لا يزال عقرب الساعات مستعدًا لمغادرة مكانه عند الحادية عشرة ظهرًا عندما خطت "كلارا" الزوجة العشرينية بقدميها المنهكتين من عناء البحث عن حل مجاني لأزمتها مع زوجها "حسين. ح" الذي أذاقها المرار خلال زيجتها التي لم تتجاوز العامين - بحسب روايتها - باب محكمة أسرة الهرم. كانت الزوجة العشرينية ترتدي ملابس سوداء محتشمة تشبه ملابس الحداد، وتتحايل على شحوب وجهها بأحمر خدود، وخطوط رفيعة من كحل أسود أحاطت بها عيناها، وبعد ساعات من التنقل بين مكاتب وأروقة المحكمة استقرت أمام باب زجاجى معلق علية لافتة بيضاء مكتوب عليها "مكتب المساعدات القانونية". تقول الزوجة الشابة في دعواها التي حملت رقم 293 لسنة 2019 : "كنت أظن أن زواجي منه سيريحني من حياة التشرد والخوف التي عشتها بعد انفصال والدي عن أمي وأنا لا أزال في الثانية عشر من عمري، وسيعوضني عن حنان أبي الذى لم أره تقريبا منذ 8 سنوات، واحتواء الأم التي خصصت كل وقتها لحياتها الجديدة وأولادها من زوجها الثاني، وأسقطتني تقريبًا من حساباتها، وكانت تتحيَّن أية فرصة لتتخلص مني ومن مسئولياتي، ربما كانت تريد أن تتخلص من أي شيء يذكِّرها بوالدي، الذى أساء إليها، وكأنها تريد أن تنهي علاقتها تمامًا بالماضي، لكنها دفعتني بأفعالها إلى إلقاء نفسي في أحضان أول رجل تقدَّم لخطبتي، وأوهمني أن رزقه وفير، وأنه سيوفر لي حياة كريمة ومستقرة دون أن أتأكد من صحة وعوده، وصدق كلماته أو أتحرَّى أثره". تتثاقل الكلمات على لسان الزوجة العشرينية وهى تسرد تفاصيل حياتها القصيرة التى لم تدم إلا لعامين: "وما أن أُغلق علينا باب بيت واحد حتى اكتشفت أن ما قاله لي قبل الزواج لم يكن سوى كلمات معسولة ووعود زائفة، واصطدمت بقلبه القاسي ولسانه السليط ويده الطائشة التي كانت تطالني لكماتها بسبب وبدون سبب، وبدأت أرى بوضوح ملامح وجهه الذي يكره العمل كالعمى، ولا يسعى فى مناكب الأرض بحثًا عن الرزق كباقي الرجال، يعمل يومًا ويمكث في البيت كالنساء شهرًا، ويتركني أطرق باب القريب والغريب طلبًا للعون والمساعدة، ولم يبالِ الأهم أن أوفر له ما يحتاج، وأدفع إيجار الشقة، وكأنني مكتوب عليَّ أن أعيش دائما فى شقاء". تكمل الزوجة الشابة روايتها بصوت يرتجف:"ولأنني لا أملك رفاهية الاختيار مابين البقاء معه أو تركه خاصة بعد أن رزقني الله بطفلة منه "ليلى" التي تخطو خطواتها الأولى في عامها الأول، فضَّلت الصمت وصبرت لعل حاله يتغير لكن تمادى فى طغيانه وكسله، وعندما أبديت استيائي من جلسته في البيت واخبرته أن اليد البطَّالة نجسة، وأن العمل أفضل عبادة كان الضرب والتعنيف جزائي فلم أتحمل هذه المرة وتركت له البيت عائدة إلى بيت أمى وأصريت على طلب الطلاق رغم معارضتها الشديدة فلجأت إلى القضاء كي يخلصني من زوجي الهمجي الكسول".