لا فرق كبيراً بين المصريين والأتراك في الطبائع والسلوك والطرقات، الذي يعيش بين الاتراك من المصريين لا يجد فرقاً كبيراً بل هناك لغة تواصل تجمع بين المصري والتركي خاصة فيما يتعلق بظروف المعيشة، فكما نجد فقراء في شوارع القاهرة يتسولون نجد ذلك في اسطنبول التركية. وكما نجد مصريين «فهلوية» في تصرفاتهم نجد نفس الشأن بين الاتراك وهم يتفوقون علي المصريين في «الفهلوة».. غالبية الشعب التركي يشكو الفقر مثل معظم المصريين المطحونين الذين يجدون قوت يومهم بشق بالأنفس والعمل في أكثر من مكان لتوفير أساسيات الحياة الضرورية. لكن هناك فرقاً مهماً بين المصريين والاتراك، هذا الفرق يتمثل في حب الاتراك للعمل والتفاني فيه والالتزام به، ولذلك جاء مشروع النهضة التركي متوجاً لحب الاتراك للعمل ومن هنا بدأت بشائر العمل والانتاج تعود علي الشعب التركي بتنمية حقيقية بدأ يشعر بها الفقراء والبسطاء وبدأت النهضة التركية من استغلال كل المساحات الزراعية في الانتاج كما هو واضح في مدينة كونيا وقامت حكومة أنقرة بإشعار المواطن المطحون بتغيير حقيقي في مستوي معيشته.. وبدأت تركيا نهضة كبري في تصدير الملابس الي معظم دول العالم بأسعار تجعل شعوب هذه الدول المستقبلة لها تقبل عليها لانخفاض سعرها وبجودة عالية جعلت تركيا تدخل في تنافس حقيقي مع الصين. ما الذي جعل تركيا تبدأ هذه النهضة في حين ان مصر مازالت تقف «محلك سر» بدون أي تقدم يذكر رغم ان مصر بها من الموارد الطبيعية ما يجعلها تتفوق علي تركيا في هذا الشأن؟!.. الاجابة عن هذا التساؤل تأخذنا بكل تأكيد الي عصر الظلام الذي عاشته مصر. علي مدار عقود طويلة أيام حكم النظام السابق البائد الذي خلف لنا فئة قليلة جداً تتحكم في رأس المال وباتت هذه الفئة هي المستفيد الاول والاخير من أية مشروعات تقتصادية تقوم بها، حتي العمالة التي كانت تعمل لدي هذه الفئة لا نأخذ إلا الفتات من الرزق الواسع الذي تحصده هذه الطائفة.. ولذلك لم يشعر المواطنون بأي تغيير في حياتهم إلا للمزيد من الفقر والبؤس وحياة الضنك والاصابة بجميع أمراض الحسرة والالم. وهذا كان أحد أسباب قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير التي طالب فيها المواطنون بحياة آدمية كريمة.. ورغم مرور عامين أو أقل علي الثورة لم يشعر المواطنون بأي تحسن أو تغيير.. صحيح أن المدة غير كافية الإجراء تحسن ملحوظ علي حياة الناس، إلا أن الامور يجب أن تتغير طبقاً لمفهوم الثورة الذي يركز علي العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة للمواطنين. الاتراك الذين بدأوا نهضتهم لم يستغرقوا كثيراً في إظهار نتائج النهضة علي حياة مواطنيهم، وقد التقيت شاباً تركياً ذكر لي أن له اثني عشر أخاً وكانت حياتهم بائسة جداً وبسبب مشروعهم الاقتصادي ظهرت نتائجه علي مثل هذا الشاب، وبدأ يمتلك أكبر محلات اسطنبول في تجارة الملابس.. الذي أقصده وأعنيه هو ضرورة أن يشمل أي مشروع نهضة للمصريين أن تعود آثاره علي جموع الشعب المصري، لا أن يتم احتكار ذلك علي طائفة بعينها كما فعل النظام السابق وتعود الفوائد والمنافع فقط علي هؤلاء ويظل المواطن المصري يزداد فقراً وتزداد حالة الغيظ وآلام الناس. في مصر الثورة والتي قام بها الشعب المصري يجب أن تعود آثار ونتائج الخير علي الشعب.. صحيح ان حوالي 18 شهراً مرت علي الثورة في خلافات سياسية، انتهت بتجربة ديمقراطية أنتجت انتخاب رئيس مدني لكن يبقي أن يتحقق حلم المصريين في الحياة الكريمة وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء تماماً علي فئة قليلة بعينها تستفيد من أي مشروع اقتصادي.. حلم المصريين الذي تحقق في قهر النظام البائد وإسقاطه ينقصه أن تتحقق المعيشة الكريمة.. وهذا هو الفرق بين مصر وتركيا.