الاتحاد الإفريقي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين عن ترحيب بلاده بعودة إسرائيل إلى الاتحاد بصفة مراقب، هذه العودة من المنتظر أن تجد اعتراضاً شديداً من قبل الدول العربية الإفريقية على الأقل. يحدث هذا الاختراق الإسرائيلي للأسف، والدول العربية تظل غائبة من إفريقيا رغم قربها منها جغرافيا، لإنشغال العرب بأزماتهم المتمثلة في الملفات الشائكة (السوري، اليمني، الليبي، العراقي)، إلى جانب مواجهة تنظيم داعش، مع أن الدور الإسرائيلي لا يقل خطورة عن هذه الملفات بالنظر إلى أهمية القارة السمراء إستراتيجيا. وكالعادة جامعة الدول العربية غائبة عن المشهد كله نظراً للحالة الصعبة التى تمر بها فى عهد امينها الجديد احمد ابو الغيط .