منذ دخل اليهود القدسالشرقية واحتلوها عام 1967م، وهم يتشبثون بالحائط الغربي للمسجد الأقصي، وهو حائط البراق، ويسمونه زورا وبهتانا «حائط المبكي» مدعين أن هذا السور من بقايا الهيكل اليهودي الذي هدم قبل الميلاد، والذي يبحثون عن أي أثر له منذ الستينيات، من خلال حفرياتهم بالقدس القديمة، ولم يعثروا حتي الآن علي ذلك الأثر الذي يثبت للعالم أنه كان لهم هيكل في هذه البقعة المباركة. ورغم أنهم فقدوا الأثر إلا أنهم أصروا علي بناء كنيس لهم تحت المسجد الأقصي وسماه البعض «هيكلا»، وخرج علينا مفتي القدس بهذا النبأ الفاجع منذ أيام، مؤكدا أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي قامت خلسة ببناء هذا الكنيس اليهودي تحت الحرم القدسي الشريف وأن ذلك البناء تم تحت غطاء قيام دائرة الآثار الإسرائيلية بفحص المكان والتنقيب عن أثريات وجود ما يسمي (هيكل سليمان) المزعوم. وقال مفتي القدس إن الإسرائيليين استغلوا البوابات الكبيرة التي أقيمت في الجهة الغربية من المسجد الاقصي في العام 1996 التي توصلهم الي النفق القديم وقاموا بأعمال حفريات ووسعوا خلالها النفق، ومن ثم شرعوا في بناء الكنيس، وأدخلوا مواد البناء والآليات بشكل سري من خلال هذه البوابات والنفق. فماذا فعلتم أنتم يا من تملكون الأثر؟.. وأي أثر؟.. أنه المسجد الأقصي المبارك أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسري رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ماذا فعلتم لحماية أقصاكم من الهدم البطيء الذي تمارسه إسرائيل منذ حرب 67 لمحوه من الوجود؟.. الصهاينة لا يملكون أثرا في القدس ولا دليلا واحداً علي وجود أثر من قبل، ومع ذلك يبنون كنيسا لهم، وأين هذا الكنيس؟.. ليته في مكان بعيد عن الأقصي، بل تحت أسواره ومبانيه، لكي يثبتوا للعالم كله أنهم يملكون أرض الأقصي وما تحتها، وأن مسجد المسلمين زائل لا محالة بفعل أي هزة أرضية، ويومها لن يجد المسلمون حتي حائطاً واحداً من أقصاهم يبكون علي أطلاله، ويصبح «حائط مبكي» لنا، نقف أمامه ونبكي علي ذنبنا الكبير في التفريط في الأقصي وتركه يتعرض لجريمة الهدم والتخريب علي أيدي اليهود أبناء القردة والخنازير. ربما يقول قائل إن هذا اليوم لن يأتي، ولكن أقول إنه في ظل هذا الضعف والتخاذل العربي والإسلامي، سوف يحدث هذا وربما أشد منه، طالما تركنا اليهود يعيثون في أرضنا ومقدساتنا فساداً وتخريباً، ولم يجدوا رادعا إسلاميا قويا يكسر شوكتهم ويردهم الي صوابهم ويخلص المقدسات الإسلامية من شرهم ودنسهم. إن المسجد الأقصي أصبح في وضع جد خطير.. وإذا لم يتحرك العالم الاسلامي تحركا عاجلا لدرء هذا الخطر، فسوف نصحو جميعاً في يوم من الأيام علي فاجعة انهدام المسجد بفعل هذه الحفريات والمباني التي أقيمت تحته. فلو تتبعنا الأحداث التي مرت بالمسجد الأقصي منذ عام 67 وحتي اليوم سنجد أن السلطات الإسرائيلية كانت تبارك وتؤيد كل المحاولات التي جرت لحرق المسجد ونسفه وتفجيره، والتي تبلغ العشرات، بل إن حاخام الجيش الإسرائيلي «شلومو جورن» حرض أحد جنرالات حرب يونيه 1967 علي نسف المسجد الأقصي وقبة الصخرة أثناء الحرب، ولكن عناية الله للمسجد حالت دون ذلك. وعندما فشلت محاولات الحرق والنسف والتفجير بدأت الحفريات في الحرم القدسي تحت سمع وبصر الحكومة الإسرائيلية وبإشراف وزارة الأديان، لكي يتهدم الأقصي ببطء ويفاجأ العالم الإسلامي بانهياره نتيجة خلخلة أساساته وتفريغ التربة من تحتها، ولا تكلف إسرائيل نفسها استخدام الجرافات ومعاول الهدم التي تثير العالم كله ضدها وتثبت جريمة الهدم عليها. لقد جهز اليهود أنفسهم منذ سنوات لبناء هيكل سليمان الثالث علي أنقاض المسجد الأقصي، فوضعوا مجسماً للهيكل، وجهزوا أحجار البناء ومعداته وجمعوا التبرعات المطلوبة لذلك، وأنشأوا المعاهد الدينية لإعداد الكهنة الذين سيقومون علي خدمة الهيكل، وأقاموا المدارس الدينية التي تخرج أجيالا يهودية تتفاعل مع الهيكل وتستخدمه، وهناك العشرات من المنظمات والهيئات اليهودية المتطرفة التي تتبني قضية الهيكل وتسعي لوضعها في حيز التنفيذ. وهذا الكنيس الذي بنوه اليوم في غفلة من المسلمين تحت الأقصي، ربما يكون هو النواة الأولي لهيكلهم الكبير، الذي سوف يستكملون مبانيه فوق الأرض يوم ان ينجحوا في إزالة الأقصي كلية من الحرم القدسي المبارك.. وهذا هدف سيكون سهلا أمامهم إذا ظللنا نحن المسلمين علي ما نحن عليه من الغفلة والضعف والهوان، نشغل أنفسنا بتوافه الأمور ولا نهتم بعظائمها.. ومن يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام. فهل يدرك المسلمون هذه الأخطار الجسيمة التي يتعرض لها أقصاهم المبارك ومسري رسولهم الكريم وأولي القبلتين وثالث الحرمين، ويعملوا جاهدين علي إنقاذه من أيدي الصهاينة المغتصبين قبل فوات الأوان؟!