رشوان توفيق: سارح فى ملكوت الله

لا أخاف الموت.. وعلمت أولادى معنى الالتزام
عندما مات ابنى قلت «إنا لله وإنا إليه راجعون».. ورحيل زوجتى أمر قاسٍ
«العلايلى» و«أبوزهرة» أهم أصدقائى.. وشكرى سرحان والمليجى ويحيى شاهين كانوا مثلى الأعلى
أعود للسينما فى فيلم «خيال مآتة».. وأحمد حلمى فنان ملتزم وموهوب
يحمل الفنان القدير «رشوان توفيق» بين ضلوعه قلباً من ذهب، يمتلك فلسفة التخلى عن الأشياء لا يحب الصراعات أو الدخول فى حروب بلا قيمة، يؤمن بأن السلام النفسى يمنح الإنسان قوة ويخلق له مكاناً فى قلوب كل الناس.
يشهد له الكبير والصغير فى الوسط الفنى بأنه فنان مثالى وإنسان رائع الخصال، فقد أخلص وأدرك أن الفنان الحقيقى هو القادر على تصحيح أوضاع خطأ وعلاج أوجاع الناس بأعمال فنية جادة وموضوعية، ومن يتأمل أرشيف الرجل مستحيل أن يجد عملاً يدعو للخجل، كل أعماله تحترم وعى المتلقى وتعالج قضايا شائكة.
منذ أيام فقد الفنان الكبير رشوان توفيق زوجته التى رحلت عن الحياة بعد صراع مرير مع المرض، وظهرت علامات الحزن والأسى على ملامح الرجل، فقد رحلت عنه رفيقة عمره التى لازمته لحظات حلوة وأخرى مرة ومؤلمة، يقول رشوان توفيق إنه فقد أغلى إنسانة فى حياته وأنه رغم رحيلها يشعر بأنها ما زالت موجودة معه وأن صوتها وابتسامتها ما زالت تملأ أرجاء منزله.
لم يكن رحيل الزوجة الصدمة الوحيدة التى تعرض لها رشوان توفيق فى حياته فقد عاش لحظات صعبة عندما رحل ابنه «توفيق» وهو فى الأربعين من عمره، وعندما سمع الخبر تماسك أمام الناس وقال بوجع شديد «إنا لله وإنا إليه راجعون»
التقينا بالفنان الكبير الذى تحدث عن مشوار حياته ومراحل الانكسار والألم التى مر بها، وكشف كيف أسس أسرته وعلم ابنتيه «هبة وآية وتوفيق» وتحدث أيضاً عن علاقته بالجيل الحالى من نجوم الوسط الفنى.
ما الحكمة التى اعتمد عليها الفنان الكبير رشوان توفيق طوال حياته؟
- أنا إنسان بسيط ومتعلق بالله، تعلمت الإخلاص فى عملى وتعلمت أيضاً من خلال نشأتى الطيبة أشياء جميلة مثل الرضا والقناعة، عندما بدأت مشوارى الفنى، كنت أذهب إلى مكان التصوير فى الموعد المحدد وكنت أيضاً أذاكر دورى بشكل جيد حتى لا أسبب خسائر للمنتج وهذه الأمور جعلتنى ممثلاً وإنساناً ملتزماً وحريصاً على شغله.
هل كان تأسيس اسرة رائعة وملتزمة أمراً صعباً بالنسبة لك؟
- يقولون دايما إن الأبناء يرثون من الآباء، فقد ورث أولادى «توفيق الله يرحمه وهبة وآية» عنى الالتزام الشديد، وقد ساعدتنى زوجتى الراحلة فى ذلك، كانت إنسانة رائعة ودائمة الحديث عن الحكمة والخير ولذا نشأ أبنائى نشأة طيبة ونجحوا أيضاً فى اعمالهم وهذا مصدر سعادتى، وفضل كبير من الله سبحانه وتعالى.
هل عرف الفنان رشوان توفيق معنى الغيرة ذات يوم، وهل حلمت بدور الفتى الأول على الشاشة؟
- الحمد لله أشعر بالرضا عن نفسى ومؤمن بقضاء الله دائما، كما قلت فى بداية حديثتى دائما أعمل بجد ولا أعرف الكسل والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، طبيعى أن أحلم، أى إنسان طبيعى يغازله الحلم، ولكن كل شىء بقدر، الأمر المهم أننى أعمل وأترك التوفيق والنجاح لخالق الكون وواهب النعم.
فى حياة كل إنسان مثل أعلى يؤثر فى حياته.. ما هو مثلك الأعلى؟
- بكل تأكيد فى حياتى نجوم اتخذت منهم مثل أعلى وقدوة فى كل خطواتى ومنهم «محمود مرسى ويحيى شاهين وشكرى سرحان» كانوا نجوماً فى منتهى الأدب والذوق هذا بالإضافة إلى امتلاكهم الموهبة الحقيقية التى تؤهلهم للعبور إلى قلب ووجدان المشاهد العربى فى كل مكان، وقد رحل هؤلاء النجوم الكبار وتركوا خلفهم ميراثاً كبيراً من الأعمال الرائعة ورصيداً كبيراً فى قلوب الجماهير، وتأكد تماماً أن الإنسان عندما يخلص لفنه ويحترم جمهوره يفوز بحب الناس ويعشش فى قلوبهم ومهما مرت الأيام وتعاقبت السنوات لا يقل هذا الرصيد.
فى رأيك ما الفرق بين الجيل الجديد والحيل الحالى؟
- لكل جيل سماته وظروفه، ولكن يجب ان اعترف بأن هذا الجيل الجديد رائع وموهوب ويبذل جهداً كبيراً، وأنا فخور بأننى انتمى إلى الجيل القديم الذى ضم رشدى أباظة وشكرى سرحان، وفخور أيضاً بالجيل الحالى الذى يدرك أن النجومية مسئولية وان الفن رسالة.
كيف كانت حياتك بعد مرض زوجتك التى عاشت معك اسعد واصعب لحظات العمر؟
- أيام صعبة ومؤلمة فقد تركت كل شىء وتفرغت لرعايتها فقط، كنت اشعر بسعادة بالغة عندما أسعدها بشىء وكنت اقدم لها الطعام والورد يوميا، كانت إنسانة عظيمة وتستحق الوفاء والحب والتقدير، لا أبالغ إذا قلت أننى مهما فعلت من أجلها، كنت أشعر بالتقصير، ربنا يرحمها ويسكنها فسيح جناته، تقدم بى العمر ولا أخاف الموت ولكن الفراق أمر مؤلم وقاس.
وكيف تلقيت خبر رحيلها عن الحياة؟
- مرضت زوجتى فترة طويلة، وكنت بجانبها وأعرف صعوبة حياتها وكنت خائفاً من هذه اللحظة لأننى أدرك أن الحياة بدونها صعبة قاسية جدا، تألمت لرحيلها ولكن الله سبحانه وتعالى يلهم الإنسان الصبر ويمنحه القوة التى تسمح له بالتعامل مع قسوة ومرارة الحزن.
فى عزاء زوجتك، حضر عدد كبير من نجوم الجيل الجديد، كيف نجحت فى خلق هذا الود والحب مع جيل الشباب؟
- عندما تخلص للعمل وتخلص أيضاً فى علاقاتك مع الناس سوف تحصد الحب
والاحترام، كنت سعيداً بحضور الشباب عزاء زوجتى والوقوف بجانبى فى حزنى وبالتحديد الفنان احمد حلمى الذى أفتخر به جدا فهو إنسان ملتزم وفنان جميل وأدعو له دائما لأنه يستحق كل الخير.
لو عادت عجلة الأيام إلى الوراء هل تغير مشوارك وتختار مجالاً آخر بعيداً عن الفن؟
- طبعاً لا، لو عادت الأيام إلى الوراء سوف أدخل الوسط الفنى وأتبع نفس المنهج الذى صنع اسم رشوان توفيق وخلق له مكانه فى قلوب الناس.
ما أبرز المحن التى تعرضت لها وكيف تمكنت من عبورها؟
- رحيل ابنى «توفيق» فقد رحل وعمره 40 سنة، كانت صدمة كبيرة لكن قلت إنا لله وإنا إليه راجعون، وقرأت القرآن الكريم كثيرا، وهذا ساعدنى على عبور المحنة رغم صعوبتها وقسوتها، المحنة الثانية هى وفاة زوجتى، كانت المودة والرحمة أساس علاقتى بها ولذا عشت معها أجمل أيام العمر ونجحنا فى تكوين عائلة رائعة، واحمد الله كثيرا على نعمة الزوجة والأولاد والنجاح وحب الجمهور.
عودة إلى رشوان توفيق الفنان.. لماذا لم تتوهج فى السينما بنفس قدر نجاحك فى الدراما التليفزيونية؟
- قدمت فى السينما أعمالاً مهمة وحققت نجاحاً كبيراً ومنها فيلم «جريمة فى الحى الهادئ» وحصلت على جائزة أفضل ممثل دور ثان فى هذا الفيلم، كما شاركت فى بطولة أفلام مهمة مثل «الملاعين، القانون لا يعرف عائشة»، ولكن ابتعدت عن السينما عندما ظهرت موجة أفلام المقاولات، فضلت الانسحاب عندما أدركت أن الصناعة تغيرات وأن أموراً كثيرة طرأت على السينما، رفضت أعمالاً كثيرة لأنها لا تتفق مع قناعاتى ومبادئى وفضلت العمل فى الدراما التليفزيونية.
من هم أصدقاء عمرك الذين تجمعك بهم ذكريات طيبة؟
- عزت العلايلى والمخرج الراحل احمد توفيق والفنان الكبير عبدالرحمن أبوزهرة، تجمعنى بهم صداقة حقيقية وبيننا مواقف طيبة من الصعب أن تسقط من وعاء الذاكرة مهما مرت الأيام، وتعاقبت السنوات.
بعد تخطى الثمانين من العمر هل تغيرت شخصيتك وطرأت عليك سمات جديدة؟
- طبيعة وتركيبة الإنسان لا تتغير، أنا مؤمن بأن الإنسان ابن بيئته وتربيته هى التى تتحكم فى تكوينه لذا لا يتخلى قط عن الأشياء التى تعلمها منذ الصغر وشكلت شخصيته ويظل حتى الممات محتفظاً بسماته وتركيبته.. لكن إذا سألتنى عن حالتى الشخصية فسوف أعترف بأن الشيخوخة طالت كل حتة فى جسمى ولكن دائما أقول الحمد لله أننى أستطيع المشى والحركة.
هل توجد مشروعات فنية جديدة؟
- أشارك الفنان أحمد حلمى فى فيلمه الجديد «خيال مآتة» وأظهر ضيف شرف ويظهر معى عبدالرحمن أبوزهرة ولطفى لبيب والفيلم من تأليف عبدالرحيم كمال، وأتمنى أن ينال رضا واعجاب الجمهور.
كيف ترى حال السينما والدراما التليفزيونية؟
- بصراحة شديدة كنت حزيناً لأن الدراما فى مصر مرت بمرحلة صعبة والسينما أيضاً ظهرت فيها موجة غريبة لكن أشعر منذ عامين بأن السينما بدأت تسترد عافيتها وأصبح لدينا أفلام حلوة يلتف حولها الجمهور كما أن الدراما بدأت تتحسن فى النصوص والإخراج.
سيرة ذاتية
1933 ولد الفنان رشوان توفيق فى حى السيدة زينب بمدينة القاهرة
29 عدد الأفلام التى قدمها على شاشة السينما
196 إجمالى عدد الأعمال الدرامية على شاشة التليفزيون
1969 ابتسم له الحظ والتقى بسندريلا الشاشة العربية سعاد حسنى فى فيلم «نادية»
7 مسرحيات قدمها على خشبة المسرح القومى
1967 حصل على جائزة التمثيل دور ثانٍ لفيلم جريمة فى الحى الهادئ
2000 فقد الفنان الكبير نجله توفيق البالغ من العمر 40 عاماً
2019 عرف طعم الحزن ووجع الفراق للمرة الثانية بعد رحيل زوجته